• Sunday, 22 December 2024
logo

لماذا تكلفك "الحساسية الغذائية" أموالاً أكثر لشراء طعامك؟

لماذا تكلفك
لسنواتٍ طويلة، لم أكن أعلم أنني أعاني من مشكلةٍ صحيةٍ مزمنةٍ في معدتي منذ ولادتي تقريباً. ربما بدا لكم الأمر منافياً للعقل، وهو ما يبدو كذلك بالنسبة لي أنا أيضاً إذا ما فكرت فيه بأثرٍ رجعي. لكن إذا ما كنت تعاني من مرضٍ يصيب جهاز المناعة - من النوع الذي يُطلق عليه اسم أمراض المناعة الذاتية مثل "الداء البطني" أو "السيلياك" الذي أعاني منه - فلن يكون بوسعك أن تعلم على الأغلب كيف يمكنك أن تعيش بطريقةٍ أخرى.

وقبل أن يكشف فحصٌ للدم - أُجري أواخر العام الماضي وأنا في عمر 31 عاماً - عن معاناتي من "الداء البطني" الذي يُطلق عليه أيضاً اسم "الداء الزلاقي"، كنت أشعر دائماً بألمٍ طفيفٍ ومبهمٍ كلما ضغطت على أمعائي. غير أنني لم أكن أفكر في تلك الآونة - ولو لثانيةٍ واحدة - في عدد المرات التي أصاب فيها بانتفاخٍ مؤلمٍ في البطن دون سابق إنذار. لكن عندما ظللت أعاني لأسبوعين كاملين مما ظننت وقتها أنه أسوأ نوبة تسممٍ غذائيٍ أصبت بها في حياتي، دفعني زوجي دفعاً نحو استشارة طبيب.

عَلِمتُ حينذاك أن جهازي المناعي كان يهاجم نفسه، كلما تناولت طعاماً يحتوي على مادة الغلوتين.

ويمثل الداء الذي أعاني منه رد فعلٍ ذاتياً وتلقائياً من جانب جهاز المناعة لديّ، على البروتينات الموجودة في القمح والشعير وحبوب الجاودار، وهو يختلف عن الإصابة بالحساسية المفرطة من الغلوتين. ويُعاني من تُشخص إصابتهم بهذا الداء من مشكلاتٍ في الأمعاء بسبب تناول الغلوتين، وقد يقود عدم التعرف على هذه المشكلة الصحية على نحوٍ سليم أو العجز عن التحكم فيها والسيطرة عليها، إلى تحويلها إلى مقدمةٍ للإصابة بالسرطان أو نذيرٍ به.

المفارقة أن الرد المعتاد الذي كان يرد على لسان كل من أخبرتهم عن نظامي الغذائي الذي اضطررت لجعله خالياً من الغلوتين لأسبابٍ صحية، كان يتمثل في عباراتٍ من قبيل إنني محظوظة؛ على الأقل لأن لديّ الآن الكثير والكثير من الخيارات الأخرى المتمثلة في المنتجات الخالية من هذا المركب البروتيني.ورغم أنه ليس من الرائع بطبيعة الحال أن يعاني المرء من حساسيةٍ غذائيةٍ من أي نوع، فقد كان رأي هؤلاء لا يخلو من الوجاهة، فقد أدى تنامي الوعي بهذا النوع من الحساسية إلى توفير الكثير من الخيارات للمصابين بها، ممن كانوا يعانون من التهميش في الماضي. وتجسد ذلك في أرففٍ ممتلئة بمنتجات حليب جوز الهند الخالي من اللاكتوز، والجعة الخالية من الغلوتين، والبسكويت الذي لا يحتوي على الجوز أو البندق. بل إن العديد من المتاجر، تتضمن الآن أقساماً مخصصةً للمنتجات الخالية من هذه المادة أو ذاك.

ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال، اتسع سوق هذه المنتجات بوتيرةٍ هائلةٍ وبنسبة فاقت 133 في المئة على مدار السنوات الخمس الماضية، بل وقُدِرَ حجمها في عام 2018 بـ 837 مليون جنيه استرليني. وقد تسللت الطفرة المتعلقة بتلك المنتجات إلى ثنايا الثقافة الشعبية في البلاد كذلك، إلى حد أن برنامجاً تلفزيونياً شهيراً على الشاشة البريطانية مثل "ذا غريت بريتين بَيك أوف" الخاص بالطهي، تناول المأكولات الخالية من الغلوتين والألبان منذ بداياته تقريباً.

وعلى الرغم من الانتشار المتزايد للعروض الخاصة بالمنتجات الخالية من المواد المُسببة للحساسية، فإن الالتزام بنظامٍ غذائيٍ خاصٍ يلائم المعاناة من الحساسية من بعض الأغذية أو عدم تقبل مكوناتٍ داخلةٍ فيها، أو يستهدف تفادي حدوث ردود فعلٍ تلقائيةٍ من جهاز المناعة جراء تناولها، ليس بالأمر زهيد الثمن.

وإذا نظرنا إلى الأطعمة الخالية من الغلوتين على وجه الخصوص، فسنجد أن دراسةً أُجريت في المملكة المتحدة عام 2018 كشفت أن بعض المنتجات التي تندرج في هذا الإطار تزيد تكاليفها بنسبة 159 في المئة عن نظيراتها التقليدية.

ولم أكن استثناءً من هذا الأمر بطبيعة الحال، ففاتورة مشترياتي من البقالة تزايدت بوتيرةٍ سريعةٍ للغاية، فعبوة من المقرمشات المُعدة على شكل أصابع كانت تكلفني في المعتاد ثلاثة دولارات، وأصبحت الآن أشتري بديلتها الخالية من الغلوتين بما يصل إلى أربعة دولارات ونصف. وبعدما كنت أدفع قرابة دولارين ونصف للشطيرة الطازجة مهما كانت حشوتها، باتت تكلفني أربعة دولارات ونصف، لأنني صرت أشتري تلك التي يُستخدم فيها خبزٌ مجمدٌ خالٍ من الغلوتين. بالمثل، صرت أنفق المبلغ نفسه على المعكرونة التي كانت تكلفني في الماضي 99 بنساً، وكنت معتاداً على تخزين كمياتٍ منها أيضاً.




بي بي سي
Top