الدور النفسي والتربوي للأسرة في الوقاية من المخدرات
October 5, 2019
من المجتمع
وفى دراسة للدكتور خالد المختار الفار، يرى أن الأسرة هي الوسط الذي يشبع الدوافع الطبيعية للفرد، ويحقق الإشباع العاطفي كعاطفة الأبوة والأمومة، وهي تمثل عاملًا أساسيًا لنقل القيم والعادات والتقاليد التي يتميز بها كل مجتمع عبر الأجيال على مدى العصور، وعلى هذا فالأسرة تقع عليها مسئولية نقل الاتجاهات الإيجابية للطفل وبتصورات موضوعية ومنطقية وفي خط موازٍ لطبيعة العالم الخارجي، وذلك حتى لا تحدث فجوة بين أسلوب الحياة داخل الأسرة وبين ما هو موجود في إطار المجتمع.
أهمية الأسرة
تتضح أهمية الأسرة في المجتمع في النقاط التالية:
قيامها بعمليات الضبط الاجتماعي: فتغرس في أطفالها الدافع نحو الامتثال لقواعد الانضباط المجتمعي، وتجنب السلوكيات اللااجتماعية ذات التأثيرات الضارة، التي لا تتناسب مع قيم المجتمع الحضارية.
الوظيفة الاقتصادية: إن العمل خارج محيط الأسرة سعيًا لتوفير نفقات المعيشة يؤدي إلى نشأة روابط وعلاقات اجتماعية واقتصادية.
الوظيفة النفسية: يحتاج الفرد إلى الشعور بالأمن والاحترام والتقدير، والأسرة توفر لأفرادها علاقات الاهتمام والأمن، وهي عناصر تسهم في تهيئة جو من الصحة النفسية والإيجابية داخل الحياة الأسرية، مما ينعكس أثره على المجتمع الخارجي.
حفظ النوع البشري: تهتم الأسرة بحفظ النوع البشري من خلال علاقات وتعاليم دينية، ففي الشريعة الإسلامية تشير العديد من الآيات القرآنية إلى تنظيم وحفظ النوع البشري ومن بينها الآية: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النحل: 72).
تربية الأطفال: الأسرة تقوم بتزويد أفرادها بمختلف الخبرات خلال سنوات حياتهم، وبالتالي يتعلم الاتجاهات والعادات التي تؤثر في تكوين شخصيته.
مشكلات الأسرة
تتعرض الأسرة للعديد من المشكلات التي قد تحول دون قيامها بوظائفها، وتتمثل تلك المشكلات فيما يلي:
تعارض الأنماط السلوكية للزوجين حول أساليب تربية الأطفال، وطرق اتخاذ القرارات ومعاملة الآخرين.
عدم تماثل الصفات والقيم والعادات والتقاليد الاجتماعية عند الزوجين، مما يؤدي إلى نشأة الصراع والتوتر وتفكك وانحلال الأسرة.
انخفاض مشاعر الحب والسعادة والتعاون تدريجيًا بعد الزواج، يؤدي إلى التوتر والفشل في تحقيق الأهداف التي كانت متصورة قبل الزواج.
عوامل أخرى تؤدي لانتشار المخدرات داخل الأسرة، منها:
العلاقات السيئة بين الوالدين والأبناء، مما يؤدي إلى سوء تكيف الأبناء، وقد يدفعهم إلى الانحراف والإدمان.
الانهيار الخلفي في الأسرة، كانحراف أحد الوالدين، وانعدام القيم الزوجية والخلفية، وفقدان المثل العليا، واختلال المعايير الاجتماعية.
سفر أولياء الأمور أو الآباء إلى الخارج، أو عدم وجود الوالدين في محل إقامة واحدة.
التطور المادي السريع في طرق العيش ووسائله، الذي من شأنه أن يحدث اضطرابًا في العادات والتقاليد والأوضاع الثقافية والتعليمية، والاقتصادية، مما يسهم في تبرير الفرد لممارسة السلوكيات المنحرفة ومنها تعاطي المخدرات.
