الصدمة النفسية يمر أغلب الناس بالضغوطات والمشاكل وبعض الأحداث التي تسبب صدمات نفسية لهم، وأثناء هذه المرحلة يكون الشخص غير مدرك للحدث الذي سبب له الصدمة، ويتصرف تصرفًا غير متوقع، فبعض الناس يغضبون ويصرخون، وبعضهم يبكي بحرقة، وقد تشتمل مرحلة الصدمة: الانغلاق العاطفي، والإنكار، والشعور بالغربة، والأرق، وتختلف ردود الفعل أثناء الصدمة، إذ تنقسم الصدمة النفسية إلى نوعين: النوع الأول الصدمات الكبيرة، وهي التي يستقبلها الإنسان كتهديد وجودي، واختبار للبنية النفسية ومرونتها، التي قد تسبب كربًا ما بعد الصدمة، وهي حالة تحتاج إلى الدعم المتخصص. أمّا النوع الثاني هو الصدمات الصغيرة كفشل العلاقات العاطفية، أو اكتشاف مرض معين، أو إخفاق في العمل أو في امتحان، وفي حالة الصدمات الصغيرة يمر الشخص بعدة مراحل تسمى مراحل الصدمة، وهي تحتاج أيضًا للدعم. مراحل الصدمة النفسية شرحت الكاتبة إليزابيث كوبلر في كتابها عن الموت والاحتضار On Death and Dying مراحل الصدمة النفسية وصنفتها إلى خمس مراحل، ابتداءً من مرحلة ما بعد الصدمة، وانتهاءً بمرحلة التعافي من أثارها والمراحل الخمس هي: الإنكار: عند التعرّض لحادث صادم مثل موت شخص عزيز، يكون أول رد فعل من الشخص المصدوم هو إنكار الحدث ورفض تصديقه، فشعور الإنكار يكون وسيلة الدفاع التي يتبعها العقل عن التغير الشديد الذي طرأ على حياته نتيجة فقدان شخص اعتاد وجوده دائمًا أو مثلًا عندما يعلم الشخص أنه مصاب بمرض قد يودي بحياته أو حياة شخص عزيز عليه، فالعقل يساعد في إنكار الحدث حتى يستوعب الشخص الحدث مع الوقت استيعابًا صحيًا، وقد يسيء بعض الناس فهم هذا التصرف ويعتبرونه تصرفًا غير صحي بل هو العكس تمامًا. مرحلة الغضب: وبعد أن يبدأ الشخص المصدوم باستيعاب الأمر الذي رفضه العقل وأنكره، يبدأ الواقع والألم والذكريات في الدخول لأفكاره وعقله، ويخرج هذا الألم على صورة غضب شديد، وقد يغضب الشخص المصدوم على أشخاص أغراب أو أشياء من حوله، أو أصدقائه وأهله، بل ربما يخرج الغضب على الشخص الذي يخاف من فقدانه كالشخص المريض الذي كان مرضه سبب الصدمة النفسية، رغم إدراك الشخص المصدوم أنه لا ذنب للآخرين بما حدث، وأنهم ربما يعانون من الفاجعة نفسها، فيغضب أكثر تجاه تصرفه الذي صدر منه. مرحلة التفاوض: بعد أن يرضى الشخص المصدوم بالأمر الواقع، تتصارع المشاعر بداخله من ألم وفقدان أمل، وعدم القدرة على تغيير الواقع، يبدأ العقل بالسيطرة على الشخص عن طريق التفكير في بدائل ربما كانت قد غيرت من النتيجة الحاصلة أو على الأقل خففت من واقعها، على سبيل المثال يبدأ الشخص المصدوم بالتفكير في ما لو اكتشف مرضه مبكرًا أو أجرى الفحوصات عند بداية الشعور بأعراض مرضه وعدم السكوت عنها، لو أنّه سمع كلام الطبيب أو ذهب لطبيب آخر، لو كان يعامل الشخص الذي فقده بطريقة أفضل والكثير من الأفكار والأسئلة التي تسيطر على عقله رغم علمه بأنّ هذا بلا فائدة، وأنّه لن يستطيع إعادة الماضي، ويبدأ شعوره بالندم ويتمنى لو أنّه يستطيع تغيير النتيجة، وتعدّ هذه المرحلة من أقسى المراحل وأصعبها، بسبب ما تحمله من ألم نفسي. مرحلة الاكتئاب: هناك نوعان من الاكتئاب يمر بهما الشخص المصدوم بعد الصدمة، الاكتئاب الأول هو رد الفعل العملي، والثاني الاكتئاب الداخلي، ويتلخص الأول بالمعاناة التي أصابت الشخص المصدوم والشعور بالألم والندم بسبب الصدمة النفسية الذي تعرض لها، وهي مرحلة تختبر قوة الدعم النفسي المحيطة له، إذ يكون الشخص حزينًا وفاقد للشهية، وكارهًا لكل مظاهر الحياة ومتشائمًا من المستقبل، وفاقدًا للتركيز مع شعوره بالتعب. أمّا النوع الثاني من الاكتئاب هو الداخلي، فإنّ أثره أخفّ وألطف على نفسية المصدوم من النوع الأول، إذ تكون مراحل الصدمة فيها داخلية ومهيئة لما حدث أو سيحدث، وكل ما يحتاجه الشخص فيها إلى توديع الأشخاص الذين يحبهم وربما الحصول على حضن نهائي قبل الفقدان. مرحلة التقبل والمعالجة: إنّ الوصول لهذه المرحلة إنجاز عظيم، فبعض الناس يتعرضون للموت المفاجئ؛ بسبب الأعراض والمراحل السابقة، وهنا يبدأ الشخص المصدوم تقبل واقع الصدمة وامتلاك الشجاعة لاستمرارية الحياة، وتتميز هذه المرحلة بالهدوء والانطواء، إذ تحمل في طياتها الحزن، ويبدأ الشخص التأقلم مع الفقدان أو مع المرض أو غيره من الأسباب، وتعتبرهذه تجربة فردية إذ لا يستطيع أحد مساعدته في تخطيها بسهولة، لكن إذا قاوم حزنه وهرب منه سيكون العلاج أطول وأصعب من الفترة اللازمة.
حياتك.كوم