الكرد والعراق، أيهما بحاجة الى الآخر؟
وبقدر تعلق هذا الامر بالعراق كدولة متعددة القوميات والاعراق ، نرى ان تأريخ الكرد كقومية اقدم من تأريخ العراق ككيان سياسي حديث ومستحدث ، هذه الحقيقة يعيدنا الى بدايات العقد الثاني من القرن المنصرم ، عندما الحق ووفقاً لسياسات الاحلاف والمحاور الاستعمارية جزء من الوطن الكردستاني والقومية الكردية بالعراق الذي تم رسم حدوده وفقاً لرغبات الدول الكبرى وعلى حساب الشعب الكردي بعد ان حولوا هذا الشعب المظلوم الى اقلية وحرموها من حقوقها القومية والانسانية ، ومنذ ذلك اليوم تكونت اول علاقة بين تأريخ الكرد السياسي وتأريخ العراق السياسي الحديث ، ولاشك في ان العلاقة السياسية التأريخية تلك لم تكن قط علاقة سليمة لان الشعب الكردي أجبر على الآندماج بالعراق قسراً وحرم من حقوقه القومية وتعرض في اطار هذه الدولة لابشع واخطر الكوارث الانسانية ، لذلك يمكن القول ان التأريخ السياسي للكرد في اطار الدولة العراقية كان ولحين سقوط الدكتاتورية تأريخاً دموياً صنعته الانظمة السياسية المتعاقبة على كراسي السلطة في بغداد وكان مليئاً بالمأسي والمظالم المرتكبة بحق الكرد وفي عقر داره ، وبذلك ظهرت على الساحة السياسية العراقية طرفين ، طرف ظالم مثله الانظمة والحكومات الانقلابية العربية العراقية وطرف مظلوم مثله الشعب الكردي ، ومن هذين الطرفين تبلورت مضمون وشكل المعادلة السياسية العراقية غير السليمة وغير المتساوية عبر عقود طويلة من الزمن ، مايؤسف عليه هو ان الحكومات تلك كانت تتجاهل حقيقة ان تثبيت ركائز والاستقرار السياسي في العراق لم يكن ليتحقق عبر القفز على حقوق وتطلعات الشريك الوطني اي (الشعب الكردي) . وتناغماً مع نهج الحكومات العراقية ومنذ الايام الاولى لالحاق كردستان بالعراق بدأ الكثير من الكتاب الشوفينيين العرب بتشويه الحقائق امام الرأي العالم العراقي والعربي عبر تصوير الكرد على انه القومية التي يجب ان يكون دائماً بحاجة ماسة الى العراق وحكومته المركزية المستبدة وليس العكس ، وهكذا تم نسيان حقيقة ان عدم ايجاد الحلول للقضايا القومية في الدول المتعددة القوميات ، هو الذي ادى ويؤدي الى تقسيم وتفكك وزوال الانظمة الشمولية المركزية التي تصادر الحريات الديموقراطية وتقع الانسان وتعيش على حساب مأسي الشعوب . ان الوقت قد حان لان يدرك شركاء الكرد السياسين الذين لازالوا يقيمون الاستحقاق الكردي في العراق تقييماً ضابياَ والذين لازالوا يتعاملون ومع الاسف ، مع الواقع الكردي كتكتيك مرحلي لاجتيار المأزق ثم العودة الى المربع الاول كالحكومات العراقية السابقه ، لابد ان يدركوا ان الحقوق الدستوريه والقومية والسياسية للكرد في اطار العراق اضافة الى كونه تحرك حضاري بأتجاه تثبيت ركائز الاستقرار السياسي في العراق ، فانه من جهة اخرى خطوة بأتجاه ضمان مستقبل العراق ككيان سياسي موحد قادر على معايشة مفاهيم الديموقراطية والتحضر ، من هنا لابد للجميع ان يدريكوا انه واذا مااستطاعت اغلبية قومية او اقلية قومية ان تحتكر السلطة في العراق المتعدد القوميات وتصادر الحقوق القومية والمذهبية والحريات السياسية والفردية للمكونات الاخرى ولاكثر من ثمانين عاماً ، فأنه وفي هذا العصر ، عصر الصحوة القومية وحقوق الآنسان والديموقراطية وتكنولوجيا المعلومات ، من المستحيل ان ينجح هكذا اسلوب بائد في التعامل مع مقدرات ومستقبل الشعوب . وتأسيساً على كل ذلك يمكن القول ، انه لايوجد امام العراق المتعدد القوميات والمذاهب والاعراق غير طريقين لا ثالث لهما ، فأما القبول بمبدأ الاعتراف بالاخر في اطار عراق ديموقراطي فيدرالي موحد ضامن لحق المواطنة المتساوية المدعوم دستورياَ او قبول تقسيم العراق برحابة صدر . ومع كل هذا وذاك ارى ان النظام السياسي في العراق واذا مااراد ان يضمن حق المواطنة المتساوية لكل مكونات الشعب العراقي فأن بأمكانه ايصال العراق الى بر الامان والطمأنينة ، واذا لم يتجه النظام السياسي العراقي بهذا الاتجاه ، فأن العراق سيبقى كياناً ضعيف البنيان وسهل الاختراق تنخر به الازمات والمشاكل وبهذا سيكون دائماَ بحاجة الى الكرد كطرف مهم من اطراف المعادلة العراقية وليس العكس.
عبد المجيد زنكة