وزيرة الخارجية السودانية السابقة: يمكن الاستفادة من تجربة إقليم كوردستان لإيجاد نظاماً مستقراً في السودان

أكدت وزيرة الخارجية السودانية السابقة مريم الصادق المهدي، أن العراق، وخاصة إقليم كوردستان، قدم نموذجًا يمكن الاستفادة منه في إيجاد نظام حكم أكثر استقرارًا في السودان، محذرة من أن السودان يواجه "خطرًا وجوديًا حقيقيًا"، خاصة في ظل التدخلات الدولية والصراعات الإقليمية المحيطة به.
وقالت المهدي، خلال جلسة حوارية ضمن مؤتمر أربيل الدولي، الذي ينظمه مركز رووداو للدراسات، اليوم الأربعاء (26 شباط 2025)، إن "السودان يواجه تحديات جسيمة في ظل صراع متعدد المستويات، يتراوح بين البعد المحلي والدولي"، مشددةً على "أهمية استخلاص العبر من تجارب الدول الأخرى، مثل العراق، في تجاوز الأزمات وبناء نموذج حكم أكثر استقرارًا".
وأضافت، أن "السودان يقع عند تقاطع مناطق استراتيجية، تشمل إفريقيا جنوب الصحراء، الساحل والصحراء، البحر الأحمر، القرن الأفريقي، ومياه النيل".
وأوضحت، أن البلاد تتمتع بثروات طبيعية هائلة، من الموارد المتجددة كالمياه والطاقة الشمسية، إلى الموارد الناضبة كالذهب، حيث يُعد السودان ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا، بالإضافة إلى النفط والأحجار النادرة المستخدمة في الثورة الصناعية الرابعة.
أشارت المهدي، إلى أن "الصراعات الدولية لم تعد قائمة على الأيديولوجيا كما في الماضي، بل أصبحت تدور حول الموارد، الشركات العابرة للحدود، والأدوات الاستخباراتية".
وأكدت، أن النزعة التجارية باتت تلعب دورًا رئيسيًا في السياسة الدولية، حيث تسعى القوى الكبرى لتوسيع نفوذها الاقتصادي، بينما يعاني النظام الدولي من "عجز كامل في التعامل مع الأزمات"، مضيفةً أن "هذا الفشل انعكس في ملفات عديدة، أبرزها القضية الفلسطينية، والتنمية في العالم الثالث، والمسؤولية عن حماية الشعوب، والعدالة الدولية، التي باتت منحازة ضد دول الجنوب".
المهدي تطرقت إلى جذور الأزمة السودانية الحالية، موضحةً أنها "بدأت كصراع بين جنرالين على السلطة والثروة، لكنها سرعان ما كشفت عن مشاكل السودان العميقة، مثل التوتر بين المركز والهامش، والتناقض بين مفاهيم القبلية والمواطنة".
وأضافت أن الحرب المستمرة منذ عامين "أدت إلى تدخلات إقليمية ودولية واسعة، مع انخراط دول وجماعات متعددة في الصراع"، مؤكدةً أن السودان يواجه اليوم "حربًا متعددة الأوجه، تتراوح بين الأبعاد المحلية والدولية والقبلية".
وكشفت عن دور إسرائيل في المشهد السوداني، مؤكدةً أنها "كانت دائمًا فاعلًا مهمًا في أزمات السودان، منذ الاستقلال وحتى اليوم"، موضحة أن "كلا طرفي الحرب – الجنرال البرهان والجنرال حميدتي – يسعيان لتعزيز علاقاتهما مع إسرائيل، حيث يحظى حميدتي بدعم كبير من الإمارات، بينما بدأ البرهان يقترب من الخطاب العربي في ظل تغيّر موازين القوى".
وأضافت، أن الشعب السوداني "رغم معاناته من النزاعات السياسية، فإنه يظل ثابتًا في موقفه تجاه القضية الفلسطينية"، مشيرةً إلى أن "الصراع بين المدنيين والعسكريين بشأن التطبيع مع إسرائيل كان أحد العوامل التي أدت إلى انقلاب العسكر على الحكم المدني".
وشددت المهدي، على أهمية النظر إلى التجربة العراقية، خصوصاً في ما يتعلق بالحكم الفيدرالي، مؤكدةً أن "العراق، وخاصة إقليم كوردستان، قدّم نموذجًا يمكن الاستفادة منه في إيجاد نظام حكم أكثر استقرارًا في السودان"، محذرة من أن السودان يواجه "خطرًا وجوديًا حقيقيًا"، خاصة في ظل التدخلات الدولية والصراعات الإقليمية المحيطة به.
في ختام حديثها، انتقدت المهدي السياسات الأميركية الأخيرة، معتبرة أن "ما حدث في الأيام الماضية كشف عن خطورة التحولات السياسية في واشنطن"، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع قضية غزة.
وأضافت، أن الرئيس الأميركي الحالي "أثبت أن شخصًا واحدًا قادر على هدم أسس الديمقراطية بشكل غير مسبوق"، مشيرةً إلى أن التوجهات الأميركية الجديدة قد يكون لها "انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار العالمي".
وأكدت المهدي، أن السودان يمرّ بمرحلة حرجة، حيث تتداخل العوامل الداخلية والخارجية في تعقيد المشهد، مشددةً على أن الحل يكمن في "إيجاد نظام حكم شامل وعادل، يستوعب التنوع السوداني، ويمنع التدخلات الخارجية من استغلال نقاط الضعف الداخلية".
روداو