ماهي دوافع الرئيس الفلسطيني لتأجيل الانتخابات المقررة؟
وكان عباس قد أعلن قراره، من مقر المقاطعة في رام الله، وبحضور ممثلين لبعض الفصائل، عبر بيان مقتضب متعللا، برفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي، إجراء الانتخابات في القدس، وبعد انتهاء مهلة ثلاثة أيام، كان قد طلبها الاتحاد الأوربي من أجل ممارسة ضغوط على إسرائيل، بهدف السماح بإجراء الانتخابات في القدس.
وكان لافتا في البيان الذي تلاه محمود عباس، عدم طرحه لتواريخ محددة لهذا التأجيل، فيما يعزز ما وصفه بعض الفلسطينيين، بأنه تأجيل بنكهة الإلغاء، وهو مايحمل من وجهة نظر العديد من المراقبين، مخاطر جديدة على العلاقات الفلسطينية الداخلية.
وفي الوقت الذي أبدى فيه مؤيدو السلطة الفلسطينية، تفهمهم لإعلان محمود عباس تأجيل الانتخابات، على اعتبار أن مشاركة القدس هي أمر ضروري، وأنه من غير الممكن المضي قدما في الانتخابات بدون مشاركتها، على اعتبار أن الأمر يتعلق بالسيادة الفلسطينية، تساءل كثير من الفلسطينيين، عن الدوافع الحقيقية، وراء قرار الرئيس الفلسطيني، وذهب بعض من معارضيه، إلى أنه لم يكن أبدا جادا في المضي قدما، في إجراء تلك الانتخابات حتى لو لم تعترض اسرائيل، لأنه يخشى من هزيمة محققة في حال ما أجريت.ويرى معارضو قرار الرئيس الفلسطيني، أن الرجل لم يضع خطة واضحة للتحرك قدما، في ظل غياب مواعيد واضحة لهذا التأجيل، وهو ما يهدد بتفاقم الصراع الفلسطييني- الفلسطيني، كما يرون أن ماقاله عباس، يعني رهن إجراء الانتخابات الفلسطينية بقرار إسرائيلي، وهو مايعني أن تلك الانتخابات ربما لن تجرى أبدا.ردود فعل
وفي معرض ردود الفعل على قرار الرئيس الفلسطيني، رفضت حركتا حماس والجبهة الشعبية، وعدد من القوائم المسجلة في الانتخابات التشريعية القرار، في حين رحبت به حركة فتح وبعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إن الأسباب وراء قرار تأجيل الانتخابات غير مقنعة إطلاقا، وإن ذلك يعني إلغاء ومصادرة حق الشعب الفلسطيني.
على مستوى ردود الفعل الشعبية الفلسطينية، قالت وكالة رويترز للأنباء، إن محتجين تجمعوا في قطاع غزة، ومدينة رام الله بالضفة الغربية، مطالبين بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، غير أن فلسطينين في القدس، نظموا من جانبهم، مساء الخميس 29 نيسان/ إبريل، وقفة تضامنية لدعم قرار القيادة الفلسطينية بأنه "لا انتخابات دون مدينة القدس المحتلة.
على المستوى الدولي دعا منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط (تور وينسلاند)، القيادة الفلسطينية لتحديد موعد جديد للانتخابات التشريعية، وقال "أتفهم تماما خيبة أمل العديد من الفلسطينيين، الذين أعربوا بوضوح عن رغبتهم في ممارسة حقوقهم الديمقراطية بعد قرابة 16 عاما دون انتخابات".
من جانبه أعرب الاتحاد الأوروبي عن "خيبة أمله العميقة"، إزاء قرار تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية، التي كان من المقرر إجراؤها في 22 مايو القادم، وقال وزير خارجية الاتحاد الأوربي (جوزيب بوريل) في بيان له "نجدد التأكيد على دعوتنا إسرائيل لتسهيل إجراء هذه الانتخابات في كافة الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك في القدس الشرقية".
تداعيات
يعتبر عدة معلقين فلسطينيين، أن قرار محمود عباس تأجيل الانتخابات الفلسطينية، سيؤدي إلى تداعيات عدة أهمها خيبة الأمل، التي سيطرت على الشارع الفلسطيني، والذي كان قطاع كبير منه، يتوق للمشاركة في الانتخابات للمرة الأولى، إذ أن آخر انتخابات شهدتها الساحة الفلسطينية، كانت قد أجريت عام 2006 ، ويرى هؤلاء أن الشارع الفلسطيني كان يرغب بشدة في المشاركة في تلك الانتخابات أكثر من الفصائل الفلسطينية.
وبجانب خيبة الأمل، التي أدى إليها قرار عباس على مستوى الشارع، فإن القرار برأي عدة مراقبين، سيؤدي إلى إعادة الانقسام الفلسطيني القائم منذ 15 عاما، إلى الواجهة وبصورة أكبر مما كان عليه، إذ أنه ومن وجهة نظرهم، سيتحول إلى انقسام متعدد، لن يتوقف عند ذلك الحاصل بين فتح وحماس، وإنما سيشمل الشارع الفلسطيني، وربما يمتد أيضا إلى داخل فتح نفسها .
بي بي سي