لماذا صنفت الصين "دولة متلاعبة بالعملة"؟
وجاء هذا الاتهام بعد تراجع حاد لليوان، الاثنين، أدى إلى شقاق أكبر بين أكبر اقتصادين في العالم وسحق أي آمال بالتوصل لحل سريع لحربهما التجارية الممتدة منذ عام.
واتسع نطاق النزاع ليتجاوز الرسوم الجمركية ويصل إلى مجالا تأخرى مثل التكنولوجيا، ويحذر محللون من إن الإجراءات الانتقامية المتبادلة قد تتسع في النطاق والشدة مما يؤثر سلبا بدرجة أكبر على نمو الاقتصاد العالمي.
وفي مقالة افتتاحية شديدة اللهجة، قالت صحيفة الشعب اليومية إن الولايات المتحدة تحتجز مواطنيها رهائن دون التطرق لأحدث قرار أميركي.
وذكرت المقالة أن مسؤولية الدول الكبيرة هي توفير الاستقرار والطمأنينة للعالم وفي الوقت نفسه تهيئة الظروف والفرص لتحقيق التنمية المشتركة لكافة البلدان.
وأضافت "لكن البعض في الولايات المتحدة يفعلون العكس تماما".
وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت أمس الاثنين أنها قررت لأول مرة منذ عام 1994 تصنيف الصين متلاعبا بالعملة، لتنقل النزاع التجاري إلى منطقة غير مدروسة وتضيف إلى عمليات البيع المحموم في الأسواق المالية العالمية.
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من سماح الصين لعملتها بكسر مستوى دعم مهم لتسجل أدنى مستوى في 11 عاما، في مؤشر على أن بكين ربما تكون راغبة في السماح بالمزيد من الانخفاض في اليوان، مع تهديد واشنطن بفرض المزيد من الرسوم الجمركية.
وهوى اليوان 2.3 بالمئة خلال ثلاثة أيام منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئ في الأسبوع الماضي بأنه سيفرض رسوما جمركية بنسبة عشرة بالمئة على واردات صينية قيمتها 300 مليار دولار اعتبارا من الأول من سبتمبر.
ويأتي القرار الأميركي بتصنيف الصين متلاعبا بالعملة بعد أقل من ثلاثة أسابيع على إعلان صندوق النقد الدولي أن قيمة اليوان تتماشى مع العوامل الاقتصادية الأساسية للصين، بينما يزيد الدولار الأميركي عن قيمته الفعلية بنسبة بين ستة و12 بالمئة.
ويضع القانون الأميركي ثلاثة معايير لتعريف التلاعب بالعملة بين الشركاء التجاريين الرئيسيين: امتلاك فائض كبير في ميزان المعاملات الجارية العالمي، ووجود فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة، والتدخل المستمر من جانب واحد في أسواق الصرف الأجنبي.وقال تشانغ آن يوان كبير خبراء الاقتصاد لدى تشاينا سيكيورتيز "بشكل قاطع لا معنى لأن يخلص الجانب الأميركي إلى أن هناك تلاعبا بسعر الصرف استنادا لتغير سعر صرف الرينمنبي (اليوان) خلال يوم واحد".
وأضاف "الآن وقد تم التصنيف... لا نستبعد أن تفرض الولايات المتحدة إجراءات عقابية تتجاوز الفهم الحالي للوضع".
وحذر الإعلام الصيني من أن بكين قد تستغل مكانتها المهيمنة كمُصدر للمعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة كنقطة قوة في النزاع التجاري. وتستخدم هذه المعادن في كل شيء تقريبا من المعدات العسكرية إلى الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية عالية التقنية.
وفي مؤشر آخر على تدهور العلاقات، أعلنت وزارة التجارة الصينية أمس أن شركاتها توقفت عن شراء منتجات زراعية أميركية ردا على أحدث تهديد من واشنطن بفرض رسوم جمركية.
وتراجع اليوان في المعاملات الخارجية إلى مستوى متدن قياسي بلغ 7.1397 يوان مقابل الدولار الثلاثاء قبل أن يوقف خسائره بعدما قال البنك المركزي الصيني إنه يبيع أذونا مقومة بالدولار في هونغ كونغ، في خطوة يُنظر لها على أنها تهدف لكبح عميات بيع بنظام الاقتراض للعملة.
كما افتتح اليوان معاملاته في الداخل على انخفاض عند نحو 7.0699 يوان مقابل الدولار ثم استقر. وعلى الرغم من أن البنك المركزي حدد سعر صرف قياسي أعلى من المتوقع بقليل فإن اليوان ظل عند أدنى مستوياته منذ مايو 2008.
وقال 3 أشخاص مطلعين على المناقشات لرويترز، الاثنين، إن السلطات النقدية الصينية سمحت لليوان بالانخفاض عن مستوى سبعة يوانات مقابل الدولار الذي يحظى بمتابعة وثيقة كي تتمكن الأسواق أخيرا من أن تضع في الحسبان المخاوف المتعلقة بالحرب التجارية وضعف النمو الاقتصادي.
ويصر بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) على أن قيمة اليوان تحددها السوق، على الرغم من أنه يواصل إحكام السيطرة ودعم العملة عندما اقتربت من مستويات حساسة في العام المنصرم، وفق "رويترز".
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إن الحكومة الأميركية ستتشاور مع صندوق النقد الدولي للقضاء على المنافسة غير العادلة من بكين.
وبعد تصنيف دولة على أنها متلاعبة بالعملة، يتعين على وزارة الخزانة المطالبة بإجراء محادثات خاصة تهدف لتصحيح أي عملة مقدرة بأقل من قيمتها الفعلية، مع فرض عقوبات مثل الاستبعاد من عقود مشتريات الحكومة الأميركية.
سكاي نيوز عربية