الشخصية العاطفية: الطيّب الذي لا يسامح!
July 22, 2020
من المجتمع
وهذه الشخصية هي مؤنَّثة في شكلها. والشخص العاطفي مشاعره متَّقدةٌ حادَّةٌ كطفل صغير. لذلك يكابد في استيعابها واحتوائها.
فعندما يحبُّ العاطفيُّ شخصاً ما فإنه يبالغ في محبّته إلى درجة العشق الجنوني والتأليه، وبالمقابل فإنه إذا كره يفعل الشيء نفسه، حتى وإن لم يُبدِ أيَّ سلوكٍ يدل على هذا الكره.
لا يستطيع العاطفيّ أحياناً أن يسامح، ليس لأنه شخص شرير. لا بل على العكس من ذلك، هو شخص طيّب ونقي ورقيق، ولكنه عندما أحب قام باستهلاك مقدار كبير من المشاعر، وصرفَ رصيداً كبيراً من عاطفته (أي من ذاته). بالتالي عندما يخسر الشخصَ الآخرَ يخسر معه شيئاً من ذاته. لذلك يأتي ردُّ فعله متوازياً مع فقدان شيء ثمين. فهو لم يتقبّل فاجعة الفقد، وبالمقابل لن يسمح لنفسه بالتناسي والصفح.
يستهجن بعضُ الناس ردودَ فعل الشخص العاطفيّ إزاء مواضيع معيّن، وذلك بسبب القراءة الخاطئة للأرضية النفسية التي يقف عليها هذا الشخص.
فعلى سبيل المثال، إذا أخطأ إنسانٌ (يمثّل موضوع الحب أو الاهتمام) مع الشخص العاطفيّ في التعبير عن موضوع يُشكّل أولويةً لديه، حتى وإن كان هذا الخطأ تافهاً، فإنه سيغدو جرماً عظيماً لا يسهل تخطّيه أو تجاوزه!
والسؤال: لماذا يأتي ردُّ فعل الشخص العاطفيّ كبيراً وغير متناسبٍ مع حجم الذنب المرتكب؟ ولماذا يكرّر القول بأنه شعر بالخديعة والخذلان من جميع مَنْ هم حوله؟
وببساطة نجيب: لأنَّ الشخص العاطفيّ هو شخص مثاليّ يعجز الآخرون عن مجاراة إيقاعه هذا.
وعندما يخطأ معه الشريك بالذات يقع المحظور! لماذا؟ لأنه لم يستحقّ هذه الشراكة، وهو بالتالي غير جدير بهذه المشاعر. فالطينة الثانية التي تشكَّلتْ منها الشخصية العاطفية، بعد المثالية، هي النرجسية وعشق الذات والأنا.
يبحث الشخص العاطفي بطبيعته عن الأشخاص الذين يظنُّ بأنهم يشبهونه، راسماً لهم صورة ًكاملةً ومثاليةً في مخيّلته.
الصورة في ذهنية الشخص العاطفي يجب أن تظلَّ نقيةً لا تشوبها شائبةٌ. فأيُّ سلوكٍ، مهما كان صغيراً، قد يُعكّر صفوَ هذه الصورة.
ولذلك نستطيع أن نتخيَّل مدى الصعوبة التي يعانيها من يقع في نفس الشخص العاطفيّ موقع الإعجاب، وإمكانية الحفاظ على صورته دونما خدش.
أكثر من ذلك، فإنَّ الشخص العاطفيّ لا يتعامل بعاطفته المبالغ فيها فقط مع الحبيب أو الزوج أو الصديق، بل في أيّ عمل يقوم به. فهو ببساطة يَزِنُ الأشياءَ والمواقفَ والأحداثَ بميزان العاطفة، أيّ بميزانه الخاص.
على سبيل المثال، إذا ما افترضنا بأنَّ هذا الشخص (العاطفيّ) هو لاعب كرة قدم في موقع الهجوم، وقام لاعب الدفاع من الفريق الخصم بإعاقته، فإنه لا يتعامل مع الموقف بواقعية أنَّ المدافع أعاقه لإيقاف الهجمة ومنع تسجيل الهدف، بل يرى إلى هذه الإعاقة كقضية شخصية تستهدفه هو بالذات!
ايلاف