• Monday, 29 April 2024
logo

ابدأ والغاية في ذهنك – (مبادئ القيادة الشّخصيّة)

ابدأ والغاية في ذهنك – (مبادئ القيادة الشّخصيّة)
أي أن تبدأ يومك بتخيّل أو بصورة أو بالتّصور الذّهنيّ لنهاية حياتك في إطار مرجعيّتك أو الإطار الذي تحدّده، فعندما تكون تلك النّهاية واضحة في ذهنك، يمكنك أن تكون واثقاً أنّ أي شيء تفعله في أي يوم لن ينتهك المعايير التي تحدّدها لنفسك، وتضعها على رأس اهتماماتك القصوى، وأنّ كلّ يوم من أيام حياتك سوف يسهم إسهاماً ذا مغزى في أسلوب رؤيتك لحياتك كلّها.

كما يقصد بأن تبدأ واضعاً الغاية في ذهنك، أن تفهم وجهتك، وأن تعرف إلى أين أنت ذاهب، ومن ثم تفهم أين تقف الآن، وبالتّالي تخطو على الطّريق الصّحيح.

وكم تختلف حياتنا عندما نعرف ما هي الأشياء المهمّة، ونحتفظ داخل أذهاننا بهذه الصّورة، ونعمل كل يوم لنكون ونفعل ما نريد، فإذا وضعنا السّلم على الجّدار الخطأ فإن كل خطوة نخطوها تقرّبنا بسرعة إلى المكان الخطأ، وربما نكون أكفأ ولكن لن نحقق الكفاءة الحقيقيّة ما لم نبدأ واضعين الغاية في أذهاننا.

وإذا فكّرت ما الذي تريد أن يقال عنك في جنازتك، ستدرك تعريفك للنّجاح، وربما يكون مختلفاً كلّ الاختلاف عن الفكرة التي كنت تعتقد أنّها في ذهنك، مثل الشّهرة أو المال أو أي شيء آخر نتوق لتحقيقه.كل الأمور تُبتكر مرّتين
إنّ مفهوم ابدأ واضعاً الغاية في ذهنك قائم على أساس أنّ جميع الأمور تُبتكر مرّتين، أي أنّها تبدأ بالابتكار الذّهني أوّلاً، ثم الابتكار المادّي ثانياً، ولتوضيح هذه الفكرة سنأخذ إنشاء المنزل مثالاً لنا، فعندما تريد بناء منزل تخطط لكل التّفاصيل قبل أن تدق مسماراً واحداً، وتحاول جاهداً أن تُكوّن فكرة واضحة حول نوعيّة المنزل الذي تريد، ثمّ تقوم بإعداد رسم للمنزل واصفاً مخطّط البناء، كل هذا يجري قبل أن تبدأ فعليّاً ببناء المنزل، وما لم تقم بكل هذه الأمور ستضطر عند الابتكار الثّاني أو الابتكار المادّي، إلى إجراء تغييرات مكلفة قد تصل إلى ضعف تكلفة إنشاء المنزل.

ويستخدم النّاس هذا المبدأ في نواحٍ مختلفة من حياتهم وبدرجات متفاوتة، فقبل توجّهك في رحلة تحدّد وجهتك أوّلاً، وتضع خطّة لأفضل الطّرق التي تتّبعها، وقبل أن تزرع حديقتك تضع خطّة في عقلك وربما تضعها على الورق، وكتابة الخطب يسبق إلقاؤها، والتّفكير في أسلوب تنسيق الحديقة يسبق عملية التّنسيق ذاتها، وتصميم الملابس يسبق عملية إدخال الخيط في الإبرة..قد لا تكون أنت المبتكر الأوّل !!
صحيح بأنّ الأشياء تبتكر مرّتين، ولكن ليس كل ابتكار أوّل نتاج لتصميم واعٍ، فقد يقوم الآخرون أو الظّروف الخارجة عن دائرة تأثيرنا إلى تشكيل حياتنا نيابةً عنّا، ومن ثم نعيش وفقاً للنّص الذي تكتبه لنا أسرنا أو زملاؤنا أو ضغوط الظّروف.

وسواء أدركنا هذا أم لا، وسواء كنا نملك السّيطرة عليه أم لا، فهناك ابتكار أوّل في كل جزء من أجزاء حياتنا، فنحن إمّا أن نكون الابتكار الثّاني لتصميمنا المبادر أو الابتكار الثاني لجداول الآخرين أو الظّروف أو العادات السابقة.



