"أمي، لا تنشري صوري على الإنترنت"
March 31, 2019
من المجتمع
ويزيد هذا الأمر من التقارب بين الآباء والأبناء، لكنه قد يكون مصدرا للخلاف بسبب نشر الآباء والأمهات صورا لأبنائهم بدون إذن، خاصة إذا كانوا غير واعين لإعدادات الخصوصية.
فهل يعد ذلك تجاوزا في حق الأبناء؟ وكيف يقاوم الأبناء هذه الظاهرة؟
وعاد الجدل حول هذا الأمر بعد مشاركة الممثلة الأمريكية غونيث بالترو صورة مع ابنتها، آبل مارتن، 14 عاما، أثناء التزحلق على الجليد.وحصلت الصورة على أكثر من 150 ألف نقرة إعجاب، لكن آبل أبدت استيائها. وعلقت على الصورة من حسابها الخاص فقالت: "أمي، ناقشنا هذه الأمر من قبل. لا يحق لك مشاركة أي شيء بدون موافقتي."وردت بالترو على التعليق فقالت: "لا يمكن رؤية وجهك في الصورة".
وفجر هذا التعليق الجدل بين جمهور بالترو، إذ رأى البعض أن لها الحق في مشاركة صور مع ابنتها، في حين أيّد آخرون حق الأبناء في الخصوصية.
لم يكره الناس مشاركة صور الأبناء؟
تكمن المفارقة في أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تسمح بالاشتراك لمن تقل أعمارهم عن 13 عاما. وبذلك، يتعرض المراهقون لصدمة عند بدء استخدامهم لهذه المواقع.
ويقول كونراد إتوربي، مطور برامج أسباني يبلغ من العمر 19 عاما، إن الأمر كان أشبه "بصدمة كبرى" عندما أدرك أن والديه ينشران صوره في المواقع الإلكترونية."وقال في حوار مع بي بي سي: "كان لدى أمي حساب على تطبيق إنستغرام قبل أن يكون لدي هاتف، فلم أكن على علم بأن صوري تُنشر إلكترونيا."
وتابع: "لا أحب نشر صوري على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أنني لا أنشر صوري على حسابي الشخصي. وعندما تابعت حساب أمي، طلبت منها حذف صوري لأنني لم آذن لها بنشرها."
وتفهمت والدة كونراد الأمر، وحذفت صوره سريعا. وهو رد الفعل الذي يرى أن على كل الآباء الالتزام به.
ويقول إن اكتشاف صوره على مواقع التواصل الاجتماعي جعله يشعر "باختراق الخصوصية". وزاد استيائه بسبب وجود صور من طفولته، وأن حساب والدته كان متاحا للعامة.
"فأنا لا أريد نشر صور لي في شبابي وطفولتي، لأنها شديدة الخصوصية. كما أخشى من لوغاريتمات التعرف على الوجوه، التي قد تمكّن الناس من تتبعي عندما أصبح أكبر سنا."
وتعرضت سونيا بخاري، الأمريكية البالغة من العمر 14 عاما، لنفس التجربة عندما سجلت حسابات على فيسبوك وتويتر.
وكتبت في مقال إنها "عندما رأيت صوري التي نشرتها والدتي على فيسبوك على مدار سنوات، شعرت بالإحراج والخذلان. فهذا الحساب المتاح للعامة على فيسبوك يحتوي على كل اللقطات المحرجة من طفولتي، مثل الخطاب الذي كتبته لجنية الأسنان وأنا في الخامسة، وصوري وأنا أبكي في طفولتي، وصور لي لم أكن أعلم بوجودها أثناء إحدى الإجازات وأنا في سن 12 و13 عاما."
ولا يعترض الجميع على نشر صور الوالدين للأبناء. وتقول شارلوت كريستي، طالبة في لندن تبلغ من العمر 23 عاما، إنها ترى الأمر "طبيعيا جدا".وكانت كريستي بعمر الثالثة عشر عندما بدأت والدتها بنشر صورها على فيسبوك. "وكانت تذكر حسابي في الصور، فبالتالي تظهر لجميع اصدقائي. كنت أرى الأمر محرجا، لكن لم أكن مستاءة لدرجة مطالبتها بحذف الصور."
وتابعت: "أعتقد أننا نقع تحت ضغط اجتماعي لتكون صورنا دائما جميلة. لكني لا أهتم كثيرة إذا نشرت أمي صورة غير جميلة لي. وأعتقد أنني أنشر صورا لأمي بنفس القدر، وأراه أمرا طبيعيا. ولا يحتاج الأمر استئذانها لي... إنها أمي!"
ما مدى خطورة الأمر؟
وبالنسبة لـ سارة (وهو اسم مستعار) التي يبلغ عمرها 29 عاما وتعمل في مجال الصحة في هونغ كونغ، فإن أكثر ما يقلقها هو تبعات هذا الأمر على خصوصيتها.
وقالت في حوار مع بي بي سي: "عندما كنت بعمر 21 عاما، نشرت أمي مجموعة من صوري الشخصية، منذ ولادتي وحتى سن العشرين".
وتابعت: "كانت الصور متاحة للعامة، فشعرت بعدم الأمان. لا أريد أن يرى الجميع صوري في طفولتي. وأعرف أنه عند البحث عني على غوغل بالاسم أو الصورة، ستظهر هذه الصور. وكلما شاركت أمي المزيد من الصور، تزيد البيانات التي تجمعها شركات التكنولوجيا عن ملامحي."وأجرت أندرا سيباك، أستاذة الإعلام بجامعة تارتو في إستونيا، العديد من الدراسات حول مشاركة الآباء لصور الأبناء.
وشملت إحدى الدراسات أطفالا في الفئة العمرية ما بين 9 أعوام و13 عاما. وكشفت أن الأطفال يحبون "مشاركة الآباء لأشياء إيجابية عنهم"، لكن ثمة خلاف كبيرة حول ما يعتبره كل من الطرفين "إيجابيا"
وجاء في الدراسة أن "الأبناء لا يريدون نشر صور غير جميلة لهم، مثل التي يظهرون فيها وشعورهم غير مهندمة، أو وهم يلبسون ثيابا لا يحبونها."
وقد لا يرى الآباء مشكلة في هذه الصور. لكن بالنسبة للمراهقين، تؤثر هذه الصور على نظرتهم لأنفسهم، أو تعرضهم للتنمر الإلكتروني.
كما تشير سيباك إلى خطر "الاختطاف الإلكتروني"، إذ يحصل الأغراب على صور الطفل التي تُنشر بلا خصوصية، ويستخدمونها للنصب أو لأغراض جنسية.
بي بي سي