• Sunday, 22 December 2024
logo

الازدواجية

الازدواجية
حسين فوزي

عند كتابة الدستور، كانت الفقرة رابعاً من المادة 49: "يستهدف (الصحيح لغوياً يهدف) قانون الإنتخابات تحقيق نسبة تمثيل لا تقل عن الربع من عدد اعضاء مجلس النواب" قد استغرقت أطول فترة زمنية حتى احيلت بالأخير إلى تسوية يحسمها الشيخ همام حمودي ود. فؤاد معصوم.

وقد حسم الشيخ حمودي صياغة هذه الفقرة المتعلقة بدور نصف المجتمع العراقي، فالعديد من "الإسلاميين" في لجنة صياغة الدستور اصروا ان تكون الفقرة إنتقالية لدورتين نيابيتين، لكن الشيخ وفقاً لتوثيق د. معصوم، حسم الأمر بقبوله الفقرة الدستورية مطلقة.

وجاءت هذه الفقرة الدستورية منسجمة مع القيم المعاصرة بشان دور المرأة وقرارات المؤتمر العالمي للأمم المتحدة بشأن النوع( الجندر)، لكنها ما زالت معلقة عملياً في الهواء، ومن معالم هذا التعليق أن حتى غالبية النائبات من الربع النسائي لمجلس النواب يصوتن مع كل اجراء يعزز انحسار دور المرأة في الحياة العامة، بشكل خاص في إدارة الدولة ومؤسساتها السياسية.

وحالياً تتدارس اللجنة القانونية مشروع قانون الأحزاب، وبعض اعضاء اللجنة طرحوا مقترحاً بشأن ضرورة أن يكون ربع قيادات الاحزاب المتقدمة للترخيص من النساء، وهو مقترح سليم من حيث إستلهام واضح للدستور، ناهيك عن حقيقة البعد الاجتماعي في الحرص على إشراك المرأة في قيادة المجتمع إنسجاماً مع طبيعة دورها في العائلة والعديد من الخدمات الرئيسة، بدءاً من التعليم والرعاية الطبية حتى القضاء والإدارة وأخيراً القوات المسلحة والأمنية.

لكن المؤسف هو أن بعض "التقدميين" يتخذون موقفاً مغايراً لما تعلنه احزابهم وتحالفاتهم السياسية، بل تتناقض مع ما كانوا يرددونه أمام زوجاتهم وبناتهم و"غيرهما".

إن الإعتراف بدور المرأة في صنع القرار السياسي، معلم رئيس من معالم الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وبغيره فأن الحديث عن الدولة المدنية مجرد شعارات، لإن إقصاء المرأة عن تولي مسؤولياتها في صنع القرارات المصيرية المتعلقة بحاضرنا ومستقبلنا يتعارض مع طبيعة دورها العملي في الحياة، وينبع هذا التعارض من معايير متخلفة تتوهم أن المرأة اضعف من الرجل بدنياً واكثر خضوعاً للعوامل العاطفية، وهي معايير غير موضوعية، ذلك ان البحوث العلمية لا تنتقص من قدرات المرأة ، إن لم تكن هناك دراسات علمية تقول بما هو عكس ذلك تماما، وكونها رحم الحياة من معالم هذه القوةً. اما فيما يتعلق بالعواطف الإنسانية الصادقة فأنني اعتقد بأننا فعلاً بحاجة إلى عواطف المرأة لتلطيف حدة الطروحات والتعاملات العدائية التي تسود، فمشاعر الأمومة والأخوة واالعواطف النسائية ضرورية لتخلصنا من جدب التشنج والتطرف السائد، وفقاً لما تردده السيدة مونا سالين زعيمة الحزب الإشتراكي الديمقراطي السويدي.

واخيراً فأن من معالم الدولة المدنية دور قيادي للمرأة، ومن معالم السلم الآهلي والبناء مشاركة المرأة في صنع القرار بترحيب الرجال، والعكس بالعكس، فالازدواجية تدمر وشائج مجتمعنا.
Top