• Sunday, 30 June 2024
logo

عدنان المفتي : أهم قرار لبرلمان 1992 اعتبار كوردستان العراق إقليما فيدراليا وواشنطن وافقت عليه

عدنان المفتي : أهم قرار لبرلمان 1992 اعتبار كوردستان العراق إقليما فيدراليا وواشنطن وافقت عليه

تاريخ الاقتتال والصراعات بين الاحزاب الكوردية طويل، منذ 1964، و1976، مرورا بـ 1983، ثم الاخطربينها اقتتال عام 1994 والذي استمر لاكثر من عامين وادى الى دخول القوات العراقية لاربيل في 31 اب 1996، حيث نال من المعارضة العراقية التي كانت تتخذ من اربيل مقرا لها، مثل الحزب الشيوعي العراقي والمؤتمر الوطني.

الاقتتال بالتأكيد كلف القضية والثورة الكوردية المئات من الضحايا وكلفها الكثير من الوقت وأخر مسيرتها وانجازاتها، والغريب في الامر ان الاقتتال الاخير، 1994، بالذات حدث بينما كانت الاوضاع السياسية مستقرة في كوردستان العراق، حيث جرت بعد انتفاضة 1991 خاصة بعد فشل المفاوضات بين القيادات الكوردية والتظام العراقي، وجرت عام 1992 انتخابات قادت الى تشكيل برلمان وحكومة موحدة.

السياسي الكوردي عدنان المفتي لم يكن شاهد عيان على تلك الاحداث، بل مشاركا فاعلا في حل النزاعات وفض الاقتتال بين الحزبين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، وهو بذلك تحول الى فاعل من اجل السلام.

في الحلقة الـ 14 من برنامجنا الحواري "ملفات عدنان المفتي"، الذي يبث على رووداو عربية، يتحدث المفتي عن تفاصيل غالبيتها غائبة عن المهتمين بالقضية الكوردية، خاصة عن اقتتال عام 1994.

ويقول: "بعد انتخابات 1992 سميت حكومة اقليم كوردستان وكان مقرها في اربيل، قبل الانتخابات لم يكن هناك مثل هذه التسمية (اقليم كوردستان)، والبرلمان كان يسمى المجلس الوطني لكوردستان – العراق، واول اجتماع للبرلمان كان في حزيران 1992، في نفس بنايته اليوم، والتي كانت تسمى المجلس التشريعي الذي اعلنه نظام صدام عام 1974، من طرف واحد، باعتبار وجود ما يسمى بالحكم الذاتي".

وأوضح أن "قانون البرلمان في اول تشكيل له كان وفق انتخابات دائرة مغلقة واحدة وكوتا للمسيحيين فقط، ولم تكن هناك كوتا للنساء، لكن كل قائمة ضمت اسماء مناضلات من الحزبين، الاتحاد والديمقراطي، لهذا ضم سبع نساء، والقانون وضعته لجنة مختصة قانونية وسياسية بناء على تكليف من الجبهة الكوردستانية ولم تتدخل اية جهة اجنبية في القانون، بل صار تدخل من قبل قيادة الجبهة الكوردستانية في النسب المطلوبة لدخول البرلمان، كان هناك راي ان لا تكون هناك نسبة واي واحد حتى لو حصل على 1% يمكنه دخول البرلمان، لكن القرار صار من يحصل على اقل من 7% لا يدخل بالبرلمان، يعني الحزب الذي يأتي باقل من هذه النسبة لا يشارك في البرلمان".

ونوه المفتي، الى انه: "كانت هذه اول تجربة، لهذا رافقتها سلبيات واهمها واخطرها والتي كدنا ان نلغي الانتخابات بسببها هي الحبر الذي استخدمناه حيث كان من السهولة مسحه، لهذا هناك الكثير من الناخبين صوتوا لمرات عديدة وحرموا حقوق مئات الالاف من الناخبين الذين كانوا ينتظرون ان يصوتوا، وكانت هذه حالة عامة وليست بطلب من الطرفين او تزوير متعمد لكن الناس اتهمت الحزبين بالتزوير".