القيادة والإدارة – الابتكاران
ما الفرق بين القيادة والإدارة ؟

*الإدارة تركّز على القاعدة الأساسيّة: كيف يمكنني إنجاز تلك الأمور على الوجه الأكمل ؟، أمّا القيادة فتركّز على الخطوط العلويّة، ما هي الأشياء التي أودّ تحقيقها ؟

*الإدارة هي أداء الأمور بالطّريقة الصّحيحة، أما القيادة فهي القيام بالأمور الصّحيحة.*الإدارة هي الكفاءة في ارتقاء سلّم النّجاح، أما القيادة فهي التّأكد من أنّ السّلم يستند إلى الجّدار الصّحيح.

*إنّ القيادة هي الابتكار الأوّل، بينما الإدارة هي الابتكار الثّاني.تأكد من أنك تسير بالاتجاه الصحيح
نحن كأفراد وجماعات وشركات غالباً ما ننشغل بقطع الأشجار والحشائش دون أن نفطن أنّنا نسير في الغابة الخطأ، والبيئة التي نعيش بها والتي تتّسم بالتّغير المتسارع تزيد من أهمّيّة القيادة الفعّالة عن أي وقت سابق في كل منحى من مناحي الحياة، لذا تتزايد حاجتنا إلى بوصلة (أي مجموعة من المبادئ أو التّوجيهات) وتقلّ حاجتنا إلى خريطة للطّريق، حيث أنّنا سنعتمد في الغالب على مقدرتنا على اتخاذ قرارات سريعة، ونحن غالباً نجهل ماهيّة الأرض التي نتقدّم فيها أو ما يعوزنا لنمضي قدماً فيها.

ولا تعتمد الفعاليّة على مقدار الجهد المبذول، ولكن تعتمد على ما إذا كان هذا الجّهد يسير في الاتّجاه الصّحيح أم لا، وتعتمد عمليّة التّحوّل في معظم الصّناعات على القيادة أوّلاً ثم الإدارة ثانياً، فمهما حقّقت الإدارة من نجاح فإنّه لن يعوّض فشل القيادة.

ومع الأسف نحن نفتقر إلى وجود القيادة في حياتنا الشّخصية، فنحن نركّز على الإدارة الفعالة، ووضع الأهداف وتحقيقها قبل أن نحدّد قيمنا.ولأنّنا نعيش بالفعل العديد من النّصوص التي كتبها لنا أشخاص آخرين، فإنّ عملية إعادة كتابة النّص الخاص بنا هي في الواقع عملية تغيير في التّصوّر الذّهني، تتعلّق بإدخال بعض التّعديلات على التّصوّرات الذّهنيّة الأساسيّة المتكوّنة لدينا بالفعل، ونحن في طريقنا إلى التّعرف على النّصوص غير الفعالة والتّصورات الذّهنية الخاطئة وغير المكتملة لدينا، يمكننا المبادرة بكتابة النّصوص الخاصّة بنا.

وخلال عملية تطوير الإدراك الذّاتي يكتشف العديد منّا بداخله نصوصاً غير فعّالة وعادات متأصّلة عديمة النّفع، والتي لا تتلائم تماماً مع الأشياء القيّمة في حياتنا، وتقول العادة الثّانية إنّنا لا ينبغي علينا التّعايش مع تلك النّصوص، وإنّنا مسؤولون عن استخدام خيالنا وملكاتنا الإبداعيّة لكتابة نصوص جدّيّة أكثر فعاليّة وتلاؤماً مع قيمنا المتأصّلة والمبادئ الصّحيحة التي تعطي لقيمنا المعنى.البدء والغاية في ذهنك هو أكثر الطّرق فعاليّة لوضع رسالة للحياة الشّخصيّة، إنّها طريقة تركّز على ما تريد أن تكون(الشّخصيّة) وما تريد أن تفعل(الإسهامات والإنجازات) وعلى القيم والمبادئ التي يقوم على أساسها ما تريد وما تفعل.

