لأول مرة في سوريا.. "المونيتور": اتفاق الشرع وعبدي ثبت الهوية الكوردية

اعتبرت صحيفة "المونيتور" الأمريكية، أن الاتفاق "المفاجئ" بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي حقق للكورد "فوزاً ساحقاً"، ومثّل "لحظة محورية" للأقلية الكوردية في البلاد، حيث كانت هذه هي المرة الأولى التي يشار فيها رسمياً إلى الهوية الكوردية على مستوى الدولة.
وبحسب الصحيفة، يُبشّر الاتفاق بين حكومة سوريا المؤقتة وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بصعود عبدي من قائد حرب مخضرم إلى شخصية شرعية وذات وزن في المشهد السياسي الوطني السوري، وهو يُساعد الشرع بالفعل على توحيد البلاد وسط أسوأ موجة عنف منذ سقوط بشار الأسد، والتي أسفرت عن مقتل مئات العلويين.
وفي حين يُعتبر الاتفاق، الذي سهّلته الولايات المتحدة ووافقت عليه تركيا، "انتصاراً كبيراً للشرع"، إلا أنه "انتصار أكبر للكورد"، حيث همّش الشرع لغاية موعد توقيع الاتفاق، عبدي والإدارة الذاتية الديمقراطية للكورد في شمال وشرق سوريا، التي تسيطر على ثلث سوريا، بما في ذلك معظم نفطها ومصادر الطاقة المائية والأراضي الزراعية؛ ما أدى إلى استبعادهم من مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في 24 شباط/ فبراير الماضي لرسم خريطة مستقبل البلاد.
وبينت الصحيفة، أن سبب ذلك التهميش يعود إلى رفض عبدي الاستجابة لمطلب الشرع بدمج قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في جيش وطني جديد، وانضمام مقاتلي "قسد" كأفراد لا كجماعة مستقلة، وتطهيرهم من غير السوريين.
وأكدت، أن "هذا الرفض كان بمثابة خط أحمر بالنسبة للشرع وتركيا، التي تتمتع بحكم الأمر الواقع بحق النقض، الفيتو، على تعاملات الحكومة المؤقتة مع الكورد".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "رغم عدم ذكر الحكم الذاتي الذي طالب به الكورد، إلا أن الاتفاق يؤكد أن المجتمع الكوردي سوري الأصل؛ وأن الدولة السورية تضمن حقه في المواطنة وجميع حقوقه الدستورية".
وهذه هي المرة الأولى التي يشار فيها رسمياً إلى الهوية الكوردية على مستوى الدولة في تاريخ سوريا، حيث حُرم مئات الآلاف من الكورد لعقود من الحصول على أوراق الهوية الرسمية، ومُنعوا من إدارة الأعمال أو امتلاك الأراضي.
يُضاف إلى ذلك، أن الجانبين اتفقا على عدم الاعتداء على بعضهما البعض "على جميع الأراضي السورية"؛ وبعبارة أخرى، تم تجاهل مطلب أنقرة المستمر منذ فترة طويلة بأن تقوم الحكومة المركزية بنزع سلاح القوات الكوردية وحلها إذا فشلت في القيام بذلك طواعية.
ولفتت الصحيفة، إلى أن المادة السادسة من الاتفاق هي التي تجيب على سبب تراجع الشرع وتركيا عن موقفهما؛ حيث تنصّ المادة على موافقة قوات سوريا الديمقراطية على "دعم الدولة السورية في حربها ضد فلول الأسد وجميع التهديدات لأمنها".
وأردفت الصحيفة أن توجه الشرع نحو الكورد، والاتفاق الذي أبرمه لاحقاً مع أقلية مضطربة أخرى، هي الدروز، والذي ساعد عبدي بالتوسط فيه، أدى إلى تحول في طرق الحوار، وساهم في إنقاذ شرعيته، وساعده على كسب المزيد من الوقت لمحاولة توحيد أمته الفقيرة التي سحقتها أكثر من عقد من العقوبات الغربية.
وبينما يضمن الحوار مع الكورد الحوار مع داعمهم، الولايات المتحدة، التي تُقدّر أعداد جنودها بنحو 2000 جندي في شمال شرقي البلاد الذي يُديره الكورد، فإذا لم تُخفّف الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على سوريا، لن تتدفق أي استثمارات ذات مغزى إلى البلاد.
واختتمت الصحيفة بالقول إن استمرار وجود القوات الأمريكية في المنطقة الكوردية يُعدّ أمراً بالغ الأهمية في نظر عبدي، على الأقل حتى انتهاء المهلة المحددة بنهاية العام لتنفيذ الاتفاق.
وفي عالم مثالي، سيساعد الانفراج مع أنقرة وإقامة علاقات اقتصادية ودبلوماسية تُحاكي تلك التي تربط أنقرة بالحكومة الكوردية في إقليم كوردستان على ترسيخ العلاقات بين قوات سوريا الديمقراطية والشرع.
ورغم أن الاتفاق كان "حلماً بعيد المنال" حتى يوم الاثنين الماضي، إلا أنه أصبح اليوم في حدود الممكن، وفق "المونيتور".
شفق نيوز