هل المونولوج حالة مرضية؟
July 1, 2020
من المجتمع
والسؤال الذي نودُّ الإجابة عنه: هل المونولوج حالةٌمرضيةٌ، أم أنه سلوكٌ روتينيٌّ طبيعيٌّ وردُّ فعلٍ عاديّ على وضعٍ مُعيَّن؟
يعاني بعضُ الناس ضغطاً ذهنيَّاً زائداً أكثر من البعض الآخر، وذلك بسبب إجراء عملياتٍ حسابية كثيرة والتخطيط لمشاريع مستقبلية أو المرور في فترات مُكثّفة من الدراسة وضغط الامتحان (بالنسبة إلى طلّاب المدارس والجامعات)، إضافةً إلى ضغوطات أخرى تتشابك معها، فتصبح المسألة فوق قدرة الذهن على الاستيعاب، فيأتي استخدام المونولوج، لدى البعض، للتخفيف من هذا الازدحام الذهنيّ وللعب دور المَخرج في تنفيس هذا الاحتقان.
إذاً يمكن القول بأن المونولوج عملية عقلية هدفها التخفيف من ضغط الأفكار، واحتواؤها، شرط بقاء هذه الممارسة ضمن حدودها الطبيعية.
لكن ماذا عن الذين يمارسون هذه العادة بإفراطٍ شديد ولساعاتٍ طويلة تجرُّهم تلقائياً إلى العُزلة وإلى فقدان التواصل الاجتماعي؟ بل إنها قد تقودهم إلى الإدمان على ممارستها، وأحياناً إلى فعل ذلك بحضور شخص أو مجموعة من الأشخاص، غير مكترثين برأي من يلاحظ سلوكهم المُستهجَن هذا.
الجانب السلبيّ الآخر لهذه العادة هو محاولة التعويض عن ضعفٍ في مواجهة الأشخاص والمحيط والمجتمع. كأن يقوم الشخص بإعادة استحضار الحادثة أو المشكلة التي اعترضته (والتي أبدى فيها تخاذُلاً وضعفاً) مرّاتٍ عدَّةً، وفي كل مرَّةٍ يتفنَّن في قول ما لم يقله، أو ما لم يجرؤ على قوله، في وجه الشخص المُراد مواجهته. فبهذا السلوك هو يستهلك وقتاً طويلاً في تجاوز كل مشكلة تعترض سبيله، مُنمّياً بالمقابل سلوكياتٍ سلبيةً ومعتاداً على هذا الإجراء الهروبيّ وعلى هذه "النميمة الذاتيّة" في مواجهة تحدّيات الواقع بدل التعامل معها آنيّاً وفي وقت حدوثها.
ثقافة الحوار أمرٌ جدّ ضروريّ في الحياة، مع الذات والآخر والمجتمع. ومن نافل القول أنَّ المونولوج جزءٌ لا يتجزأ من ثقافة الحوار، غير أن المبالغة في ممارسته واعتماده وسيلةً وحيدةً لتخطي المشاكل هو أمرٌ ضارّ للغاية.
ايلاف