• Tuesday, 24 December 2024
logo

حساب كل الإحتمالات

حساب كل الإحتمالات
يقع كثير من الناس في هذة الورطة الذهنية القاتلة. عندما يقررون أمرا فإنهم وبكل ما منحهم الله من تفكير يقومون بفتح كل الإحتمالات الممكنة منذ البداية. هم لا يعلمون بأن تقدمهم للمرحلة القادمة لن يتم إلا بعد سد كل الإحتمالات.

لذلك أكثر الناس تموت الرغبة لديهم وهي في المهد. عقولهم تخبرهم بأنهم رائعين لأنهم يحسبون كل الإحتمالات لكن ما لا تخبرهم عقولهم عنه هو أنهم أوقعوا أنفسهم في الشك في قدراتهم وسحبوا البساط من تحت أقدام قراراتهم التي إتخذوها للتو. كل إحتمال يتم التفكير فيه يجب الرد عليه ردا منطقيا يقتنع به العقل وإلا لن يحدث تقدم أبدا. حتى وإن تجاهل الإنسان كل الإحتمالات فإنه إنما يخطط للفشل لأن العقل مازال يتذكر بأن هناك عشرة إحتمالات يجب الرد عليها. هذا يؤدي إلى فقد الثقة في النفس. إذا عزمت فتوكل لأن في المرحلة التالية سيكون أمامك إحتمال واحد لإجتيازها. إبدأ بإحتمال واحد وتقدم ثم إذا وصلت إلى المرحلة التالية سيكون أمامك إحتمال واحد للدخول وهذا ما يجب عليك التفكير فيه وذلك الإحتمال لن تعرفه إلا بعد أن تصل.

لماذا تحاول توقع المستقبل؟ ليس هناك سبب مقنع أبدا لأن كل مرحلة تقبل إحتمالا واحدا فقط للتقدم. لو كان تقدمك يحتاج ٤ مراحل مثلا سيكون أمامك ٤ أسئلة تجيب عليها وعادة لن يأتي وقت السؤال إلا وأنت قد إكتسبت ما يكفي من الخبرة أثناء تقدمك للإجابة عليه لذا لا داعي للقلق. أما إن فتحت في بداية كل مرحلة ٥ إحتمالات مثلا فستكون مضطرا لتقديم ٢٠ حل لكل المراحل. ستكون قد أرهقت عقلك في أمور لا طائل منها وأخرت نفسك عن الحصول على النتيجة المرجوة.

في لغات برمجة الكمبيوتر الفرق بين برنامج خفيف وبرنامج ثقيل على الجهاز هو أسلوب تفكير المبرمج. فالمبرج الذي يذكر كل الإحتمالات ليستبعدها البرنامج ويبقى على الإحتمال المطلوب يكتب سطور برمجة أطول من المبرمج الذي لا يقبل في كل مرحلة إلا قيمة واحدة لإتمام العملية لأن كل القيم الأخرى بما أنها لم تذكر فهي غير مقبولة. حتى أمنيا هذا أفضل.

عقلك لا يختلف عن جهاز الحاسب. نحن ضمن نفس المنطق.

إن كنت تفتح إحتمالات كثيرة فأنت إنسان متشائم الله يعينك على نفسك لأنك تشتت تفكيرك وتهدر طاقتك في الهواء. إنجازاتك على أحسن تقدير ستكون متواضعة أو بثمن مرتفع وهذا ما قد يجعلك تعتقد بأن النجاح صعب. النجاح ليس صعبا ولكنك تجعله صعبا على نفسك.
Top