نحن والصحافة الالكتروبية….!..............هاوار كاكه يى
واذا نظرنا الى الصحافة من الزاوية المهنية ، فان كوادرها الاساسين والقائمين عليها يجب ان تتوفر لديهم دراية وخبرة كافية ، اضافة الى الثقافة المعريفية والمعلوماتية لشتى شؤون الحياة العامة : الادبية واللغوية والتاريخية والجغرافية والبيئية والاقتصادية حتى الاحوال السياسية والاجتماعية والفكرية السائدة والغابرة .
ان ملاحقة الاخبارو رصد الاحداث وتحليلها واعادة صياغتها بشكل منسق وصحيح ونشرها للمتلقى ليكون على بينة تامة عما يدور حوله وما يحدث على كوكبنا كل يوم وما توصلت اليها البشرية من تقدم علمى حضارى ، ياتى من صلب مهام الصحافة والاعلاميين .
يجمع الباحثون بان الكورد عرفوا الصحافةالمطبوعة لاول مرة عام 1898م ، عندما اصدر بدرخان ورفاقه صحيفة " كوردستان " فى القاهرة باللغتين الكوردية والتركية .
ارتبطت الصحافة الكوردية منذ ظهورها بنمو وتطور حركة التحرر الوطنى الكوردى ابان وبعد الحقبة العثمانية لاسيما بعد ظهور جمعيات وتنظيمات وشخصيات ثقافية وسياسية الى ميدان الكفاح فى سبيل انقاذ الامة المغلوبة على امرها والعمل ضدالمحتلين و الاضطهاد القومى والتخلف والجهل والفقر .
فالحياة الصحفية لم تزدهر فى البدايلت فى القرون الماضية بسبب انعدام الحريات العامة والفردية وانتشار الامية وقلة المدارس فى معظم اقاليم ومناطق كوردستان وضعف الوعى القومى، وصعوبة المواصلات بين المدن والقصبات وندرة المطابع ومستلزمات الطبع وعدم وجود دورالنشر والتوزيع والتسويق وتدنى الاحوال المعيشية للجماهير الكوردية وشيوع اللغة التركية فى المدارس وفى الدوائر الرسمية وفى جميع مرافق الدولة العثمانية وولاياتها وامصارها مما ادت هذه العوامل وغيرها الى قلة الكادرالصحفى والكتاب والمهتمين بالثقافة والصحافة الكورديتين فى تلك الحقب .
ويمكن القول بان الصحافة الكوردية ولدت يتيما ، ووسط حالة بؤس ومعاناة واضطهاد بغيض وقسوة الاعداء ، لولا دخول اعلام الفكر من اصحاب الاقلام النيرة والجريئة والرواد الاوائل معترك الحياة السياسية والثقافية ودفعهم عجلة التقدم الى الامام لما اصبحنا اصحاب صحف ، وهؤلاء تحدوا الاعداء اذ واصلوا مسيرة كفاح الكلمة فى احلك الظروف ، ورفعوا راية النضال والثورة عاليا ، رغم المعوقات والمشقات وشراسة الاعداء والطامعين بصمود الرعيل الاول من هؤلاء العظام و.جهودهم الحثيثة ظهرت الى الوجود العديد من الصحف والمجلات والمطبوعات الكوردية فى مختلف اجزاء كوردستان ،وقطعت اشواطا مهمة وتخطت جميع مراحلها الصعبة بنجاح وجدارة ، وخاصة فى العقود الثلاث الاخيرة المنصرمة.، وتكاملت الصورة سريعا وازدهرت كما ونوعا وانتماءأ ،الى ان اصبحت جزءا من حياة الامة وعنوانا من عناوين حاضرنا فى الالفية الثالثة .
الا ان دخول شبكة الانتربيت على الخط جاء مبكرا بفضل التحولات والتغييرات التى اطالت العالم ، وفى مقدمة تلك التحولات تأتى الثورة المعلوماليةالهائلة التى قربت بين الامم والقارات والثقافات الى حد كبير عن طريق ما يسمى اليوم ب " العولمة ".
