• Wednesday, 25 December 2024
logo

العلاج بالقراءة: هل تحسن قراءة الكتب الصحة العقلية والذهنية للفرد؟

العلاج بالقراءة: هل تحسن قراءة الكتب الصحة العقلية والذهنية للفرد؟
قد يبدو الأمر غير بديهي، لكن الجلوس ومطالعة عمل أدبي جيد قد يكون أفضل وسيلة يلجأ إليه الفرد.

والسؤال كيف تساعدك قراءة الكتب في إعادة التوازن لنفسك؟ بداية، إنها توفر شكلا من أشكال الهروب أكثر بكثير مقارنة بأي عمل فني آخر.

وفيما يلي نتائج تجربة أجرتها بي بي سي بناء على لجنة تضم "خبراء العلاج بالقراءة"، وهم معالجون يستخدمون الكتب كجزء من العلاج، وهي من ضمن أهم توصياتهم لتهدئة أي نفس مضطربة.
كيف تساعدك قراءة الكتب في إعادة التوازن لنفسك؟
فالاختيار الصحيح لنوع من الأعمال الأدبية يجعل الفرد سعيدا كما يجدد نظرته تجاه العالم.

بماذا أوصت إيلا بيرثود، خبيرة العلاج بالقراءة، تيريزا ماي، رئيسة الوزراء البريطانية السابقة؟

تقول بيرثود، وهي مؤلفة وخبيرة في تأثير قراءة الأعمال الأدبية على الفرد كما تقدم نصائح شخصية لرواد مؤسسة "مدرسة الحياة" التعليمية في لندن : "بدأت برواية كلاسيكية من تأليف الكاتب الأمريكي هوبير سيلبي وهي (مرثية حلم) كتبها عام 1978".

وتضيف أن حكاية الأشخاص الأربعة الذين يكافحون أشكالا مختلفة من إدمان المخدرات، والتي تحولت لاحقا إلى فيلم سينمائي في مطلع الألفية، ربما تكون "كئيبة للغاية، لكنني أعتقد أنها ستجد نفسها في أحداث الرواية".

وتقول "الرسالة العامة لهذا الكتاب هي الدأب على المحاولة والتمسك بالمباديء، وأن يسعى المرء لاغتنام الفرصة باستمرار، لذا أتمنى أن تقرأها"، وأن تشعر بأنها (الرواية) تنقيها وتجددها.

امكن أن تقوم برحلة حول العالم وأنت تجلس مكانك في المنزل
السؤال كيف يمكن للكتاب أن يعيد التوازن للنفس؟ حسنا، "بداية، تتيح الأعمال الأدبية شكلا من أشكال الهروب أكثر بكثير من أي أعمال فنية أخرى."

وتقول بيرثود : "إنك ترى الصورة جاهزة عندما تشاهد فيلما أو برنامجا تلفزيونيا، بينما الرواية تجعلك تختلق بنفسك المشاهد، لذا هي أقوى تأثيرا، لأنك مشارك فيها".

ويتحدث أليكس ويتل، الروائي الناجح الذي لم تكن بدايته سهلة في الحياة، كيف اكتشف مارك توين في رواية "هكلبيري فين" أثناء إقامته في منزل لرعاية الأطفال في جنوبي لندن.

ويقول إن تجربة تلك القصة الخيالية في ذلك الوقت كان لها تأثير "انتقالي قوي" عليه.

ويضيف : "كان منزل رعاية الأطفال بشعا للغاية، لذا كانت رواية هكليبري فين ملاذا أهرب إليه من اضطراباتي اليومية."

ويقول : "كان بمقدوري على الأقل، في الساعة التاسعة أو التاسعة والنصف مساء، الاختباء تحت الغطاء ومعي كشاف إنارة صغير وأتصفح تلك الصفحات، كنت أتخيل أنني أطفو على نهر المسيسيبي، وأصادف قوارب بخارية وأتخذ قراراتي الخاصة بشأن المكان الذي أذهب إليه من أجل الأكل والاستمتاع بالراحة".

وتقول جيسي بورتون، مؤلفة أفضل روايات مبيعا وهي " المنمنم" و"الإلهام" و"فتيات مضطربات"، إن رواياتها المفضلة للقراءة خلال الأوقات الصعبة هي سلسلة "شارد ليك" للكاتب سي جيه سانسوم، وهي سلسلة تتناول وقائع تاريخية غامضة في إنجلترا خلال فترة الحقبة التيودورية (1485-1603).

وعندما تسبب النجاح الهائل لرواية بورتون "المنمنم" عند نشرها، قبل سنوات، في إثارة نوع من القلق الشديد لدى الكاتبة، كانت تجد تعزية وسلوى في كتابات سانسوم وتقول : "تضمين المرء نفسه في حبكة معقدة يسعى إلى حلها وينجح في ذلك، يعد نشاطا يستطيع الشخص به أن يعزل ذاته عن الطنين الذي يدوي في عقله".
إن كنت تعاني من حالة يأس فالقراءة تساعدك في التغلب على مصاعبك النفسية
وتتفق بيرثود وويتل وبورتون أيضا في الاعتقاد بأن الخيال التصالحي ليس بالضرورة أن يكون سعيدا، إذ يمكن أن يكون كئيبا وبشكل إيجابي.

ويتذكر ويتل، أثناء مراحل عمره، كيف كان والده يحدثه عن طفولته في جامايكا، وعندما "ينتقل رواة القصص من قرية إلى أخرى، خاصة في وقت الحصاد، ويرون قصص العبودية وأشياء من هذا القبيل."

ويقول : "إنها أشياء كئيبة للغاية، لكنها تبرز كفاح الناس".

وبالنسبة لأليكس، يكمن جزء من جاذبية الأدب البائس في تعزية غير متوقع الحصول عليها وأنه "يتعلق بكيفية تعرض أشخاص لاختبار، وكيف تغلبوا عليها".

إيلا بيرثود المعالجة بالقراءة (يسار) والروائية جيسي بورتون وأليكس ويتل
يمكن أيضا أن توفر إعادة قراءة الروايات المفضلة نوعا معينا من العلاجات بالقراءة، على نحو يسمح للشخص بتقييم نفسه من وجهة نظر أكثر استنارة.

وتقول بيرثود إن لديها علاقة طويلة الأمد مع رواية "تيس سليلة دربرفيل" للكاتب توماس هاردي.

وتضيف : "أول مرة قرأت فيها الرواية كنت أبلغ من العمر 15 عاما، تعرفت حقا على شخصية تيس، وفي المرة الثانية، بعد 10 سنوات، وجدت نفسي متوترة للغاية من سلبيتها، ثم قرأتها بعد 10 سنوات أخرى وبدأت أتفهم بعض قراراتها".

وتقول : "العودة مرارا وتكرارا إلى كتاب على مدار حياتك أمر مفيد بشكل لا يصدق، إذ تتعرف على ذاتك بشكل أفضل لأنك تزور طبقات داخلية تكونت بداخلك على مدار سنوات كأنك تعاين بصلة."

وإذا أولينا الاهتمام بصغار السن، نرى أن الأدب المقروء يلعب دورا مهما في معالجة أزمة الصحة العقلية لدى صغار السن، والتي أصبحت جزءا من نقاش على الساحة الدولية.

وتزداد روايات تستهدف صغار السن وتساعد المراهقين في التعامل مع مشكلات يواجهونها في حياتهم اليومية، من التنمر إلى المخدرات إلى قضايا المتحولين جنسيا وقضايا الاقصاء من المجتمع.







b b c
Top