ويضيف، "كان اول رئيس حكومة فؤاد معصوم ورئيس البرلمان جوهر نامق، وكنا نفضل ان يتسلم كاكا مسعود ومام جلال رئاستي البرلمان والحكومة لكنهما ارتأيا ان يكون الوضع هكذا، ولم يكن هناك منصب رئاسة الاقليم".مؤكدا أن "اهم قرار للبرلمان صدر في شهر تشرين الاول عام 1992، وهو ان يكون نظام الحكم فيدرالي ضمن الدولة العراقية، ولهذا سميناه اقليم فيدرالي، وكانت هناك اشكالية لان الجميع كانوا ضده، العراق وتركيا وايران وسوريا وحتى الولايات المتحدة التي لم تكن راضية على هذا القرار بسبب تاثير الاتراك والدول العربية. وفي عام 1993 كانت هناك زيارة مشتركة لمام جلال وكاكا مسعود لواشنطن وفي حديث مع وزير الخارجية الاميركي، جيمس بيكر، عن هذا الموضوع، الاقليم، قال له مام جلال نحن لم ناتي بشيء جديد بل طبقنا النظام الموجود عندكم، الفيدرالي، انتم دولة اتحادية، وهنا قال له وزير الخارجية باللغة الانجليزية (excellent)، يعني ممتاز، وكان يتصور ان تسمية الاقليم يعني انفصال الكورد عن العراق، فقال له مام جلال: على العكس هذا من اجل توحيد العراق وضمن نظام فيدرالي يحافظ على خصوصيتنا وهذه الـ (excellent) اثرت ايجابيا على هذا الحق واعتبرت موافقة من الادارة الاميركية، خاصة بالنسبة للمعارضة العراقية عندما عرفوا انه قرار البرلمان، وكان قسم كبير من المعارضة، خاصة المؤتمر الوطني والحزب الشيوعي العراقي وآخرين مؤيدين لهذا الطرح وعندما ايدت واشنطن وافق الاخرون تدريجيا".

لم يكن عدنان المفتي عضوا في البرلمان ولا مشاركا في الحكومة، يقول: "انا كنت في الحزب الاشتراكي الذي خسر في الانتخابات وتعرض للانقسامات، قسم من اعضاء حزبنا انضم للحزب الديمقراطي الكوردستاني وقسم آخر التحق بالاتحاد الوطني الكوردستاني، وانا وعادل مراد ودكتور محمود عثمان واخرين بقينا مستقلين".

لكن هذا لا يعني ان يبتعد المفتي عن الاوضاع وينعزل في بيته، بل كانت له ادوارا سياسية مؤثرة في تاريخ القضية الكوردية، وهي قضيته منذ كان فتيا. يقول: "في 1994 حدث اقتتال داخلي، وشعرت بمسؤوليتي واعتمادا على علاقاتي الجيدة مع الاطراف الاخرى بذلت جهودي ومنذ اليوم الاول من اجل وقف اطلاق النار. وكانت هذه بداية سيئة لمسيرة الحكومة والبرلمان إذ تعرضت منطقة كوردستان كلها الى فشل وخطورة كادت ان تعيدنا الى نقطة الصفر.. والنظام العراقي لم يكن يستطيع التدخل لان كوردستان كانت منطقة محمية من قبل التحالف الدولي واصدقائنا في الخارج كانوا قلقين على اوضاعنا بما فيها واشنطن التي طلبت من كل الاطراف وقف اطلاق النار".

