حين يضع القلب نظارته
April 20, 2019
من المجتمع
حسناً , اليوم جاء الوقت لتصبح هذه الممازحة موضوعاً يهم كل شخص في مجتمعنا وحياتنا, موضوع (القرارات العاطفية ) , تلك الهواجس المؤرقة , الممسوسة بالوحشة والعذاب, فكم من فتاة تراها قد شحب وجهها قبل أن تفصح لك عن خياراتها العاطفية الصعبة, وكيف أصبح القرار أمامها يدخل ضمن أعقد المسميات(معجزة- مغامرة العمر- السقوط الحر نحو الأعلى) والكثير من الأوصاف التي أبدعها ما نشتهي أن نسميه في أيامنا العادية ” الحب الأعمى”, ليصبح هذا الأمر يمثل خطورة تتجاوز لحظات اتخاذ القرار, بل ليؤثر على كامل المشهد القادم من الحياة الزوجية أو علاقاتنا القادمة, فالسؤال الأحجية دائماً : ماذا لو لم يكن قراري العاطفي صائباً وكان غلطة العمر, ربما سيكون كارثة حقيقية بحق أسرتي الافتراضية في المستقبل, ماذا أفعل بحق السماء!!!
كان لابد لي أنطلق من واقعنا لأسس لمرحلة الحديث عن عواطفنا وانفعالاتنا وبالأخص قضية القرارات العاطفية, والتي أصبحت لا تتعلق فقط بصاحب العواطف أو الشريكين, فالأمر يتجاوزهما ,وربما يخرج عن سيطرتهما ,وخصوصاً حين يكون الأمر متعلق بالزواج, فالأهل لهم هنا قرار, وللمحيط الاجتماعي وظروفه وعاداته قرار , وللدين وتعدد طوائفه من حيث تركيبته قراره, حتى نصل لعاشقين أنهكهما تعدد القرارات , فأصبحت بساطة القرار هي الأعقد, وأصبحت الأحلام أشبه بكابوس يتربص على صدريهما.حين نتحدث عن القراءة النفسية للقرارات العاطفية , لابد لنا من الحديث عن التركيبة العاطفية , والتي تختلف كل الاختلاف بين الرجل والمرأة, ففي الوقت الذي يبدو الرجل في أغلب أحواله يعاني فتور العواطف, وهذا طبيعي من ناحية وظيفته الطبيعية التي تعتمد على القوة لحماية أسرته وتأمينها وهذه القوة تتعارض مع العاطفة, بينما نرى المرأة التي تتشكل كل مسامة نفسية فيها من العواطف , والتي بدورها أيضاً ضرورية لها كحاجة أساسية في الأمومة وفي حياتها الأنثوية اجمالاً, هنا تظهر جلية فجوة الاختلاف بين الرجل والمرأة حول طبيعة اتخاذ القرار العاطفي أساساً , فالرجل يتخذ قراره العاطفي واضعاً بعين الاعتبار الكثير من القضايا وعلى رأسها مكانة المرأة سواء جمالياً أو عقلياً أو اجتماعياً, وهذا نسبي بين رجل وآخر, ثم يحاول معالجة باقي الاعتبارات كتأمين المسكن والمصاريف والكثير من التفاصيل الأخرى, بينما القرار العاطفي عند المرأة فهو في ضفة أخرى , فهنا المرأة تَسرح في خيال عواطفها بكل رومانسية (منزل العمر وزوج العمر والحياة الموعودة) مستندة على المشاعر كعنصر أساسي في قرارها , وهذا لا يمنع أن تفكر في جوانب أخرى كالحالة المادية والاجتماعية والعلمية وغيرها, ولكن حتى هذه الأمور تراها بعدسة العاطفة قبل كل شيء.هذا الاختلاف يعبر عنه الكاتب الشهير باولو كويلو بقوله ” أن القرارات تشكل فقط بداية شيء ما . فعندما يتخذ شخص ما قرارات يغوص فعلاً في تيار جارف نحو وجهة لم يكن يتوقعها إطلاقاً حتى في الحلم لحظة اتخاذ القرار”
وصعوبة القرار تتأتى حسب ما يشير “كويلو “من أنها قد تكون نابعة من العاطفة ولحظة اصطدامها بالواقع, فحين لا تتناسب أحلام قراراتنا مع الواقع تصنع شرخاً نفسياً قد يؤثر فيما بعد على مسيرة الحياة الزوجية القادمة وعلى تربية الأولاد ومدى الحنان والرعاية النفسية التي يمكن أن نمنحهم إياها في ظل احساس الطرفين بصحة قراراتهم العاطفية منذ البداية أو من عدمها .وهنا ننتظر الكثير من النصائح حول اتخاذ القرارات العاطفية بشكلها الصحيح:
لأن طبيعة القرارات العاطفية مبنية في أساسها على الانفعال, من المهم جداً الابتعاد عن اتخاذ أي قرار عاطفي, وبالأخص إذا كان مصيرياً , ونحن تحت تأثير ضغوط كالقلق من تقدم العمر أو الخوف من ضياع الشريك أو الغضب من الأهل وتعاملهم معنا والخلاص منهم , بالإضافة إلى القرارات التي تأتي عقب فشل في علاقة عاطفية سابقة ليكون القرار هنا كردة فعل حول الماضي لا أكثر
هناك من يحاول وبالأخص الرجال, البحث في قراراتهم العاطفية بطريقة منطقية فقط دون الالتفات إلى ما تقوله العواطف, كما نرى لدى بعض النساء الجموح نحو العاطفة فقط في اتخاذها القرار, لذا سنكرر ما نقوله دائماً: (المنطق والعاطفة هما الحالة المثالية, حسناً إذا كان هذا الأمر صعباً فمنك المنطق ومنها العاطفة ولتجتمع في قرار واحد بالاتفاق بين الطرفين)
يمكننا مناقشة المسألة مع أنفسنا في أكثر من صورة وبأكثر من بعد ,هذا سيمنحنا ادراك أوسع حول نوعية القرار وابراز ايجابياته وسلبياته بشكل أوسع
لا بأس من سماع آراء المقربين الموثوقين , ليس من ناحية رأيهم بالشخص فهذا تحدده عواطفك أنت فقط, بل من ناحية الظروف المحيطة والتي قد تمنعك العاطفة من رؤيتها
منذ البدء في التعارف اذا كان واضحاً أن الظروف المجتمعية أو الدينية مثلا لن تساعد الطرفين في بناء علاقة سليمة فمن الأفضل عدم الخوض فيها قبل الوقوع في شرك العاطفة وحينها تكون الجراح أكبر والقرارات لن تكون بشكلها السليم