خفايا وغايات ورسائل.. مختصون : تحركات الحشد الشعبي في گرميان ليست بريئة
شكل اقتحام قوة كبيرة من "الحشد الشعبي" لموقع نفطي في منطقة كولَجو ضمن حدود إدارة گرميان في محافظة السليمانية ، يوم الأحد ، صدمة كبيرة ، كما أنها أثارت تساؤلات عدة، وعلى الرغم من تبريرات الحشد بأن هذه العملية جاءت استجابة لمعلومات استخباراتية تتعلق برصد "تهديدات إرهابية" من نشاط تنظيم داعش في المنطقة، إلا أن بعض المراقبين يرون في هذه العملية رسائل سياسية واضحة.
وكانت قوة كبيرة من الحشد الشعبي، قوامها 3000 مقاتل و200 مدرعة وعربة عسكرية، وصلت صباح الأحد الماضي ، إلى ناحية كولَجو بقضاء كفري في گرميان ، بالتنسيق مع الاتحاد الوطني الكوردستاني، حيث استولت هذه القوة على عدة آبار نفطية في في منطقة الفراغ الأمني التابعة للواء الخامس مشاة في قوات البيشمركة في گرمیان.
وسادت خشية من وجود نزعة ورغبة لدى بعض الأطراف في الحشد الشعبي بالسيطرة على هذه المواقع ، خاصة وأن أغلب قوى الإطار التنسيقي، الجناح السياسي للفصائل المسلحة، لديهم تحالفات مع "الاتحاد الوطني" في السليمانية، ما يجعل مثل هذا السيناريو ليس مستغرباً.
تساؤلات عن الأهداف
وتعالت تساؤلات حول الاستراتيجية التي ينتهجها الحشد الشعبي، والتي يُنظر إليها بأنها على صلات بإيران ، وكانت على الدوام ضمن الاستراتيجية الشاملة لما يُسمى بـ "محور المقاومة" في المنطقة.
وتساءل محللون سياسيون عن الأهداف المحتملة وراء هذا التحرك الأول من نوعه ، وفيما إذا كان تم وفق تفاهمات بينية حصلت بين الحشد الشعبي، وكذلك سلطات الاتحاد الوطني الكوردستاني، أم أنها جاءت بصيغة منفردة ، أو أنها تحركات باجتهادات شخصية، من بعض الأطراف في الحشد الشعبي ، خاصة وأن الكثير من القيادات في الحشد لا تأتمر بأمر القائد العام، كما أنها تقوم أحياناً بتحركات ميدانية غير مرتبطة بالتوجيهات والأوامر العسكرية.
ورأى المحلل السياسي، بلال السويدي، أن "التحرك الأخير خطير، وينذر بعواقب وخيمة، خاصة إذا ما تبين أنه جاء وفق تفاهمات عالية المستوى بين الأطراف الحاكمة في الاتحاد الوطني ، وكذلك قادة الحشد الشعبي ، ما يعني أن هناك قراراً سياسياً اتُخذ بشأن ذلك، وهو تطور مقلق كبير، وينذر بمخاطر كبيرة على الوضع في العراق، وقد تستغل بعض الأطراف هذا الحال ، لإحداث قلاقل واضطرابات والاستفادة من هذا التوتر".
وأضاف السويدي لـ(باسنيوز) أن "الوضع السياسي الحالي يتمتع باستقرار نسبي ، ولا ينبغي تهديده أو القيام بتحركات عسكرية أو أمنية غير منسقة مع سلطات إقليم كوردستان وحكومته ، بل ما يحتاجه العراق حالياً هو التوجه نحو تعزيز الاستقرار".
أبعاد أمنية
وفي الوقت الذي تحدثت فيه وسائل إعلام عن انسحاب هذه القوات ، نقلت صحيفة الشرق الأوسط ، عن مصادر مطلعة، أن جزءاً من هذه القوات لا يزال متمركزاً هناك.
ووُجّهت اتّهامات مباشرة لقيادة الاتّحاد الوطني بالتواطؤ مع فصائل الحشد في اقتحام الأخير لناحية كولاجو، حيث أشارت مصادر إلى وجود اتّفاق مبرم بين الاتحاد الوطني والحشد الشعبي يشمل "النفط والاقتصاد والتأثير على الوضع في كوردستان تبعا للمصالح الخاصة بالطرفين"، وهو ما يمثل سابقة خطيرة، باعتبار أن قيادة الاتحاد الوطني، متورطة سابقا بملف كركوك، عام 2017.
إشادة بدور البيشمركة
وكان رئيس اركان الجيش العراقي السابق الفريق أول ، بابكر زيباري أشاد ، امس الأثنين، بقوات البيشمركة بعد اجبارها قوة الحشد الشعبي على الانسحاب من المناطق التي جاءت اليها ضمن حدود إدارة گرميان بدون تنسيق مسبق مع قوات البيشمركة.
وقال زيباري : ان "ما قام به ابطال البيشمركة كان بمنتهى الشجاعة ، فقد تمكنوا من إيقاف الحشد الشعبي في حدود كولَجو واجبروهم على العودة، وقاموا بحماية هذه المنطقة من الاحتلال".
وأضاف "ما قامت به قوات البيشمركة كانت ملحمة بطولية سطرها مقاتلو البيشمركة الشجعان".
مؤكداً ان "وزارة البيشمركة لديها خطوط دفاعية في هذه المناطق، ولن تسمح بأي خروقات او اعتداءات".
وكان مسؤول الفرع 22 للحزب الديمقراطي الكوردستاني في گرميان أكرم صالح قد اكد ، يوم الاحد ، إن قوة من الحشد الشعبي تقدمت من كفري عند الساعة الرابعة فجراً ودخلت أراضي كوردستان بعمق 5 كيلومترات.
وقال صالح، لـ (باسنيوز) ان "هذا التقدم جرى ضمن مناطق سيطرة البيشمركة ، وهناك بعض آبار النفط، ويبدو أن جزء من هدف هذا التقدم هو الاستيلاء على هذه الآبار النفطية أو الابتزاز أو نوع من الاتفاق، لأن مثل هذه الحالة لم تحدث من قبل".
وأضاف أن " تقدم هذه القوة يعتبر بادرة خطيرة بعد 2017، بأن تتقدم قوة من الحشد الشعبي إلى داخل أراضي إقليم كوردستان أو مناطق البيشمركة ، وهذه رسالة يجب أخذها بعين الاعتبار، ويجب ممارسة الضغوط كي تعود تلك القوة أدراجها، وإلا ستكون هناك عواقب أخرى".
باسنيوز