عمليات نحت القوام ومقومات نجاحها
تُعدّ الجراحة الترميمية عنصراً حاسماً في العلاج الشامل للذين خضعوا لفقدان الوزن بإحدى وسائل إدارة السمنة. وقد ازدادت الحاجة، حالياً، إلى نحت الجسم بعد فقدان الوزن، ولم يعد هذا النوع من الجراحة تجميلياً فحسب؛ فهو يعالج الجلد الزائد ويعيد تشكيل الجسم، ما يساعد المريض على تحسين مظهر جسمه، وتعزيز صحته النفسية.
ويمتد الجانب الإيجابي لهذه الجراحة إلى ما هو أبعد من الجانب الجسدي؛ إذ يمكن للإجراءات الترميمية أن تؤثر بشكل كبير في احترام الفرد لذاته ونوعية حياته، وتلعب دوراً حيوياً في نجاح إدارة الوزن على المدى الطويل.
ترهلات بعد فقدان الوزن
يواجه كثير من الأشخاص تحدياً صعباً وجديداً يتمثّل في الشكل الخارجي لأجسامهم، نتيجة الجلد الزائد والترهلات التي تنتج عن فقدان الوزن، سواء من خلال النظام الغذائي والتمارين الرياضية أو عبر الجراحة البارياترية (bariatric surgery) بأنواعها المختلفة: البالون، وتكميم المعدة، وتغيير المسار. ولا تؤثر هذه المشكلة فقط في المظهر الجمالي، بل يمكن أن تؤدي أيضاً إلى مشكلات صحية، مثل: التهابات الجلد، وصعوبة الحركة، والتهابات المفاصل.
وهنا يأتي دور عمليات نحت القوام من شد وشفط واستئصال، بوصفها حلاً فعّالاً لتحسين جودة الحياة بعد فقدان الوزن الكبير، إذ يُزال فيها الجلد الزائد وتُشد الأنسجة المحيطة، ما يساعد على استعادة الشكل الطبيعي للجسم وتحسين الثقة بالنفس.
ونستعرض هنا أهمية عمليات نحت القوام، وفوائدها الصحية والنفسية، وكيفية التحضير لها لضمان أفضل النتائج. ونناقش أيضاً المخاطر المحتملة وكيفية التعامل معها لتحقيق تجربة آمنة وناجحة.
لقاء طبي
التقت «صحتك» الدكتور وليد خاطر، جراح تجميل وترميم، المتخصص في نحت القوام لما بعد عمليات السمنة، رئيس قسم جراحة التجميل في مستشفى «المانع» بالخبر، أحد المتحدثين في «مؤتمر الصحة والجمال» الذي عُقد أخيراً في المنطقة الشرقية من المملكة، الذي أوضح أن نسبة الدهون الحشوية هي العامل الرئيسي الذي يسبّب السمنة، في حين أن نسبة الدهون الموجودة تحت الجلد تُعدّ ضئيلة جداً، وليس لها وزن بالمعنى الصريح.
لهذا يُنصح مرضى السمنة بتنزيل الوزن أولاً، والتخلص من الدهون الحشوية، والوصول بمعامل كتلة الجسم (BMI) إلى الحد الطبيعي بقدر الإمكان، مع السماح ببقاء زيادة 10 في المائة أو ما شابه، وبعد ذلك يجري عمل نحت القوام الخارجي، مع نتائج مرضية ومستدامة ودون مضاعفات في أثناء الإجراء.
تعديل القوام
• شفط وشد أم استئصال؟ إن تحديد نوع العملية، هل هي شفط، أم شد، أم استئصال للجلد الزائد، يعتمد أولاً على كمية الدهون (بسيطة، ومتوسطة، وشديدة). وثانياً على وجود انفصال عضلي في جدار البطن مثلاً. وأخيراً يعتمد على وجود ترهل في العضلات الطرفية في الذراعين والفخذين مثلاً.
