العدوانية المُقنَّعة
March 3, 2020
من المجتمع
وتختلف العدوانية المُقنَّعة عن العدوانية الصريحة لجهة أنها باطنية وغير مُعلنة، حيث لا يستطيع أيٌّ كان ملاحظتها، ولا حتى حاملها في الكثير من الحالات!
وعلى الرغم من أن هذا النوع من العدوانية أقلّ ضرراً من تلك المتمثّلة بالأذى اللفظيّ والجسديّ وأحياناً النفسيّ، إلا أنها تبقى من المشاكل النفسية التي تستوجب العلاج والاستئصال.
يُكابد العدوانيّ المُقنَّع، في أعماقه، من مشاعر سلبية لقاء تعرُّضه لموقف مؤذٍ من قبل شخصٍ ما، أو بسبب إحساس دائم بالغيرة والحسد تجاه شخص معيَّن.
إنَّ عدم قدرة هذا الشخص على تحمُّل تبعات مشاعر الحقد والكره التي يكنُّها لشخص آخر، وما قد ينجم عن إظهار هذه المشاعر، يدفعه إلى تغليفها بطبقةٍ من المحبّة الزائفة ومن ادّعاء التسامح والتظاهر بالسموّ على الصغائر، ناهيك عن كون عملية إعلان هذا البُغض الذي يُضمره للآخَر أمراً يتطلَّب المواجهة، وهو ما يعجز عن القيام به في الوقت الراهن أو دائماً.
وفي حالاتٍ أُخرى يكون هذا الشخص غير عارف بمشاعر الكره التي يخبّئها للشخص الآخر، فيظنّ صادقاً بأنه مُحبّ ويقدّم النصح أو المساعدة، بحيث يتم تحويل الكره الدفين لديه إلى تطفُّلٍ مؤذٍ بشكل غير واعٍ ودون معرفة منه.
وبالتالي فإنَّ العدوانية المُقنَّعة ليست الماسوشية وليست السادية الصريحة، بل هي إظهارك لعكسِ ما تضمره من شرور بمعرفتك أو عن غير درايةٍ منك بأنك تحمل مثل هذه المشاعر ضمنيّاً.
وهذا النوع من الأشخاص، أي العدواني المُبطَّن، يستهلك طاقة الشريك النفسية إلى أبعد حدّ، أيَّاً كان هذا الشريك الذي قد يكون الزوج أو الشخص الذي يُشاركه السكن أو العمل. حيث يكون ظاهر سلوك هذا الشخص إيجابياً، لكن جذوره دنيئة، وبإلحاحه الدائم على فرض رأيه ووجهات نظره على شريكه فإنه يُرهقه نفسيّاً ويستهلك طاقته وجهده بطرق عبثية غير مُجدية، وهدفه الوحيد من كلّ ذلك هو فرض سطوته وتفريغ شعوره العدائي ليس إلا. وهؤلاء هم الذين يمكن أن نُسمِّيَهم بـ"مُستنزفي الطاقة النفسية".
وهناك وسائل شتَّى يستطيع من خلالها الشخص العدوانيّ الخفي أن يُمرّر مشاعره السلبية تلك إلى الأشخاص الذين يستهدفهم بهذه المشاعر. وإن لم يجد وسيلةً لذلك فإنه يحاول الارتجال... كحالة امرأة تغار من جاراتها أو من زميلاتها في العمل أو حتى من أخواتها، فتتدرَّب يوميّاً أمام المرآة على كيفية مهاجمتهنَّ وقول كلّ ما تتمنَّى قوله في وجوههنَّ.
ايلاف