هل ينبغي السماح للعمال والموظفين بـ"النوم في أماكن العمل"؟
November 20, 2019
من المجتمع
وقررت الحكومة الأمريكية اتخاذ إجراءات صارمة في مواجهة نوم القيلولة في وقت العمل.
ولطالما كان نوم الموظفين الفيدراليين في العمل مثار استياء، لكنه لم يكن محظورا بشكل صريح قبل الآن.
وأصدرت إدارة الخدمات العامة الأمريكية في وقت سابق من الشهر الجاري قرارا إداريا جاء فيه: "يُحظر على الجميع النوم في المنشآت الفيدرالية، ما لم يكن هناك ترخيص بذلك من مسؤول في المنشأة المعنية".ولم يتضح بعد سبب صدور القرار الإداري الرسمي، لكنها ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة إجراءً ضد نوم العمال في مقارّ أعمالهم.وفي عام 2018، أصدر مكتب مراجع الحسابات في كاليفورنيا تقريرا عن إحدى العاملات في إدارة المركبات المتحركة في الولاية الأمريكية، والتي كانت تنام ثلاث ساعات في اليوم أثناء الدوام. وقدّر التقرير تكلفة نوم هذه العاملة على الدولة بنحو 40 ألف دولار في أربعة أعوام.
وقال التقرير إن نوم هذه الموظفة كان يترك زملاءها مضطرين إلى العمل مكانها والقيام بمهامها المتروكة.
ولم تتلقَّ الموظفة تحذيرا، لأن المشرف عليها كان قلقا من إمكانية أن تكون هنالك مشكلة صحية وراء هذا النعاس.
ويتخوّف البعض من اتجاه العمال بشكل جمعي إلى تعويض ما فاتهم من نوم في منازلهم في العمل. ويستهدف النقاش حول النوم في أماكن العمل زيادة الإنتاجية وليس تقليصها.
ويقول لورنس إبستين، الرئيس السابق للأكاديمية الأمريكية لطب النوم، إن أكثر من 70 مليون أمريكي يعانون من اضطرابات تتعلق بالنوم.
وصدرت عن جامعة بول ستيت في ولاية إنديانا الأمريكية دراسة حديثة لنحو 150 ألف شخص، وأظهرت أن نسبة الذين ينامون سبع ساعات أو أقل كل ليلة ارتفعت إلى 35.6 في المئة عام 2018 مقارنة بـ 30.9 في المئة عام 2010.
وقال نصف من شملتهم الدراسة، وكانوا رجال شرطة وعُمّال رعاية صحية، إنهم لا ينالون قسطا كافيا من النوم.
وقال إبستين لبي بي سي: "بعض الشركات باتت أكثر وعيا في هذا الخصوص، ومن ثم شرعت في تمهيد السُبل لطرح القضية للنقاش. ولا أظن مؤسساتنا الحكومية الأمريكية رائدة في هذه الطريق".
وأضاف: "إنه موضوع يمكن وينبغي مناقشته، لكن ذلك لا يحدث للأسف".
إن كل نقص في القسط اللازم من النوم يمكن أن يؤثر سلبا على صحة الأشخاص واقتصادهم.ويرتبط نقص النوم بجملة من المشكلات الصحية، بينها السِمنة والسُكّري وأمراض القلب، فضلا عن مشكلات تتعلق بالصحة النفسية كالقلق والاكتئاب.
وتقول مؤسسة "راند" في تحليل أجرته عام 2016 إن عدم حصول العمال على كفايتهم من النوم يُكبّد الاقتصاد الأمريكي خسائر تقدر بـ 411 مليار دولار سنويا.
ويدعم عدد من الخبراء، بينهم إبستين، السماح للعمال بالحصول على فترة نوم قصيرة أثناء الدوام.
يقول إبستين إن "الأشخاص المحرومين من النوم لا يعملون بكل طاقتهم ويكونون عُرضة أكثر من غيرهم للحوادث في مكان العمل، وهو ما يعود على الشركات بمزيد من التكاليف نظرا لما يصاب به هؤلاء من مشكلات صحية".
وثمة دول لا تتخذ نفس النظرة السلبية تجاه النوم في مقرّ العمل؛ ففي اليابان على سبيل المثال، تتخذ الشركات حجرات ذات حواجز عازلة للصوت لتشجيع العمال، الذين يعملون لساعات طويلة، على الحصول على قسط من الراحة.
هذا الاتجاه آخذٌ في الانتشار عبر الحدود، لكن بخُطى بطيئة.إلا أن الوصمة المرتبطة بالنوم في العمل لا تزال تمثل قضية، بحسب لورا بيترسون، المتحدثة باسم شركة بِن وجيريز الأمريكية.
ومع ذلك، تتخذ بعض الشركات في أمريكا الشمالية من النوم صناعة لها.
وافتُتحت في كندا حديثا شركة للمساعدة في توفير أماكن لنوم القيلولة باسم "ناب إت أب". وقالت مؤسِسة الشركة، ميهزابين رحمان، إن الفكرة خطرت على بالها عندما كانت موظفة تعمل لساعات طويلة في أحد البنوك.
ويقع مقر الشركة في جزء مزدحم من مدينة تورونتو، ويمكن للعمال الذهاب إلى مقرها واستئجار سرير يتسع لشخصين لمدة 25 دقيقة مقابل 7.6 دولار أمريكي.
وتفصل بين الأسِّرة ستائرُ ثقيلة، تمنح الخصوصية للنائمين، ويتم تعطير الغرفة من وقت لآخر.
وذهبت شركة "مترونابس" لهندسة الحواسيب بالفكرة إلى ما هو أبعد من ذلك؛ إذْ صممت أجهزة استرخاء حديثة تسمح للمستلقي عليها بالحصول على وضعية مريحة.
وتشيع هذه الأجهزة في الأماكن التي يستمر بها العمل على مدار الساعة يوميا كالمستشفيات والمصانع والمطارات.
ويقول الرئيس التنفيذي لـ مترونابس، كريستوفر ليندهولم، إنهم بدأوا في بيع هذه الأجهزة إلى مؤسسات كالنوادي الصحية والجامعات.
ويقول ليندهولم: "عندما بدأنا، ظنّ بعض الناس أننا مجانين، إذْ نروّج للنوم أثناء ساعات العمل".
بي بي سي