إذا كانت كمية الدهون بسيطة يجري تعديل القوام دون تدخل جراحي، وإذا كانت شديدة يجري عمل الشفط، مثلما يحصل بعد عملية التكميم؛ إذ يحصل ترهل في الجدار العضلي للبطن من الأمام، ومن الظهر في منطقة محيط البطن ومحيط الحوض، حيث تقل الكتلة العضلية وتصبح العضلات رقيقة، تستلزم عمل شد وأحياناً تستلزم استخدام شبكة تُثبّت بمثابة جدار صناعي يدعم جدار البطن الضعيف، وبعدها يجري عمل استئصال للجلد المترهل، حيث لا توجد أي تقنية لإعادة انكماش الجلد دون جراحة، وتكون النتيجة هي الحصول على محيط خصر قوي وصغير.
• التعامل مع الندبات. أوضح الدكتور وليد خاطر أنه لتلافي حدوث ندبات ظاهرة بعد العملية، يجري اختيار مكان ندبات مخفية، وهو خط طبيعي موجود بين البطن والحوض يُسمى «بكيني لاين». والندبات التي قد تظهر بعد العملية استجابة إلى سلوك الجسم لزيادة الالتئام وتكوين ألياف، وتصبح ندبة نافرة فوق سطح الجلد، يتم التعامل معها؛ إما بحقن الكورتيزون وإما بتقنيات الليزر وإما بمقشرات الجلد. بالنسبة إلى الندبات المصبغة، يُستخدم لها نوع يسمى «فراكشنل ليزر» مع إبر التفتيح.
• الانفصال العضلي بجدار البطن. الانفصال العضلي بجدار البطن الأمامي أمر وارد نتيجة استهلاك هذه العضلات، وهذا يحدث بسبب الحمل المتكرر الذي لا يعطي وقتاً لجدار البطن العضلي أن يتعافى، كما يمكن أن يحدث نتيجة فقدان نسبة كبيرة من الوزن في وقت قصير، وبالتالي ينتج فقدان الكتلة العضلية. يحدث هذا غالباً في منطقة ما فوق السرة أو حولها، ويمكن إصلاحه في أثناء عملية شد البطن.
التدخين وعمليات التجميل
أكد الدكتور وليد خاطر أن التدخين آفة يجب التخلص منها، خصوصاً قبل العمليات الجراحية. للتدخين تأثير كبير في نتيجة أي عملية، ومن الممكن أن يتسبّب في مضاعفات خطيرة. بالنسبة إلى عمليات التجميل مثل عملية شد البطن أو الشد الحزامي وغيرهما، فإن التدخين:
- يضعف الدورة الدموية الطرفية للجلد فيؤدي إلى عدم التئامه، بسبب تجمع السوائل تحت الجلد، وأخيراً يؤدي إلى «استماتة» الجلد واسوداده بسبب عدم كفاية الدورة الدموية الطرفية للجلد، وبالتالي تتأثر نتيجة العملية بسبب هذه المضاعفات، وبدلاً من خروج المريض إلى منزله معافى يجري نقله إلى قسم العناية المركزة أو أن يظل يتابع في العيادة لعمل غيارات الجرح لمدة طويلة.
- طبيعة جلد المدخن جافة، وستكون النتيجة ندبة واضحة قبيحة تؤثر في نتيجة العملية.
- لدى المدخن القدرة على تكوين جلطات أكثر من غير المدخن، وبالتالي يمكن أن تحصل بعد العملية جلطات دموية أو جلطات دهنية تؤدي إلى الوفاة.
الواجب إيقاف التدخين على الأقل شهراً قبل العملية، وشهرين بعد العملية، لضمان التئام كامل المنطقة؛ لأن الجروح في هذا النوع من الجراحة تُعد جروح منطقة، وليس خط الجلد الذي عُملت فيه الغرز. فمثلاً، التئام منطقة الجلد على طبقة غلاف العضلة سيتسبّب في تجمع سوائل بينهما، وهذه تُعد بيئة جيدة جداً لظهور تجمعات سوائل وكدمات صديد.
