الأصوات الداخلية
November 16, 2020
من المجتمع
يُقدِّم فيرينيهو أشكالاً متعدِّدةً للحديث الأُحاديّ، كالحديث الخاص (المسموع)، والحديث الذاتيّ بشقّيه الحواريّ والذي يأخذ شكل الحوار التبريريّ للسلوك، وغير الحواريّ كترديد المقولات المُحفِّزة أو بيت من الشِّعر (ذهنيَّاً). ويُرجِّح فيرينيهو الكفَّة لصالح فيكوتسكي، من خلال الكتاب. معتمداً في ذلك على عديد التجارب في مسح المخ البشريّ، التي قام بها رفقة زملائه. فرأي بياجيه القائل بأن "الطفل وأثناء ممارسته أحاديثه الخاصَّة، لا يأخذ منظور الآخر في الاعتبار، وبأن الحديث الخاص مرحلة عابرة لامستقبل لها"، هو رأي خاطئ. أما الرأي الأصح فهو رأي فيكوتسكي الذي يرى بأن "الحديث الذاتيّ هو ذاته حديث الطفل الخاص سابقاً، والذي تم نقله إلى الداخل، وبأنَّ الحديث الذاتيّ هو حديثٌ فعليّ". الأمر الذي أثبتته التجارب، وتمَّت ملاحظته تجريبيَّاً، وذلك من خلال استثارة المركز العصبيّ الذي يُنسب إليه "أخذ منظور الآخرين في الحسبان"، بالتزامن مع نشاط منطقة اللغة (بروكا). وعلى الرغم من ذلك كلّه يظلّ الباب مفتوحاً على مصراعيه، في مسألة تأكيد الدور الجوهريّ الذي يؤديه "حديثنا إلى ذواتنا" في عمليات التفكير من عدمه. أما السؤال إذا ما كان مجرّد شكل ظاهريّ يُغلّف خوارزميات أكثر تعقيداً، فجوابه سيظلُّ محطَّ جدلٍ طويلٍ. وفي محورٍ آخر يتناول الكتاب ظاهرة "العبور التجريبيّ"، والتي تعني محاولة كلٍّ منَّا تقليد شخصيَّةٍ ما أُعجب بها والتماهي
اللاشعوريّ معها في حياتنا اليومية. وهذه الشخصيَّة قد تكون خياليَّة قرأنا عنها في روايةٍ ما، أو شاهدناها على شاشة التلفاز. ثمَّ أصبحت بعد ذلك قدوتنا، وصرنا نقتفي أثرها في كل مكان، وفي أي سلوكٍ نقوم به.
ايلاف