• Sunday, 22 December 2024
logo

الصراحة والتهدئة

الصراحة والتهدئة
عمران العبيدي

تراكم وعلى مدار السنوات السابقة كم هائل من المحاور والقضايا السياسية والتي كانت تدار وتناقش وتثار عندما يتطلب الوضع السياسي إثارتها، وأصبح ذلك من ضمن ادوات اللعبة السياسية واسلوب الشد والجذب، وكل ذلك كان ينخر في جسد البناء السياسي العراقي الذي بني على مرتكزات هشة لانها بنيت وفقا لسياسة ترحيل الازمات وكان ذلك واحدا من اسباب اتساع الهوة بين اطراف العملية السياسية، وكان الخطأ واضحا في ادارة الازمات حينما كان الامر يدار عبر الفضائيات ووسائل الاعلام التي تتلقف كل مايقال وهي تلهث وراء الخبرالمتميز، وهنا لانلوم وسائل الاعلام بالطبع بل اللائمة على من يستهويه الحديث في كل مايستحق او لايستحق بل انه يزيد ذلك بلهجته المتشنجة التي ترفع من مستوى اشتعال الحرائق.

لايمكن لاي حوار منتج ان يدار عبر الاثير ولايمكن للتصريحات الرنانة ان تنتج حوارا وطنيا متعقلا يبعث على الاطمئنان مثلما لايمكن للمجاملات السياسية ان تخلق لنا اساسات واجواء سياسية سليمة، لأن المجاملات تغلف المشاكل وتطليها بالدهان اللماع الذي سراعا ماتتكشف حقائقه عند اول احتكاك سياسي وكل ذلك ليس بحاجة الى دراسات للتأكد منه او الوصول الى نتائجه .

السياسة لاتبنى الا وفقا لمبادئ محددة وسياقات صحيحة تبنى على مبدأ الصراحة والوضوح وهذه الصراحة والوضوح تكون مشفوعة بمبدأ التهدئة السياسية التي تتخذ من الحوار السياسي المباشر منهجا دائما والابتعاد كليا عن مفردات التشنج الذي بإمكانه الإطاحة بأي حوار.

ان الوصول الى مرحلة النضوج السياسي بحاجة الى عقليات سياسية قادرة على استيعاب معنى اللعبة السياسية واحكامها وكذلك معرفتها بما يجوز استخدامه من مفردات وما لايمكن استخدامه وهي تتحدث الى وسائل الاعلام لأننا في واقع الحال وهذا ديدن الكثير من الساسة انهم لم يميزوا الى الان بين لغة النقد البناء الممنهج وبين التهييج والتشهير وافتعال الازمات.

التهدئة ستهيء الارضية اللازمة لبدء الحوار فيما الصراحة ستختزل لنا الزمن الذي يمكن ان يضيع جراء المجاملات السياسية التي لايمكن لها ان تبني وطنا بقدر كونها فلسفة سياسية اثبتت الوقائع والاحداث انها غير صالحة لبناء دولة حديثة ويبقى الاحتكام الى الدستور والقوانين المنفذ الحقيقي باتجاه الطريق الصحيح نحو إصلاح ماتصدع من بنية العملية السياسية .
Top