ويمكننا أن نطلق على رسالة الحياة الشّخصيّة اسم الدّستور الشّخصي، وهو يشبه دستور البلاد إلى حدّ كبير، فهو غير قابل للتّغيير، وهو المعيار الذي تقوم على أساسه كلّ القوانين في البلاد، وهو الوثيقة التي يقسم الرّئيس على الدّفاع عنها ودعمها عندما يحلف القسم، وهو الأساس والمركز الذي يمكّن النّاس من المرور في خضم الأمور الجّسام مثل الحروب، إنّه المعيار المكتوب والعامل الأساسي الذي تقيّم وتوجّه على أساسه كل الأشياء الأخرى.

وإن المبادئ السّليمة والحقائق الثّابتة التي يتضمّنها الدّستور هي ما تعطيه القوّة الدّائمة، وكذلك الأمر بالنّسبة لرسالة الحياة الشّخصيّة، فإنّها تصبح معياراً للفرد عندما تكون قائمة على أساس معايير سليمة، ومع وجود رسالة لنا بالحياة يكون بمقدورنا الانسجام مع التّغيرات ولن نحتاج إلى أحكام مسبقة أو تحامل ولن نحتاج إلى التّعرف على كل ما تحتويه الحياة وإلى عمل نموذج أوّلي وتصنيف لكلّ شيء ولكل شخص من أجل التّعامل مع الواقع، وما أن تشعر برسالتك في الحياة حتى تمتلك جوهر المبادرة، إنّك تمتلك الرّؤية والقيم التي توجّه حياتك، إنّك تمتلك الاتّجاه الأساسي الذي تضع على أساسه أهدافك طويلة الأجل وقصيرة الأجل، إنّك تمتلك في يدك قوّة دستورك المكتوب القائم على أساس من المبادئ الصحيحة والذي يمكن على أساسها قياس كل قرار يتعلّق بالاستغلال الأمثل لوقتك وطاقتك ومواهبك قياساً فعالاً.حتّى تتمكّن من كتابة رسالة حياتك الشّخصيّة، يجب عليك البدء من مركز دائرة تأثيرك، ويتألّف المركز من أهم تصوّراتنا الذّهنية الأساسيّة، أي العدسات التي نرى العالم من خلالها، وهذا هو المكان الذي نتعامل بداخله مع رؤيتنا وقيمنا، وهنا أيضاً تمكّننا جهودنا المركّزة من تحقيق أعظم النّتائج، فبينما نعمل على مركز دائرة تأثيرنا نقوم بتوسيعها وهذه هي ذروة الفعاليّة، والتي من شأنها التّأثير على فعاليّة كل منحى من مناحي حياتنا، وبغضّ النّظر عما يحتلّ مركز حياتنا، فهو بلا شك المصدر الذي يمدّنا بالأمان والإرشاد والحكمة والقوّة.

*ويمثل الأمن: إحساسك بقيمتك وهويّتك ومرساك العاطفي وتقديرك لذاتك وقوّة شخصيّتك الأساسيّة أو افتقارك لها.

*ويقصد بالإرشاد: مصدر التوجّه في حياتك، والإطار الدّاخلي لمرجعيّتك والذي تتضمّنه خريطتك والذي يفسّر لك ما يحدث بالخارج، هو عبارة عن معايير أو مبادئ تحكم قراراتك وتصرّفاتك لحظة بلحظة.

*أما الحكمة: فهي منظورك للحياة، وإحساسك بالتّوازن، وتفهّمك لكيفية تطبيق الأجزاء والمبادئ المختلفة وربطها ببعضها البعض، وتتضمّن الحكمة القدرة على إصدار أحكام صحيحة والفهم والتّمييز السّليم، إنّها وحدة واحدة أو كلّ متكامل.

*والقوّة: هي الملكة أو القدرة على التّصرّف، وهي القوّة والتّأثير اللذان يساعدان على إنجاز الأعمال، وهي الطّاقة الحيويّة المستخدمة في اتخاذ القرارات، كما أنّها تتضمّن القدرة على التّغلب على العادات المتأصّلة، وزرع عادات أخرى بديلة أسمى

وأكثر فعاليّة.وتلك المراحل الأربعة – الأمن والإرشاد والحكمة والقوّة – تعتمد على بعضها البعض، فالأمن والإرشاد الواضحان يؤدّيان إلى الحكمة، وتصبح الحكمة هي الشّرارة أو الحافز الذي يطلق القوّة ويوجّهها، وعندما تجتمع تلك العوامل الأربعة معاً وتتناغم مع بعضها البعض فإنّها تخلق القوّة العظيمة للشّخصية النّبيلة، وتخلق شخصيّة متوازنة، وتخلق تكاملاً فرديّاً جميلاً، وتنطوي تلك العوامل التي تدعم الحياة على كل بعد من أبعاد الحياة، لذا إن لم تكن كلّها موجودة فلا فائدة منها.

