مهنة المتاعب في يوم حريتها
_الاتحاد
الثالث من آيار من كل عام هو اليوم العالمي لحرية الصحافة ، وهو فرصة للاحتفاء بالمبادئ الأساسية والنبيلة لحرية الصحافة، ولتقييم حرية الصحافة في هذا العالم الذي أصبح قرية كونية في متناول الجميع بفضل التطور التكنولوجي ، و أيضا يشكل هذا اليوم منبرا للدفاع عن وسائل الإعلام أمام الهجمات التي تُشن على استقلاليتها كسلطة رابعة في البلد ودورها كبير في صناعة الرأي العام.
ويأتي تحديد هذا اليوم بعد أن أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 48/432 المؤرخ 20 كانون الأول 1993 يوم 3 أيار- مايو- يوما عالميا لحرية الصحافة. ومنذ ذلك الحين يُحتفل في هذا اليوم في كل عام بالذكرى السنوية لإعلان ويندهوك بناميبيا الأفريقية. وتدعو وثيقة الإعلان لوسائل إعلام مستقلة وحرة وقائمة على التعددية في جميع أنحاء العالم، معتبرة أن الصحافة الحرة أمر لا غنى عنه لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان.وبالتأكيد فإن هذا الإعلان أستمد مشروعيته من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة 19 منه تؤكد: “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية “ وهذا إنجازا للإنسان أينما كان في تناول وتداول المعلومات ونقلها بأمانة ومهنية عاليتين دون قيد أو شرط أو حذف أو إملاء .ولا يخفى على أحد بأن مهنة الصحافة هي مهنة المتاعب والمخاطر في نفس الوقت حيث نجد بأن ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة لم تقتصر على الجيوش بل تعدت ذلك لتشمل رجال الصحافة والإعلام الذين يأخذون دورهم في نقل الوقائع وشهدت السنوات الماضية تزايد في أعداد الضحايا من رجال الإعلام سواء في الحروب أو النزاعات الداخلية أو عمليات القمع ومصادرة الحريات حيث تشير أرقام الأمم المتحدة بأن عام 2008 لوحده شهد مصرع أكثر من 40 صحفيا وسجن واعتقال أكثر من 125 آخرين في دول عدة أغلبها من العالم الثالث ، وبالتأكيد ما يتعرض له هؤلاء في بلدانهم من قمع واضطهاد وتكميم للأفواه وقمع للحريات يمثل خرقا واضحا وصريحا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جهة ومن جهة ثانية منعا لنقل الحقائق كما هي دون تحريف أو تزوير.والصحافة كما يعرف الجميع واجبها الأساسي البحث عن الحقيقة وكشفها أمام الرأي العام بمختلف اتجاهاته ومشاربه ، وهذه المهنة تخلق بالتأكيد أعداء وبلا شك إن أعداء حرية الصحافة كثيرون وفي مقدمتهم تلك الأنظمة الديكتاتورية التي تخشى الحقيقة وتحاول جهد الإمكان كتمها ومصادرة أدوات نقلها بما في ذلك مصادرة الصحفي نفسه واعتقاله وتغييبه في سجون لا أحد يعرف مكانها . لذا يكون من الطبيعي أن يتعرض الصحفيون وهم طلاب الحقيقة، للمصاعب والمضايقات والمخاطر التي تصل كما قلنا حد التضحية بالنفس. وهذا ما يحدث عادة في عالمنا العربي الذي ظل ينظر للحقيقة وناقلها على أنه متآمر على ( أمن الدولة ) وبالتالي نجد بأن أكثر الخروقات للعمل الصحفي ومصادرة الحريات الصحفية هي في الوطن العربي وبل ويتجاوز الأمر هذا الحد ليصل كما شهدنا جميعا في الأحداث الجارية الآن في المنطقة من تغييب تام للصحفي ومنعه من تغطية الأحداث ونقلها كما هي .في الثالث من آيار اليوم العالمي لحرية الصحافة علينا أن نتوقف أمام المخاطر التي يواجهها الصحفي في ميدان عمله اليومي وفي مقدمتها القوانين والأنظمة في الكثير من البلدان التي تحد من حرية حركة الصحفي كقوانين مكافحة الإرهاب التي سنت وشرعت حتى في البلدان الديمقراطية كأمريكا وبريطانيا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وما يترتب عليه من مضايقات للصحفي تصل حد منعه ، ويقابلها في عالمنا العربي قوانين الطوارئ التي تصادر مساحة واسعة من الحريات العامة والشخصية .ونجد ونحن نحتفي بهذا اليوم أن نذكر بضرورة الإسراع بسن وتشريع قانون حماية الصحفيين مع مراعاة الكثير من الملاحظات التي نشرت حول مسودة هذا القانون من أجل أن يكون لصالح السلطة الرابعة في هذا البلد الذي غادر النظام الشمولي نحو الديمقراطية وكان للصحفي العراقي الدور الكبير في صناعة هذا الانتقال الديمقراطي .