• Tuesday, 23 July 2024
logo

أسرار ناطحات السحاب المقاومة للزلازل في اليابان

أسرار ناطحات السحاب المقاومة للزلازل في اليابان
توجد في اليابان بعض أكثر المباني مرونة في العالم بقدر يجعلها تصمد في وجه الزلازل. ويكمن السر في ذلك في قدرة تلك الأبنية على "التمايل" عندما تهتز الأرض من تحتها.

تهيمن ناطحات السحاب المنتشرة في طوكيو وأوساكا ويوكوهاما على الصورة العامة لهذه المدن. وتعطي الأبراج عادةً انطباعاً بأنها راسخةٌ وثابتةٌ، كما يمكن لبناءٍ من صنع الإنسان أن يكون.

وتمثل هذه الأبراج الشاهقة خلفيةً ثابتةً لمشهد الحياة اليومية في المناطق الحضرية اليابانية، كما تفعل في أي مدينة كبيرة ومتقدمة في أي مكان آخر في العالم. وبينما يتحرك الناس وكذلك السيارات بصخب حول هذه الأبنية، تظل راسخةٌ لا تتحرك، وكأنها تربط باقي أرجاء المدينة المفعمة بالنشاط المتواصل والمحموم، وتُبقيها في مكانها.

لكن لا يتطلب الأمر سوى وقوع زلزال كي يتضح أن هذا المنظور ما هو إلا وهم. المسألة تختلف على أي حال في اليابان، إذ يتعين على ناطحات السحاب هناك أن تصبح قادرةً على التمايل مع الزلازل لا أن تنهار بفعلها.تهديداتٌ مستمرةٌ
رغم أن زلزال توهوكو الذي ضرب اليابان عام 2011، يُعرف بأنه أحد أكثر الزلازل التي وقعت في الآونة الأخيرة تدميراً، فإنه ليس سوى واحد من الأحداث المشابهة الكثيرة التي يشهدها هذا البلد سنوياً.فأرخبيل اليابان يقع على طول ما يُعرف بـ "حزام النار حول المحيط الهادئ"، على حافة الصفائح التكتونية لمناطق أوراسيا والمحيط الهادئ والفلبين. وعند الحافة الفاصلة ما بين كل صفيحةٍ وأخرى، تنضغط إحداها تحت الثانية مما يؤدي إلى تراكم ضغوط غير عادية في كثافتها. ويمثل الزلزال تنفيساً لهذه الضغوط، مما يقود لحدوث هزات تصل في قوتها إلى حدٍ كافٍ لتسوية مدينة متوسطة الحجم بالأرض.

لكن الأبراج المُقامة في اليابان ليست بالمباني العادية. فبحسب جِن ساتو، وهو مهندس إنشاءات وأستاذٌ مساعدٌ في جامعة طوكيو، لا بد أن تتمتع كل الأبنية هناك - حتى وإن كانت صغيرةً أو مؤقتةً - بالمرونة اللازمة للصمود في وجه الزلازل التي تضرب هذا البلد.وهناك مستويان رئيسيان من المرونة يسعى المهندسون بِجد لضمانهما؛ أولهما هو ذاك الضروري للصمود في وجه الزلازل الأقل قوة، من النوع الذي يمكن أن يضرب أي مبنى ياباني ثلاث أو أربع مرات خلال عمره الافتراضي.

وفي إطار هذا المستوى، يتمثل هدف مهندسي الإنشاءات في الحيلولة دون حدوث أي أضرارٍ تحتاج لإصلاحٍ في المبنى جراء هذه الزلازل ضعيفة القوة، وهو ما يعني أن يكون التصميم مُحكماً على نحو يُمَكِّنُ البناء من مواجهة أيٍ من هذه الهزات الزلزالية دون أن تُلْحِق به أذى.

أما المستوى الثاني من المرونة، فهو ذاك اللازم لمواجهة الزلازل شديدة القوة، وهي أقل عدداً وفرصاً في الحدوث بكثير مُقارنةً بالنوع السابق. وتم تحديد مستوى مثل هذه الهزات بناءً على شدة ما يُعرف بـ "زلزال كانتو الكبير 1923".

وكان هذا الزلزال قوياً للغاية، وبلغت شدته 7.9 درجة على مقياس ريختر، ما أدى لتدمير مدينتيْ طوكيو ويوكوهاما، ومقتل أكثر من 140 ألف شخص.

وبالنسبة للزلازل الأكثر قوة من ذلك الزلزال، لا يسعى المهندسون للحفاظ على المبنى في حد ذاته، ويهتمون في المقام الأول بتجنب وقوع خسائر بشرية، ما يعني تسامحهم مع حدوث أي أضرارٍ لا توقع ضحايا.

ويقول زيغي لوبكوفسكي، الخبير في الزلازل في كلية لندن الجامعية، "المرء يصمم المباني لحماية أرواح الناس.. هذا هو الحد الأدنى المطلوب".

المعدات الخاصة بامتصاص الاهتزازات
حتى يتسنى للمبنى الصمود في وجه القوى الهائلة الناجمة عن الزلازل، يتعين عليه امتصاص أكبر قدرٍ ممكنٍ من الطاقة الزلزالية. ويقول ساتو في هذا الشأن: "لا ينهار المبنى إذا ما كان بمقدوره امتصاص كل الطاقة" التي يوّلدها الزلزال.





بي بي سي
Top