ان هذه الثورة المعلوماتية السريعة والمذهلة استجابت لها صحافتنا الوطنية ، وفى الحقيقة احدثت نقلة نوعية وطفرة ملموسة فى بنيتها و مسارها وتكنيكها وطريقة عملها حيث التعامل يجرى هنا آليا لاكلاسيكيا ورقيا ، وهذه هى اوجه الخلاف بين الثنائتين .
وهنا لابد الاشادة الى انتفاضة ربيع عام 1991م ،التى بدورها افرزت تغيرات هامة وشاملة وايجابية فى مجمل مناحى الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع وللجيل الجديد ، حيث وفرت الانتفاضة ولاول مرة اجواء أ من الحرية والتعددية والديموقراطية لكافة مواطنى كوردستان بغض النظرالى انتمائهم القومى او الدينى والروحى وكذلك استقلال اقليم كوردستان عن المركز " الظل الثقيل " والكابوس المرعب ...اضافةالى انفتاح الاقليم على العالم الخارجى واتاحة فرصة السفر والتنقل ونقل الخبرات، وظهورقنوات الفضائيات والموبايل والفاكس والكومبيوتروغيرها من وسائل الاتصال السريع التى اصبحت فى متناول الجميع .
ان بروز الناشئة - وهى رصيد الامة – كقوة فعالة فى المجتمع واخذها بناصية العلم والتكنولوجيا ،انخرطها وبحرية وذاتية فى الحياة العملية والاكاديميةالتى وفرتها لها حكومة وبرلمان كوردستان وقيادتها السياسية رغم محدودية امكاناتها المادية والمعنوية جراء تراكمات الماضى البغيض التى خلفها النظام الديكتاتورى الدموى وفرض حصارين ظالمين على شعبنا طيلة فترة ما قبل سقوط الطاغية ،ساهمت هذه المؤشرات والطاقات من قبل المهتمين والمخلصين بتطوبر الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والامنية فى البلاد مما مهدت هذه المؤثرات مجتمعة بظهور الصحافة الالكترونيةالكوردية فى داخل الوطن وخارجه ، يديرها ويقف وراءها عقل وفكر كوردى خلاق ، بات يحرق الزمن ليلحق بالركب الحضارى الانسانى بشغف وحماس .
لا شك ان الشبكة العنكبوتية - كما يسميها البعض- يسرت كثيرا من الامورفى عالم صحافتنا الوطنية للناشر وللمتلقى معا ، وبقليل من الجهد والوقت والكلفة ولجميع مراحل العملية الانتاجية – الصناعية –المتكاملة من : تحريروتبويب وتصميم واخراج وطبع وتوزيع الى آخره .
لا تقف وظيفة الصحيفة الالكترونية عند حدود ثابتة مقولبة ، بل تتعدى برامجها وخدمتها الى مساحة ارحب واشمل فى الحياة العامة للناس ولللافراد وخصوصا فى مجال التجارة والصناعة والسياحة التعليم والجامعات والاسواق وفى الدعلية والترويج والاعلانات الفنية والرياضية والترفيهية ، ولبرامج الاحزاب ومنظمات المجتمع المدنى ودوائر الدولة والطيران ...الخ.
ويمكننا القول بان اغلب الصحف اليومية والاسبوعيةوالمجلات والدوريات الكوردية الصادرة داخل كوردستان لها مواقع انترنيتية يمكن تصفحها بسهولة بمجرد الدخول المجانى الى تلك المواقع او ارسال الموضوعات اليها ، وبمعنى آخر انها صحافة مزدوجة " ورقية وآلية " مثلا على ذلك : جريدة التآخى ، الاتحاد ،هه ولير، الصوت الاخر ، ئه فرو ، هاولاتى وغيرها وبلغات شتى ، اضافة الى مواقع القنوات التلفزيونية والفضائيات ومواقع اخرى كبيامنير وشبكة صوت كوردستان وخه ندان وكوردستان نيت وهكارى نيت وعفربن وغيرها .