التأثر بالحضارات الأخرى، وبالعادات والقيم السائد فيها، وتعرض الشباب إلى الفقر الفكري الذي يسعى إلى زعزعة القيم والمبادئ الحميدة.
وجود فجوة ثقافية تعليمية بين الأجيال في الأسرة، والمجتمع الواحد، الأمر الذي يؤدي إلى القلق والتوتر الذي قد يساعد على تعاطي المخدرات.
البطالة وعدم القدرة على استغلال أوقات الفراغ بما هو مفيد بسبب نقص وسائل الترفيه، الأمر الذي يؤدي إلى الملل، وممارسة السلوكيات المنحرفة.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن أعدادًا كبيرة من الأفراد الذين يتعاطون المخدرات كان بسبب العوامل الأسرية، حيث بينت دراسة أجراها (فاكورد) عام 1960، أن 97% من الشباب المدمنين كانوا ينتمون إلى أسر متفككة فيها أواصر المحبة بين الوالدين، أو منهارة نهائيًا بالطلاق والهجر.
كما توصل (بريبل) في دراسة له إلى أن متعاطي الهيروين يعاني من مشاكل أسرية كبيرة بسبب تفكك الأسرة، وشيوع الخلافات وعدم المبالاة بين أفرادها وعدم الانتماء، ولذلك يلجأ المدمن لتعاطي الهيروين ليتخلص من هذه المشاكل الضاغطة.
من خلال ما سبق يتضح لنا الدور الفعال والتأثير الكبير للأسرة في تربية الطفل والحفاظ عليه وأن هذا التأثير للأسرة يتفوق على بقية مؤسسات المجتمع كشركاء في التربية. بل إن نجاح هذه المؤسسات الاجتماعية الأخرى إنما يتوقف على هذا الدور التربوي والنفسي للأسرة تجاه أبناءها، من خلال الإرشاد والتوعية بأضرار ومخاطر المخدرات والخمور والتذكير بعقوبتها في الشريعة الإسلامية لمن يتعاطها أو يروجها، وكذلك التذكير بعواقبها الصحية والاجتماعية السالبة التي تؤدي بدورها إلى الإضرار أو عدم المحافظة على النفس والمال، وتداعياتها مثل التفكك الأسري وضياع أمن واستقرار الأسرة والمجتمع.
الحلول والتوصيات
إصلاح نظام التعليم والتربية في المجتمعات العربية والإسلامية وفقًا لمبادئ الإسلام، وذلك بإعداد الفرد المسلم الذي هو أساس البناء للأسرة والمجتمع.
إصلاح أجهزة الإعلام؛ حفاظًا على الدين والخلق، وتطهيرها من نشر الرذائل.
عدم السماح بفتح ملاهي الفساد وبيع الخمور والمخدرات.
تقوية الوازع الديني في نفوس الشباب ومساعدة الأسرة في ذلك.
التوعية بأضرار المخدرات والخمور لدى الفرد والأسرة والمجتمع، والتذكير بعقوبتهما في الشريعة الإسلامية لمن يتعاطها أو يروجها.
نهوض المساجد برسالتها في توعية الأسرة بدورها النفسي والتربوي في الوقاية من المخدرات.
ضرورة تضمين المناهج الدراسية في المراحل التعليمية المختلفة الطرق السليمة في تكوين أسرة سليمة قادرة على القيام بأدوارها المختلفة.
تشجيع المؤسسات والمراكز والهيئات الاستشارية المتعلقة بدراسة الأسرة وعمليات تكوينها حتى تقوم بدورها الإيجابي تجاه أبنائها.
قيام مؤسسات العمل التطوعي ومنظمات المجتمع المدني بتوعية الآباء والأمهات بالأساليب السليمة في التنشئة، وأهمية وجود الوالدين في حياة أبنائهما.