الجذر النفسي لإحدى حالات الإدمان
June 30, 2020
من المجتمع
كمّياتٍ كبيرةٍ من الأدوية العصبيَّة المُخدّرة ذات العيار الثقيل. وفي ما بعد، باتت هذه الأدوية المنفذَ الوحيدَ له من أجل الخروج من الحصر والشعور بالإحباط. وعلى الرغم من أنه -وعلى المستوى الشعوري- كان يحاول صادقاً تحقيق إنجازٍ يخصُّه ويخرج به من "عباءة أبيه"، بل ويثبت له بأنه قادرٌ على الاعتماد على نفسه وعلى النجاح خارج "أسوار قلعة أبيه"، وبأنه لم يعُد ذاك الطفل الأخرق المدلَّل، إلا أنَّ رغبته في السفر كانت رغبةً لاشعوريةً في إحباط أبيه.
فقد كان سفره يمثّل، على المستوى الرمزي، الطَّرْقَ بقوَّةٍ على باب الأب ومحاولة تحدّيه ومن ثم تجاوزه، ولكنه عند أول فشل وإحباط تدحرج مهزوماً ومحتمياً بحضن والدته (التي تمثّل له الماضي في هذه المعادلة الرمزية) من خلال تناول دواء يشبه الأدوية التي كانت تستعملها عن طريق وصفة طبيّة.
وبسبب غياب الأمّ أثناء سنوات سفره، كان تناول الدواء (رمزياً) بالنسبة إليه مساوياً تماماً للتكوُّر في حضن والدته! وهنا نلحظ كيف كان إدمانه الدوائيّ هو المرحلة الأخيرة التي وصلت إليها مشكلته، ولم يكن هو مشكلته الأساسية. فالمدمن هو مريضٌ نفسيّ بالدرجة الأولى، ويجب التعامل معه على هذا الأساس ومن ثم معرفة الشيء الذي سبَّب له هذه الإعاقة النفسيّة التي دفعت بسلوكه باتجاه الإدمان. لذلك كان علاجه من الإدمان يسير خطوةً بخطوةٍ مع مساعدته على النهوض مجدّداً ونفض غبار مرحلة المراهقة، وذلك بإيجاد أبٍ رمزيّ جديد يتعلَّق بطرف ثوبه ثمَّ
يقارعه ويتفوَّق عليه ليحقَّق نضجه، ولكي يستطيع الاستمرار في ممارسة حياته دون معوّقاتٍ داخلية.
ايلاف