هيلين دوتش: علم نفس المرأة
February 9, 2020
من المجتمع
وعلى الرغم من كونها سابقاً "الساعد الأيمن" لفرويد في عمله، إلا أنها ناقضت المنطق الفرويديّ من خلال بحثٍ نشرته حول التحليل النفسي للوظائف الجنسية لدى المرأة، حيث إنها تقول: "في المرحلة القضيبية (إحدى مراحل النمو السيكولوجي) تكون المنطقة المثيرة للشهوة لدى البنت هي "البظر الذكري"، والذي هو أقلّ شأناً في مجمله من القضيب الذكري. وبالتالي فإنَّ هذا الإدراك لدونية البظر في مقابل القضيب هي التي تُجبر الفتاة الصغيرة على النمو النفسي بشكل سلبي، وإلى الابتعاد الكلّي عن نشاطها الجنسي النشط". وبذلك كوَّنتْ دوتش لنفسها مبدآن مهمَّان للغاية هما: مبدأ الذكوري النشيط، ومبدأ الأنثوي السلبي.
عن تصوُّرها لمراحل النمو الجنسي - النفسي لدى الإناث، تقول دوتش بأن الفتاة تلوم والدها لا والدتها - على العكس مما يرى فرويد - بخصوص حادثة الخصاء (عدم امتلاكها العضو الذكري). وتالياً فالفتاة تتخلَّى عن مسألة التماثل مع الأب وعن كل صفات الرجولة المرتبطة به لتُنمّي بالمقابل أوهاماً عن رغبة جنسية حول مخافة التعرُّض للاغتصاب. وهذا الوهم، أي وهم الاغتصاب، من الأوهام الشائعة وغير الـمَرَضيّة، والتي تُشكّل الجزء
الرئيسي من المشاعر الجنسية لدى الإناث، بحسب دوتش. في المرحلة الشرجية تتماثل الفتاة مع والدتها من خلال الرغبة، وتتراجع إلى المرحلة ما قبل التناسلية وهي الرغبة المبكرة في البظر النشط، لينتهي بها المطاف إلى الرغبة في الحصول على طفلٍ كنوع من السادية ومحاولة لامتلاك الأعضاء الذكرية. تميَّزت هيلين دوتش بلمسة خاصة في التحليل النفسي، حيث اعتبرت الحدس (أي قدرة المعالج على استبصار الأوهام التحويلية للمريض) أداةً علاجيةً ناجعةً. كما رأت أن السلوك العصابي يكون على نحو خاص غنياً بالمعلومات، ولذلك فإن عرض الحالات العصابية له مكانته الخاصة، إذ إن الظواهر التي تبدو فيه - على الرغم من كونها غير طبيعية - لا تمثّل في الغالب إلا تشويهاً أو تكثيفاً للطبيعي، وهي التي تمدُّنا بنوعٍ من الرؤية المجهرية عندما تتطلَّب دراسة علم النفس التحليلي الفحص بالمجهر. ومن خلال أبحاثها في علم نفس المرأة، رأت دوتش بأنه إذا كان علم التحليل النفسي قد قام انطلاقاً من نظرية الغرائز، فإن أسسه ستتوسَّع على نحو كبير، لأن غريزة المحاور الذاتية وغريزة العدوان وغريزة الموت متمايزة جميعها عن الغرائز الجنسية. من أهمّ أعمال هيلين دوتش كتابا "الطفولة والمراهقة" و"الأمومة" اللذان وضّحت من خلالهما بأن الهدف الأساسي لبحثها هو تفسير الحياة النفسية الطبيعية للنساء وصراعاتهن العادية، على اعتبار أن الصحة النفسية لا تنتج عن غياب الصراع الذاتي، بل إنما هي تسوية ناتجة عن فعالية الطرق المستخدمة في حلّها.
ايلاف