أنواع المراكز


لكل واحد منّا مركزه الخاص على الرغم من أنّنا عادة لا ندرك وجوده، كما أنّنا أيضاً لا ندرك التّأثيرات التي يضفيها هذا المركز على حياتنا. والآن سوف نستعرض بعض التّصورات الذهنية الأساسيّة للنّاس كي نفهم جيّداً كيف تؤثّر تلك الأبعاد الأربعة الأساسيّة.



1- التّمحور حول الأسرة:

*الأمن: تجد أمنك في تقبّل أسرتك لك وتحقيقك لتوقّعاتهم، ينبثق إحساسك بالأمن من أسرتك، يقوم إحساسك بقيمتك على أساس سمعة عائلتك.

*الإرشاد: النّص الذي وضعته الأسرة هو المصدر الذي تستقي منه التّوجّهات والسّلوكيّات الصّائبة، معيار اتخاذك للقرا رات هو صالح الأسرة أو ما يريده أفراد الأسرة.

*الحكمة: تفسّر الحياة وفقاً لأسرتك، مما يجعلك تعتنق مفهوماً مشوّهاً وتصبح مهووساً بالعائلة.

*القوّة: نماذج الأسرة وتقاليدها تقيّد تصرفاتك.

2- التّمحور حول المال:

*الأمن: صافي ثروتك هو ما يحدّد قيمتك، أنت معرّض للأذى من كل ما يهدّد أمنك الاقتصادي.

*الإرشاد: الرّبح هو المعيار الذي تتّخذ وفقاً له قراراتك.

*الحكمة: جني المال هو العدسة التي ترى الحياة وتفهمها من خلالها، ومن ثم تأتي قراراتك غير متّزنة.

*القوّة: أنت مقيّد بما يمكنك إنجازه بمالك وبمنظورك المحدود.



3- التّمحور حول العمل:

*الأمن: أنت تنزع إلى تعريف نفسك من خلال عملك، لا تشعر بالرّاحة إلّا في العمل.

*الإرشاد: تتخذ قراراتك وفقاً لاحتياجات عملك وتوقّعاته.

*الحكمة: أنت تميل إلى تقييد نفسك بقيود العمل، ترى أنّ عملك هو حياتك.

*القوّة: تصرفاتك محدودة بنماذج العمل والفرص الوظيفيّة والقيود المؤسّسيّة، وفي نفس الوقت تفتقر إلى القدرة على العمل في مناحي الحياة الأخرى.



4- التّمحور حول السّعادة:

*الأمن: لا تشعر بالأمن ما لم تكن في قمّة سعادتك، شعورك بالأمن لا يدوم لفترة طويلة ويعتمد على الوسط المحيط بك.

*الإرشاد: تتّخذ قراراتك بناءً على ما يمنحك السّعادة.

*الحكمة: ترى العالم من منظور ما تناله منها.

*القوّة: تهمل قوّتك تماماً.



5- التّمحور حول الصّديق:

*الأمن: أمنك انعكاس للمرآة الاجتماعيّة، تعتمد بدرجة كبيرة على آراء الآخرين.

*الإرشاد: معيار اتّخاذك للقرارات هو “ماذا سيكون رأيهم ؟”.

*الحكمة: ترى العالم من خلال عدسة المجتمع.

*القوّة: أنت مقيّد بالمنطقة الاجتماعيّة التي تريحك، وتصرفاتك لا تقل ضعفاً عن آرائك.



6- التّمحور حول دار العبادة:

*الأمن: يقوم إحساسك بالأمن على النّشاط الذي تمارسه في دار العبادة وعلى التّقدير الذي تحظى به نتيجة لسلطة الدّين وتأثيره.

*الإرشاد: تسترشد بتقييم الآخرين لتصرّفاتك في إطار تعاليم الدّين وتوقّعاته.








Top