• Wednesday, 13 November 2024
logo

التقمّص واللاشعور

التقمّص واللاشعور
التقمّص هو اعتقاد شعبيّ بامكانية انتقال الروح، وذلك من خلال تقمّصها شخصيةً أخرى عبر ارتداشها ثوباً (جسداً) جديداً.
إن الانتقال الروحيّ المزعوم يحصل عندما يموت إنسان ويولد إنسان آخر، فيكون هذا الطفل الوليد حاملاً لروح ذاك الشخص المتوفى.
وهناك الكثير من الروايات المحكيّة التي نسمعها بين الحين والآخر تتحدَّث عن طفل أتى من بلد إلى بلد أخر، لم يزره سابقاً، يحمل معه أسراراً شخصيةً تخص رجلاً متوفى ويثبت صحتها أقارب المتوفى، جازمين بذلك أن هذا الطفل يحمل روح قريبهم الذي مات منذ زمن ليس ببعيد.
وبما أن الروح هي أداة التقمّص، وهي الحاملة لذاكرة الحياة السابقة فإنها ستكون محور مقالنا هذا في مناقشة ظاهرة التقمّص بمنطق علمي محايد بعيد عن العواطف.
كان الفلاسفة القدماء، ومعهم اللاهوتيون على حد سواء، يطلقون مصطلح "روح" على نبض الحياة في الكائن الحيّ، وذلك سببه أن العلم كان لا يزال في بدايته، ولم يكشف لنا بعد عن الكثير من الأسرار والخفايا التي تخصّ الكائنات الحيّة بما فيها الإنسان.
أما في زمننا الحاضر فقد اختلف الأمر كثيراً. فما كان يُسمّى روحاً هو اليوم "تفاعل بيوكيميائي" يحصل في الجسم الحي، ويتوقف هذا النشاط وهذا التفاعل بموت الكائن ذاته.
والمسألة كما نراها هنا، ليست تبديل مصطلح بآخر، بل هي نتيجة تحوّل جذري في مفهومنا للحياة في الكائنات. حتى إن مصطلح "علم النفس" لا يعني بالنفس حالةً لاماديةً بل يقصد بها مجموع العمليات العقلية التي يؤديها الذهن الفردي كوظيفة، وبالتالي فإن علم النفس هو علم السلوك الإنساني بمصطلح أدقّ. حتى أن أعظم الفلاسفة القدماء كانوا قد خلطوا بين إدراك الإنسان لذاته والروح، أو لنقل إنهم كانوا يطلقون على إدراك الذات مصطلح "روح".
واليوم نعرف، من خلال العلم، بأن إدراكنا لذواتنا هو وظائف عقلية تعود إلى أدمغتنا، حيث يستطيع جذع الدماغ (ساق المخ) الإحساس بالحرارة والبرودة والضوء والمكان. وهذا يمكن اعتباره




ايلاف
Top