• Friday, 17 May 2024
logo

من نوادر الزعيم الذي كان.....

من نوادر الزعيم الذي كان.....
رجائي فايد
_pukmedia

في الأيام الأولى للثورة الليبية قال القذافي عن الثوّار وسط سيل من الشتائم إنهم أطفال يضعون لهم حبوب الهلوسة في الحليب، ويشرب هؤلاء الأطفال الحليب ويتصرفون وفق أوامر أسيادهم دون أن يعرفوا شيئاّ عما يفعلون، وضحك العالم، وفي أحد مؤتمرات القمة العربية خطب في الرؤساء مطالباّ بالتحقيق في إعدام صدام حسين، وقال للرؤساء سيأتي الدور عليكم جميعاّ، وضحك الرؤساء والملوك والأمراء، فقال، أنتم لاتسمعون الخارج يسمع أفضل من الداخل، واستمروا في الضحك، وقد حكى لي أحد رجال الأمن المصري هذه الحكاية، في إحدى زياراته للقاهرة نزل في قصر الطاهرة، وهذا القصر يقع وسط كتلة سكانية كثيفة مما يجعل مهمة حمايته أمراّ صعباّ، لكن القذافي بتصرفاته العجيبة جعل من تلك المهمة أكثر صعوبة، إذ نصب خيمته الشهيرة في حديقة القصر، ينام فيها ويمارس حياته ويتوضأ من طست كما كان يفعل الأجداد، متناسياّ أن الأجداد كانوا يفعلون ذلك لأنهم لم يعرفوا خطوط المياه وصنابيرها، وأن التمسك بقيم الأجداد ليس معناه التمسك بتقاليدهم التي لم تعرف وسائل الحياة الحديثة، لكن تلك هي عقلية الزعيم، ولنا أن نتصور منظره وهو يجلس القرفصاء أمام طست وهناك من يصب على يديه الماء من إبريق، كل ذلك تحت بصر الجيران، الذين حتما كانوا يضحكون، في يوم قرر أن يتوجه جنوباّ إلى أفريقيا وأطلق على نفسه لقب ملك ملوك أفريقيا، وراح يستقبل زعماء أفريقيا ويغدق عليهم من أموال الشعب الليبي المسكين، وارتدى ملابس منقوش عليها خريطة أفريقيا، وعندما حاوره مفكر مصري كبير وقال له، إن الإنتماء ليس جلباباّ نبدله بآخر وقتما نشاء، رد على هذا المفكر الكبير متهماّ إيّاه بالجهل، وابتسم المفكر الكبير، في حين أن كل من شاهد الحوار مسجلاّ على أشرطة فيديو فيما بعد لم يكن أمامه سوى أن يضحك، وخلال تأييده لأي حركة في العالم دون تفكير سواء كانت تلك الحركة ثورية أم إرهابية، فقد أعلن تأييده لثوّار أيرلندا، وتأييد القذافي معناه دعماّ بالمال، وكان رد الفعل الطبيعي لذلك هو الأسى والحسرة على أموال الشعب الليبي المسكين والتي تهدر بسفه يميناّ ويساراّ دون تبصر، والعجيب أن من يبعثر تلك الأموال يزعم أنه لايحكم ليبيا وأن ليبيا تحكمها الجماهير الليبية!!.

وقد حكى لي صديق قيادي بإحد الأحزاب التحررية، أن القذافي استقبله مع رفاقه بطرابلس، وكان حديثه كله تأييداّ للحركة التحررية التي يمثلها، وعند الخروج من لقاء القذافي فوجىء الصديق بلافتة لم تكن موجودة عند الدخول، اللافتة مكتوب عليها إحدى حكم الكتاب الأخضر(مانيفستو الثورة الليبية)، وهي (من تحزب خان)، وضحك صديقي، وفي يوم أعلن أمام العالم كله بأنه بصدد شراء قنابل ذرية، وضحك العالم فالسلاح النووي ليس سلعة معروضة للبيع لمن يمتلك المال، وعندما اشتد الحصار على ليبيا نتيجة لتصرفاته، رضخ وفي وضع مهين لكل شروط الغرب، فسلم المتهمين في جريمة لوكيربي، والعجيب أنه كان يلوح لهما بقبضة القوة وهما يتجهان إلى سلم الطائرة، ثم قدم صاغراّ أكبر تعويضات في التاريخ، لضحايا لوكيربي، ثم قام بتدمير ما لديه من أسلحة دمار شامل، ليس هذا فحسب بل قدم أسماء العلماء الأجانب الذين تعاونوا معه، ونتيجة لذلك حوكم العالم الباكستاني عبدالقدير خان، كل هذا وهو مصمم على التلويح بقبضة القوة، وبإرادة فردية منه في الوقت الذي يزعم فيه أن العصر هو عصر الجماهير، وأن ليبيا ذات البضعة ملايين هي الطليعة العالمية لهذا العصر، تحكمها الجماهير الليبية، وقد كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات يطلق عليه لقب (الولد المجنون بتاع ليبيا).

ومما يذكر أن القذافي عرض على المهندس عبدالحكيم جمال عبدالناصر بعض أعمال المقاولات في ليبيا، ولم يقبل عبدالحكيم العرض السخي نتيجة لنصيحة السادات (إذا قبلت العرض فسيأتي يوم ينقلب عليك ويشهر بك)، وإذا استرسلنا في ذكر كوميديات الزعيم الذي كان لما اتسع المجال إلى ذلك، فهي كثيرة، وأعتقد أنها ستكون موضوعات ثرية لمسرحيات وأفلام كوميدية مستقبلية.
Top