• Sunday, 22 December 2024
logo

صعب جدا أن نعود إلی الوراء

صعب جدا أن نعود إلی الوراء
بقلم: بسار شالي

عندما يکون هدفنا في إقليم کردستان العراق هو البناء والإستثمار والتطور والتقدم نحو مستقبل مشرق وأفضل تکون حقوق الأجيال القادم مضمون فيه، وعندما نضع أستراتيجية قريبة وبعيدة المدی من أجل رفع المستوی المعيشي للفرد الکردستاني ورفع مستويات التعليم والصحة والخدمات والبنی التحتية ومستوی تفکير وتطلعات الفرد الکردستاني، تكون أنظار الحاقدين للتجربة الكردستانية أكثر تركيزاً لإيجاد ما من شأنه إفشال هذه التجربة، وعندما يکون هدف الإقليم هو إيجاد مکان مناسب بين الأمم والدول المتقدمة وبين الصفوف المتقدمة من تلك الدول التي تحترم إرادة مواطنيها وحقوقهم والتي هي نابع بکل تأکيد من احترامها لحقوق الإنسان بشکل عام وفهمها لقيم ومبادئ الديمقراطية، وعندما بدأت حكومة إقليم كردستان بإستراتيجية تنقيب وإستخراج النفط وأثبتت نجاحاً واضحاً علی أرض الواقع في بناء وتقدم وإعمار کردستان وأعطتنا قوة مهمة علی الصعيد العالمي والإقليمي، بدأ الحاقدون في تسريع الخطى نحو كل ما هو ممكن لكبح جماح الكرد وإبطاء سرعة التقدم في الإقليم.

إذاً لدينا قصة نجاح حقيقية في إقليم کردستان على الرغم من أن تجربتنا هذه مازالت في طور التكوين، وما يدعو للسرور والإعجاب هو البحث الدائم من قبل حكومة الإقليم والأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني، لايجاد أحسن وأنجح الطرق لمعالجة المشاكل التي تعيق مسيرة هذه التجربة، وأغلب العراقيل التي تعترض وتعرقل هذه المسيرة مع الأسف تصدر من الحکومة الإتحادية التي لا تفوت فرصة واحد إلا وتضع وتبتدع جملة من المشاكل والعراقيل في طريق هذه المسيرة وتحاول التقليل من شأن تطور وإنجازات إقليم کردستان، وهي تقوم بذلك بخطوات مدروسة ومحسوب بدقة.

يبدو أن المسؤولين في بغداد لا يفقهون لحد الآن أنه من المستحيل أن يعود الأوضاع في العراق إلى الوراء أو أن يعود نحن الكرد إلى الوراء، أي إلى قبل العام 2003، لذلك فإن ما يقوله رئيس مجلس الوزراء في الحكومة المركزية ولن أقول الإتحادية، بأنه لن تحدث مواجهة عسكرية بين الجيش الإتحادي وقوات البيشمركة، تتنافى تماماً مع أفعال وتحرکات بغداد العملية في هذا المجال أي إرسال القوات العسكرية إلى المناطق المستقطعة من إقليم كردستان (المناطق المتنازعة عليها) دون التشاور والتنسيق مع قيادة قوات البيشمركة، وهذه التحركات خطيرة ومفزعة بحق لأهالي تلك المناطق، وأعتقد بأن رئيس الوزراء يعني ما يقوله، اي أنه يعمل وبإتقان من أجل هدفين مهمين، الأولی: هو البقاء في السلطة بأي شکل کان لأن ميزانية العراق يغري المرء بجنون في بلد الفساد مستشري فيه حتى النخاع، والثاني: أمتلاك أسلحة قوية وفعالة بهدف إخافة خصومه وإخافة شعب كردستان ويستعملها کوسيلة ضغط ضده، ومن جهة أخری لضمان سيطرت بغداد علی جميع الأراضي المتنازعة عليها، وبالنتيجة سوف يکون من المستحيل تطبيق المادة 140 من الدستور بهذه العقلية، لکنني أرجح بأن أمتلاك بغداد لأسلحة قوية وفعالة تصب في خانة الأوراق الضاغطة علی إقليم کوردستان العراق مثل العديد من الأوراق الضاغطة الأخری التي أوجدتها بغداد للضغط والمساومة ضده.

صحيح ما قيل أن "الغريق لا يخشی البلل"، وأن دم بعض الشعوب ربما تکون رخيصة عند قادتهم، لکن دم أولاد وشباب وبيشمرکة کردستان غالية لا تقدر بثمن إلا بتراب کردستان، وهذا معلوم لدى أعداء وأصدقاء الشعب الكردي، وأن عمليات الذراع العسکري لبغداد في المناطق المستقطة والتي تسمی اليوم قيادة عمليات دجلة (الإستفزازية) والتي لا يهمها خراب أو تدمير المنطقة سوی السيطرة علی الأرض، والسبب معروف هو أن المتضرر الوحيد هم الکرد لأن غالبية سکان تلك المناطق هم من الکرد، وعلى حكومة الإقليم والقيادات السياسية الكوردستانية أن لا تسمح بأن تصل الأمور إلی حد الإصطدام المباشر مع تلك القوة، والعمل بالأساليب والطرق العصرية وبالمفاوضات وبإبراز قوتنا أيضا المتمثلة بالعديد من الأشياء التي لايتصورها الطرف المقابل وبالمفاهيم الحديثة حيث أن قوة الدولة لايتمثل في السلاح فقط بل يتعداه إلی أشياء عديد أهما وحدة الصف والکلمة...

ولمواجهة الأوضاع الحالية لابد من الإصرار وبکل عزم علی أسترجاع کل ذرة تراب من أرض کردستان إلی أحضان الوطن کما نفعل مع عظام ورفات شهدائنا المؤنفلين الخالدين، وأن نحافظ وبکل إصرار وعناد علی ما تحقق في کردستان من إعمار وبناء وأن نستمر في بناء مستقبل مشرق لنا ولأجيالنا القادمة، وأن نقدس ونحرص علی دماء البيشمرکة وقواتنا المسلحة، ونحرص على هذه الدماء كما فعل قادتنا من قبل... وهنا أود أن أشير إلی حادثة وقعت في بداية ثورة أيلول المجيدة، حيث وقع أحد أفراد قوات البيشمرکه وكان اسمه (بحري نيروه يی)، أسيراً في يد القوات العراقية بإحدی المعارك، وقوات البيشمركة بدورها أسرت ثلاثة ضباط من الجيش العراق، وما إن علم الزعيم المرحوم ملا مصطفی البارزاني بخبر وقوع أحد من البيشمرکة بيد القوات العراقية حتی أظهر أستعداده بمبادلة الضباط الثلاثة بذلك البيشمرکة، وأمر مرافقيه بإجراء أتصالاتهم لهذا الغرض، في هذه القصة الکثير من الدروس والعبر، وهکذا کنا وسوف نکون
Top