وتأسيسا مما تقدم يمكن الجزم بان الصحافة الالكترونية باتت تنافس الصحافة الورقية ، ولكنها ليست بديلا عنها فى الوقت الراهن ،ليس فى كوردستان فحسب بل فى جميع اصقاع المعمورة ، وعليه فان الكورد ورغم ما حل به من ظلم وتأخر وعسف من قبل الاعداء فى الماضى ، فانه لم يعد يغرد خارج السرب ،او يقف خارج دائرة المعرفة والتطور ، باعتبار الثروة المعلوماتية ملك للجميع ونحن جزء من هذا الكوكب الشاسع ،نتفاعل مع حركة الحياة ونندمج فى صيرورتها بوعى وادراك تامين ، لاننا كائن حى وجزء من المنظومة البشرية ونرفض الوقوف على التل مادمنا نعشق الحياة باحلى صورها ومعانيها ، مادام وجودنا ومستقبلنا فى ايدينا ، ولطالما لنا وطن اجمل من الدرر ومن نجوم السماء فى الليالى الداكنة .
وعلى الرغم من ظهورهذا الكم الهائل من المواقع الالكترونية ، الاعلامية منها بالذات ، الا هناك مآخذ وملاحظات على بعضها ولا سيما تلك التى تدار خارج الوطن وغالبا لها كتاب او مخبرون فى الداخل ايضا، لخروج تلك المواقع عن نهج مهنةالصحافة وابتعادها عن مفهوم التسامح والوحدةوبثها ثقافة الحقد والبغضاء نابعة عن جهل او دراية ، وفى المحصلة لا تخدم توجهات حقوق الانسان واحترام الاخر وتبادل الاراء على اساس الحوار والافهام المنطقى بعيدا عن اساليب البلطجمة والاقصاء والصاق التهم والنعوت المشينة فى المجتمع الكوردستانى الجديد اينا كان موقعه ودوره فى الحياة الاجتماعية والسياسية او الثقافية بدعوى حرية الراى او ما شابه ، فان لكل فرد كرامته لا يمكن التشهير به ، وان هذه الاساليب المشينة المنافية للخلق الكريم تقع تحت طائلة القانون والجناية المقصودة حسب التشريعات القضائية المعمولة بها فى كافة بلدان العالم .
والصحافة بنمطها الورقى والالى مهنة مقدسة غايتها التوجيه والتوعية والرقابة والنقد الهادف البناء للمجتمع ،بعيدا عن اسلوب المهاترات والابتذال الرخيص.
وبودى ان اسجل هنا اعجابى لتفانى النخبةالواعية العاملة فى الحقل الاعلامى والتى تعى مسؤوليتها المهنية والقومية وتؤدى رسالتها بما يرضى ضميرها اذ تصب جهودها فى خدمة وطنها ومستقبل بلادها على النقيض من فئة تمسك بالعمل الصحفى لبث سموم الفرقة والبغضاء بين سطور كلاماتها وتقاريرها وتهاجم المسؤولين والشخصيات الرسمية وقادة الاحزاب ورموز الفكر والسياسة والدين بحجة محاربة الفساد ،وانا اتفق مع بعض ما يدونونه ان كانت صحيحة ،ولكن الطرح يجب ان يكون سليما واصوليا ، لان الفساد آفة العصر ، لاخلاف استئصالها من جسد مؤسساتنا الرسمية والسياسية والاجتماعية كى لا نكون صرعى لهذا الداء الخطير .
ان المسؤولية الاخلاقية والمهنية السامية لا تحبذ تأجيج المشاعر وتوجيه سهام الحقد والكراهية ضد مؤسساتنا الدستورية لان هذه الوسائل تخدم الاعداء ، لاننا جميعا نبحر فى سفينة واحدة " موالاة ومعارضة ومستقلين " ،وكلنا يسمع هدير الوطن فى داخله كل لحظة ، والعقل الذى لايصقله شعاء المعرفة ، ولا يتحلى بالخلق النبيل لايفيد الاخرين .والكلمات كالازهار لها الوانها وعبيرها ....