لماذا يربط الذكور بين الختان وقصّ الشعر؟
July 27, 2020
من المجتمع
يعاني الطفل (الذكر) في مرحلته القضيبية من رهاب فقدان العضو، وذلك من خلال عقوبة محتملة تُطبَّق بحقه من قبل الأهل. فالطفل المزهو في تلك الفترة بـ"فرفورته" يخاف من احتمال فقدانها من قبل الأب كعقوبة له على حبّه لأمه. وبالمحصلة كلما ازدادت مشاعره الغرامية تجاه أمّه كلما ازداد خطر الخصاء في وجدانه. ولا أجد من داعي هنا للتذكير بأن هذه الهواجس تعود إلى طفل في بداية تكوينه العقلي، ولم يكتمل نضجه الأخلاقي والاجتماعي بعد. تمثّل "عقدة أوديب" في تلك المرحلة ممراً إجبارياً ومصفاةً للرغبات والغرائز عند الطفل، حيث يتجاوزها البعض من دون مشاكل بينما يعاني البعض الآخر منها طيلة فترة المراهقة، وقد تستغرق لدى آخرين الحياة بأكملها. من المفروض أن تتحطم مخافة الخصاء على صخرة تكوين الأنا الأعلى، وذلك من خلال تقمُّص شخص الوالد وضمن ظروف تربوية مثالية. وعلى صعيد متصل، فإن ممارسة المراهق الاستمناءَ بكثرةٍ ليست سوى محاولة لاشعورية لتحدّي الأب ومحاولة عصيان أوامره والتمرُّد عليه. يقول فرويد في هذا الصدد: "يلعب الخوف من الخصاء دوراً كبيراً وغير عادي في تعكير العلاقة ما بين العصابيين اليافعين والآباء".
فالعلاقة السيكولوجية مع الأب حمَّالة لوجهين متناقضين؛ فهو القدوة من جهة، ومن جهة أخرى هو الغريم (أوديبياً). وعن العلاقة التي يربط من خلالها الطفل ما بين الخصاء (الهاجس الذكوري الأكبر) وبين تقليد الختان يقول: "يماثل الأطفال ما بين الخصاء والختان مماثلةً أصيلةً، حيث كان الختان لدى البدائيين مترافقاً مع قص الشعر وقلع الأسنان وفي طقوس أخرى قد حلَّا محلَّ الختان. وبما أن أطفالنا ليسوا على دراية بذلك، أي على الامتداد السلالي لللاوعي لديهم، كانت ردود أفعالهم في تعاملهم مع هاتين العمليتين معادلتَيْن للختان". ناهيك عن عملية اشتراكها في الرمز، حيث إن الأدوات المستخدمة في العمليات الثلاثة أي الختان وقص الشعر واقتلاع الضرس، المشرط والمقص والكمَّاشة، جميعها أدوات للقطع، وهذا ما يساوي الخصاء لاشعورياً. وهناك دلائل عديدة على أصالة هذه العلاقة ما بين النماذج الثلاثة (الختان وقصّ الشعر وقلع الضرس) والخصاء أو الخوف منه؛ حيث نلحظ في أحلام شخص ما ظهور مشهد الخصاء أو النتيجة التي يُسفر عنها، القطع، تماماً في حلم اليوم الذي يقوم فيه بقص شعر رأسه أو عندما يزور أو يرى في اليوم ذاته طبيب الأسنان!
ايلاف