• Friday, 17 May 2024
logo

وفي ليبيا أيضاّ مقابر جماعية

وفي ليبيا أيضاّ مقابر جماعية
رجائي فايد
_pukmedia


أعلن في ليبيا مؤخراً عن اكتشاف مقبرة جماعية تضم رفات أكثر من 1270 أكثر من 1270 شخصاّ قتلتهم قوات معمر القذافي في سجن أبو سليم جنوب طرابلس عام 1996 ، وحسب شهود العيان الذين نجوا من هذه المذبحة وتحدثوا الى منظمات لحقوق الانسان فانه بدءا من فجر يوم 29 يونيو حزيران 1996 صف الحراس السجناء في أفنية سجن أبو سليم.وأطلق أفراد أمن يقفون على سطح السجن الرصاص من بنادق الية على السجناء قبل ان يستخدموا مسدسات من مسافات قريبة للإجهازعليهم.وكانت الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي اشعلتها احتجاجات ذات صلة بمذبحة أبو سليم. ففي فبراير شباط تظاهرت أسر السجناء الذين قتلوا هناك عام 1996 في مدينة بنغازي بشرق البلاد للمطالبة بالافراج عن محاميهم ،الذين اعتقلتهم كتائب أمن القذافي لمجرد أنهم يطالبون بالحقوق المدنية التي يستحقونها ، ولأن التظاهرات السلمية من المحظورات في أي نظام دكتاتوري ، فلقد جوبهت تلك التظاهرات بالحديد والنار والرصاص الحي فحدث ماحدث وسقط القذافي ، وهكذا سلط الله عليه حماقته لتلعب الدور الرئيسي في السقوط ،ويظل السؤال،ألا توجد وسيلة أقل وحشية من القتل الجماعي والقبور الجماعية ليحافظ الطغاة على كراسي حكمهم ؟ ، من قبله فعلها صدام حسين وظن أنه نجا ، لكنه حوكم وأعدم (صحيح أن ذلك كان على جريمة أخرى) وفعلها ميلوسوفيتش (مقبرته الجماعية كانت هينة) وحوكم دوليا ، فالعالم لم يعد يسمح بمرور جريمة ضد الإنسانية دون عقاب ، وهاهو القذافي مختبئاّ حتى اللحظة كالجرذ ، وملاحق من شعبه ، وهناك أمر دولي بإلقاء القبض عليه ليحاكم على جرائمه ضد الإنسانية، وحتماّ إن لم يقتل فسيتم إلقاء القبض عليه هو وأبنائه ، ليسلموا إلى المحكمة الدولية ،وأعود إلى السؤال ، ألم تكن هناك من وسيلة أخرى لإرهاب الشعب سوى تلك الوسيلة ، هؤلاء السجناء البؤساء الذين أوقعهم قدرهم في السجون ،ولاإرادة لهم على الإطلاق ، إذ لايملكون المقدرة على فعل أي شيء ،هم وديعة لديك ياقذافي ولديكم ياكل الطغاة ، ألا من وسيلة أخرى للعقاب غير تلك الوسيلة (هذا إن كانوا قد ارتكبوا فعلاّ يستحقون عقاباّ عليه) ،وأعتقد أن أي حل آخر يتطلب جهداّ مضاعفاّ ووقتاّ ،ومنطق إقناع ، وكل تلك أمور لايحتملها وقت الطغاة الثمين،فالقذافي(عميد الحكام العرب وملك ملوك أفريقيا) مشغول بنظريته الثالثة في الحكم ، وحديثه عن أن العصر هو عصر الجماهير ، وأنه لايحكم ليبيا ،إن شعب ليبيا من خلال لجانه الشعبية هو الذي يحكم نفسه بنفسه ، وكما قال في بدايات الإنتفاضة في إحدى خطبه للجماهير(أنا لاأحكم ليبيا ، ولو كنت أحكم لألقيت إستقالتي في وجوهكم) ، وهاهو الشعب الليبي الذي لايحكم تكتشف رفاته في مقبرة جماعية ضخمة،ومن قبل ارتكبها صدام حسين الذي لايوجد لديه من وقت لاتباع وسيلة أخرى لقمع معارضيه سوى القتل الجماعي والمقابر الجماعية ، كان مشغولاّ بالتنظير أيضاّ ، وشحذ الجهود من أجل تحرير فلسطين مهما كان الطريق الذي يسلكه للتحرير ، في مرة حاول أن يحرر فلسطين عن طريق طهران ، وفي المرة الثانية حاول من جديد ولكن عن طريق الكويت، وفي كل مرة دبجت القصائد وأنشدت الأناشيد تغنياّ بعبقرية القائد ، أي كابوس من النصب والدجل كنا نعيش فيه،وفي نفس السياق نذكر حسني مبارك الذي ربما يراه البعض الأقل شراّ من باقي طغاة المنطقة، ولكن الحقيقة كانت على غير ذلك ،صحيح هو لم يكن مشغولاّ بتأسيس نظرية ، ولم يزعم أنه فيلسوف يتحدث في كل شيء ، ولكن كانت هناك قبور في أقبية مباني أمن الدولة، كان يتحدث دائماّ ويتحدث حاملو مباخره على أن مصر تعيش في عهده أزهى عصور الديموقراطية، لكنه هامش ضئيل سمح به وبحساب لإخراج أبخرة الغضب حتى لاينفجر الوعاء ، لكن في ظل ذلك كان العقاب الصارم لكل من يخرج عن الإطار المرسوم، وكما حدث للصحفي رضا هلال الذي اختطف من أمام منزله في وسط المدينة ولا أحد يعرف ماذا جرى له حتى الآن رغم مرور أكثر من عشر سنوات على ذلك ، إن الطغاة مهما اختلفوا في التفاصيل يتفقون في العموم على أنه لايسمح إطلاقاّ بأي صوت قد يقترب من عروشهم ، ولابد من استعمال أقصى مايمكن من القسوة تجاه ذلك، وقالوا في الأمثال ( إضرب المربوط يخاف الطليق الحر) ، لكن وتلك رحمة وحكمة إلهية ،فإن حماقاتهم تتكفل بالإجهاز عليهم.
Top