توقيت عملية نحت القوام ونجاحها
• التوقيت المناسب لإجراء العملية. القاعدة الذهبية لاستبعاد حدوث أي مضاعفات محتملة، أن يجري التخلص من السمنة أو زيادة الوزن قبل إجراء أي عملية جراحية، حتى لو كانت عملية المرارة.
- بالنسبة إلى عمليات نحت القوام، يجب أولاً التخلص من الوزن الزائد والحصول على أقصى ترهل؛ كي يتم الحصول على أقصى شدّ من جراح التجميل مع ضمان دوام النتيجة.
- من المعروف أنه يُفضّل إجراء عمليات نحت القوام في فصل الشتاء عنه في الصيف، لتجنّب التسلخات والتهابات الجرح، وضمان أن المريض نفسه سيحرص على لبس المشد؛ حيث تكون المضايقات أقل منها في الصيف.
• مقومات نجاح العملية. يجب أن يتمتع الجسم بلياقة صحية جيدة قبل العملية؛ عدم وجود فقر دم مثلاً، أو نقص فيتامين «د»، فقوة الالتئام بعد العملية تستهلك مخزون الهيموغلوبين وعناصر أملاح موجودة في البروتينات.
- ضرورة لبس المشد للتقليل من نسبة حدوث جلطات بعد العملية؛ إذ إن أكثر من 50 في المائة من نتيجة العملية متوقف على التزام المريض بلبس المشد لمدة 6 - 8 أسابيع.
إلا أن من مضاعفات المشد نفسه ضعف العضلات وكسلها بعد ارتدائه مدة شهرين، فلا بد من استعادة القوة والكتلة العضلية بعد انتزاع المشد.
-إجراء جلسات التصريف اللمفاوي، وهو نوع من أنواع التدليك العميق الذي يسرّع من التخلص من السوائل تحت الجلد، ما يساعد على تحسين مظهر الجسم، ويجعله يبدو بقوام ممتاز دون تعرجات أو انحناءات غير مرغوب فيها.
- التهوية السليمة، وممارسة تمرينات التنفس.
- من أهم عوامل ضمان استدامة النتيجة، التغذية السليمة وتغيير أسلوب الحياة والحفاظ على الوزن المثالي حتى لا يعود إلى دائرة السمنة مرة أخرى.
المخاطر المحتملة
-الجلطات، يجري قياس نسبة التجلط والتخثر وسيولة الدم قبل العملية. إعطاء جرعات وقائية لمسيلات الدم لمدة زمنية محددة مع الحركة بعد العملية.
-ندبات ما بعد العملية. ضرورة استبعاد زيادة الوزن والسمنة المرضية، والتدخين، واستبعاد أي أمراض في الأعضاء الحيوية.
-مواجهة حالة استعجال بعض المرضى في إجراء العملية حتى قبل استيفاء الاشتراطات الطبية، تكثر هذه الحالة، خصوصاً من قبل الفتيات عند الارتباط للزواج، غير مدركات أن عملية نحت القوام تحتاج إلى وقت للتحضير قبل العملية وآخر بعد العملية لتمارين تقوية الكتلة العضلية، وعمل التدليك الطبي، وارتداء المشد لشهرين على الأقل. ويجب أن تعي كل فتاة مقبلة على الزواج أنها بحاجة إلى فترة كافية لا تقل عن أربعة إلى ستة أشهر قبل التفكير في أي ارتباطات اجتماعية.
وأخيراً يقول الدكتور خاطر إنه يجب التحكم في السمنة منذ الصغر، ويتم ذلك بتعويد الأطفال من البداية على اتباع نهج وأسلوب حياة صحي، ومنه اختيار وتقنين الأكلات ما بين الوجبات، ومزاولة الرياضة بانتظام واختيار أنواعها؛ سواء الفردية منها أو الجماعية. استشارة الطبيب عند تعرّض الطفل لزيادة الوزن لعمل الإجراء الطبي المناسب مبكراً، وعدم الانتظار إلى مرحلة البلوغ للمحافظة على صحته العامة جسدياً وعقلياً ونفسياً واجتماعياً، ومن ذلك تعرّضه للتنمر من أقرانه.
الشرق الاوسط