• Sunday, 22 December 2024
logo

خبر لافت ومهمة مستحيلة

خبر لافت ومهمة مستحيلة
مرّ خفيفا وسريعا وخجولا، بأسبوع ماقبل العيد ، قرار”خبر” مجلس رئاسة الوزراء، القاضي بتوجيه الوقفين الشيعي والسني بضرورة خفض اصوات المكبرات في الجوامع والحسينيات وضبط جهوريتها المبالغ فيها بالآذان وبغير الآذان، خبر برأيي لافت، لم يأخذ حقه من الاهتمام الاعلامي برغم مافيه من جرأة نوعية غير دارجة ولاتتفق مع السياق العام الذي بات يغلف حياة الوطن، وهو سياق ديني/سياسي واجتماعي منفلت وضاغط لايتفق مع الدين أولا بوصفه قيمة روحانية خصوصية تستدعي الصفاء والتأمل والهدوء.

وثانيا بوصفه سياق يتعارض مع الاسباب الجمالية والذوقية التي تستدعيها الحياة المتحضرة والشروط المدنية التي تستدعي كذلك تنظيما مناسبا .

ربما تسهم مثل هذه القرارات الرسمية ايضا لو انفتحت اكثر ولو كانت ملزمة ونوايا تنفيذها صادقة بالتراكم على الاقل، في تشذيب كثير من العادات والممارسات الشعبية السلبية التي الصقت بالدين زورا وبهتانا حتى تخيلها صانعوها او مخترعوها حقا منزلا ، وثم صارت عند الاتباع والعوام من الشعائر الدينية الثابتة او من صفات الدين وطقوسه الباتة، ساهم في ذلك قطعا طول فترة السبات التي ظللت العقل وصنعت بالتالي حشدا شعبويا صلدا لايقبل بغير مااعتاده أو ما وجد عليه نفسه. تراكم الجهل بالتتابع فغاب الوعي، قلت المعرفة وضعفت الحجة فسادت طبقة تتاجر بشعائر هي ليست من الدين في شيء ولاتزيده ذوقا ولا منفعة.

يفترض ونحن بهذا الخصوص، ان النخبة الدينية والسياسية مسؤولة (مسؤولية تأريخية معطلة) عن زحزحة، او تحريك كثير من الصخور الصغيرة واقتلاع كثير من الاوهام في طريق الناس الطويل الى الله، وهو مايحتاج اليه حقل الايمان الصافي الفردي الاقل ضجيجا والاكثر عمقا، خلاف دين التحشيد والصخب والصوت العالي والاستعراض المبيت. ذاك يحتاج تأملا وعمقا في العلاقة مع الله ، وهذا لايقوم الا على الحماس المفرط والتمظهر والجهر.

هل نبدأ بخفض أصوات مكبرات الآذان قليلا في الجوامع والحسينيات ، وصولا لفحص اصوات الطقوس الدخيلة نفسها أوضبط فوضاها واحتواء مزاجيتها، هذه مهمة رهيبة صعبة تحتاج لعقل فذ ونادر، اجدني حقا “متشائما” أن نصل لذلك في وقت قريب، لكن ربما. أتمنى ذلك، لاأدري!

*سكرتير تحرير صحيفة "الاتحاد" البغدادية
Top