• Sunday, 25 August 2024
logo

انتخابات كركوك وتطبيق المادة 140

انتخابات كركوك وتطبيق المادة 140
عبد الهادي مهدي*

الدستور في جميع دول العالم يؤدي الوظيفة نفسها حسب التعاريف المتعارف عليها ، والدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة، بعد الاتفاق على الدستور واقراره يعتبر خارطة الطريق يجب الالتزام به وعدم التجاوز عليه بخرق بنوده اوالانتقائية في الاختيار حسب الاهواء ولايجوز خرقه من قبل السلطات وعلى هذه السلطات احترام الدستور لانه هو السند الشرعي لوجودها. ويؤدي إلى تأكيد مبدأ المشروعية ومبدأ تدرج القواعد القانونية وخضوع القاعدة الأدنى درجة للقاعدة الأعلى درجة. كما أن الاختصاصات التي تمارسها السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مفوضة لهم بواسطة الدستور، فلايحق لها تفويض اختصاصاتها لجهة أخرى إلا بنص صريح من الدستور، وان كان البعض من بنوده لاينسجم مع المرحلة بالامكان تعديله وفق الاليات المتعارف عليها والمحددة في الدستور ذاته، الان وبعد تحديد موعد اجراء انتخابات مجالس المحافظات، تاتي انتخابات كركوك الى الواجهة مجددا، وهناك من يحاول اثارة المشاكل ان صح التعبير من خلال اطروحات بعيدة عن الواقع بغية عدم اجراء الانتخابات فيها اسوة بالمحافظات الاخرى لغايات باتت معروفة ولايمكن حجبها، الاشكاليات والسجالات الحالية التي تجري سببها عدم الالتزام بالدستور وتحديدا المادة (140) وعدم تنفيذها في المدد التي تم تحديدها، تطبيق هذه المادة الدستورية وفق ماورد في المادة (58) من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية ادى الى تفاقم مشكلتها والمؤسف ان اللجنة التي شكلتها الحكومة والتي تسمى لجنة تنفبذالمادة 140، بالاضافة الى اللجنة التي شكلها مجلس النواب للغرض ذاته لم تستطيع الوصول الى نتائج بسبب عدم الجدية من قبل السلطات الاعلى من هذه اللجان في تطبيق الدستور، في هذه الحالة لايجوز ترك كركوك ان تخضع الى اهواء البعض الذي لايريد تطبيق المادة 140 ولايريد اجراء التعداد العام للسكان ولايرغب في اجراء انتخابات مجلس محافظتها اسوة بالمحافظات الاخرى والانصياع لرغبات هذه الفئة لايؤدي الى بناء العراق بل العكس ماهو الا تنفيذ لاجندات قد يكون القسم الاكبر منها خارجية وبالتالي السعي لخلق حالات التوتر بين مكونات هذه المحافظة.

من يريد ان يكون صادقا في طروحاته امام الراي العام من حيث النسبة السكانية او غيرها عليه ان يلتزم حرفيا بما ورد في الدستور ويدعو الى تطبيقه، وليس التستر خلف ادعاءات كاذبة والاستقواء بالخارج، وهذه دلالة ضعف واضحة لاصحابها الذين لايرون انفسهم سوى في خلق الازمات، لان الاجواء الصحية بعد تنفيذ بنود الدستور ستكشف زيف ما يقولون وبالتالي ليس بامكانهم مواجهة الراي العام وقاعدتهم التي تتركهم وحيدين في الساحة.

كركوك وغيرها من المناطق المشمولة بالمادة 140 لابد من وضع الحلول لها لانهاء الاشكاليات كافة، والتساؤل لماذا كركوك فقط هكذا؟ الاجابة معروفة ولاتحتاج الى اي تفسيرات لان هناك من يريد ان يجعلها بؤرة للتوتر ومصادرة حق مكوناتها في تحقيق مصيرهم بموجب الدستور، ورغم كل الاشكاليات التي يخلقها البعض فان المادة الدستورية يجب ان تطبق عاجلا ام آجلا ليس لمصلحة مكون على حساب المكونات الاخرى وانما نزولا عند رغبة سكانها ولاجل بناء العراق الجديد.

المطلوب الان تكثيف الجهود لاجراء انتخابات مجلس محافظة كركوك اسوة بالمحافظات الاخرى بخطوات عملية مدروسة، والانصياع لمنطق العقل المتمثل بتطبيق الدستور وليس الانصياع لرغبات من لايريد مصلحة العراق اولا ومن ثم مصلحة كركوك.

*نائب رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد" البغدادية
Top