• Friday, 17 May 2024
logo

التوازن الدستوري

التوازن الدستوري
عبدالستار رمضان
_pukmedia



من أهم النجاحات او المنجزات التي تحققت في العراق الجديد والذي ماعاد جديدا بعد مرور اكثر من سبع سنوات علي تغيير النظام هو الدستور العراقي الصادر عام 2005، والذي بالرغم من كل عيوبه
ونواقصه واللعب والتجاوز والانتقاء والاختيار الذي تمارسه اغلب الكتل والاحزاب السياسية في العراق لمواده ونصوصه المَتعبة، نقول بالرغم من كل ذلك يبقي الدستور الانجاز الواضح الوحيد في عراق ما بعد التغيير، بعد ان اختلط كل شيء وتحولت الكثير من المفاهيم والمبادئ والاشخاص وتغيرت الوانهم حسب الاهواء والمصالح والتكتلات وسياسة الكسب واغتنام الفرصة التي تعني فيما تعنيه في لغة ومفاهيم اغلب ساسة العهد الجديد هو اقتناص اللحظة الحاضرة بالمزيد من التربح والكسب دون حساب او عقاب، والذي يقف فيه الدستور (المسكين) شاهداَ ومؤيداَ لبعضهم علي البعض الآخر ليس بمنطق التطبيق والفهم الصحيح لنصوصه، انما بالاتفاقات والتوافقات وغض الطرف والسكوت والافلات من العقاب عن طريق الصفقات وحماية الاشخاص والاتباع لكل من يرتبط بهذا وذاك في عراق الضوضاء والفساد والارهاب.
ويمثل موضوع (التوازن الدستوري) احد المواضيع التي يجري تداولها هذه الايام والتي طرحتها مبادرة السيد مسعود البارزاني التي اثمرت تشكيل الحكومة العراقية الحالية بعد مرور عدة اشهر بعد اجراء الانتخابات. حيث قرر الاجتماع الاخير لقادة الكتل السياسية العراقية يوم الثلاثاء الثاني من آب علي مجموعة من القرارات منها (استكمالاً لتنفيذ ما تبقي من مبادرة الرئيس البارزاني تم الاتفاق علي تشكيل لجنة من نواب رئيس الوزراء):
أ ــ تحدد بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء مواضع الخلل في التوازن الدستوري علي مستوي مدير عام فما فوق في دواوين الوزارات وما يقابلها في الوزارات الأمنية خلال شهرين. ب ــ تقوم اللجنة اعتماداً علي نتائج المسح بوضع آلية مناسبة لرفع الخلل وبشكل لا يضر بالمواصفات والأصول الادارية). لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ان التوازن الدستوري له سند في الدستور او القانون؟ لقد اشار الدستور العراقي الي موضوع التوازن في المادة التاسعة منه والتي نصت علي:
اولاً ــپأ ــ تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييزٍ او اقصاء، وتخضع لقيادة السلطة المدنية، وتدافع عن العراق، ولا تكون اداةً لقمع الشعب العراقي، ولا تتدخل في الشؤون السياسية، ولا دور لها في تداول السلطة.
اي ان الدستور اشار الي القوات المسلحة وضرورة تحقيق التوازن فيها بحيث لا تسيطر او تستأثر كتلة او مكون ما علي المناصب القيادية فيها، وبما يحقق الهدف الذي سعي اليه الدستور من توزيع وتقسيم السلطات وعدم تمركزها او تسلط مكون او شخص بما يمهد او يؤديي الي عودة الحكم المركزي التسلطي والذي يناقض هوية النظام السياسي العراقي الذي وصفته المادة المادة الاولي بانه جمهورية العراق دولةٌ مستقلةٌ ذات سيادة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ اتحاديٌ.
لكن من المهم الاشارة الي ان التوازن في تولي الوظائف والمناصب لا يوجد له سند دستوري او قانوني لان الاصل في الوظيفة العامة هي خدمة مقابل اجر وتخضع لقواعد واصول سارت عليها الدولة العراقية منذ انشائها، اما في الواقع الحالي فقد تم تسييس كل شئ واصبح الاجراء الاول لاي مسؤول (وزير او مدير عام..الخ) هو افراغ المكان الذي يتولي مسؤوليته من كل لون او فكرلا يوافق اتجاهه، وهذا ما سبب ويسبب بخسارة لا يمكن تعويضها حيث تتراجع العناصر الكفوءة والمهنية علي حساب وصول عناصر لا تملك الا الولاء والتلون بلون الكتلة او الطرف الاقوي في العملية السياسية. نحن نتمني ونأمل ان يكون التوازن الدستوري خطوة لاعادة العدل المفقود الذي تشعر به بعض الاطراف والمكونات التي تم تغييبها وابعادها بكل الطرق عن تولي اي منصب او موقع مؤثر في الدولة العراقية وليس طريقة لتشريع وتقنين الظلم الموجود.


قاضي الادعاء العام
Top