يتحدث هنا المفتي عن موضوع غاية في الاهمية يتعلق بالعلاقة بين الشعب والحكومة والاحزاب "إذ كانت ودية جدا وليست مثل اليوم حيث انتقادات كثيرة لاداء الحكومة ومعيشة الناس سيئة. اتذكر في التسعينيات ما كانت عندنا قدرة على دفع الرواتب واحيانا تتاخر الرواتب لشهرين او ثلاثة اشهر، لكن المدارس كانت تداوم والمعلمين والمدرسين كانوا يشعرون ان هذا من واجبهم وكان الوضع الاقتصادي سيئا جدا وكانوا يتحملون والناس، كانوا يشعرون بالأريحية لانهم يشعرون ان القيادة في صفهم، يعني ليس مثلما الان ان القيادة تعيش في وضع جيد جدا، وهناك فارق كبير بين معيشة القيادة ومعيشة الناس، كانت العلاقات بين الناس والقيادة جيدة لذلك الشعب صمد، بل ان شرائح كبيرة من المجتمع الكوردستاني ساهمت كل بطريقته الخاصة للضغط على الاحزاب لوقف القتال، وكانت هناك لجان سلام ومبادرات من رجال الدين والمثقفين وضغوط من الاحزاب الاخرى".

يستعيد المفتي تفاصيل دقيقة عن جهوده في وقف الاقتتال بين الحزبين، قائلا: "بصراحة القتال لم يكن بسبب او بتشجيع من القيادات، بل نشأ بسبب الخلافات على ملكية الاراضي وبسبب الاقتتال والنزاعات صار لكل عقار اكثر من مالك، وبسبب الوضع الاقتصادي وكل واحد متشبث برايه وهذا عنده قوة حزبية تابعة للاتحاد الوطني والاخر عنده قوة تابعة للديمقراطي، ونشب القتال".

نساله هل اشتعل القتال بدون العودة للقيادات الحزبية؟ يجيب قائلا:" نعم العودة للقيادات الحزبية.. هناك ثقافة موروثة هي ثقافة العداء بسبب الاقتتال منذ 1964 مرورا بالسبعينيات والثمانينات ووصولا للاسف الى 1994".

وأوضح المفتي بدقة: "انا اتذكر بان القتال الذي حدث في بداية شهر آيار 1994 ومام جلال كان خارج الوطن، والقتال تحول من رانية وفي اليوم الثاني من شهر آيار وصل الى اربيل، فكرت مع نفسي انه يجب ان اعمل شيئا، اتصلت بالمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني ورحت زرتهم، وكان فؤاد معصوم عضو الهيئة العاملة في المكتب السياسي للاتحاد، وكوسرت رئيس الحكومة وآخرين، القتال حدث توا والحكومة ما زالت قائمة، وجوهر نامق رئيسا للبرلمان، عندما وصلت عندهم وجدتهم قلقون ولا يعرفون كيف يوقفون القتال. قلت لهم ما رايكم ان ازور كاكا مسعود واتحدث معه، ورحبوا بالمقترح، عدت الى البيت اتصلت بكل من خالي معروف رؤوف وكان مستقل لكنه كان وزيرا للعدل في الحكومة، وتكلمت مع عبد الخالق زنكنة وكان عضو برلمان وضمن حزب كادحي كوردستان، ومع عدنان نقشبندي، عضو برلمان وفي الحزب الديمقراطي، لكنه شخصية مقبولة من الطرفين، فجاءوا الى البيت عندي، بيت والدي، وتحدثنا واخبرتهم باني تكلمت مع المكتب السياسي للاتحاد الوطني ورحبوا بالفكرة وذهبنا بسيارة واحدة وانا كنت أقودها، الى مصيف صلاح الدين حيث المكتب السياسي للديمقراطي، ووجدنا ان الوضع متشنج، وكان كاكا مسعود موجود وكل اعضاء المكتب السياسي، وقلت لكاكا مسعود ان مام جلال غير موجود وهذه مسؤوليتك".

واستذكر بدقة: "خلال حديثنا دخل وفد من الحزب الشيوعي العراقي، عزيز محمد وحميد مجيد، ايضا للحديث في موضوع الاقتتال، في هذه الاثناء وصل كاكا نيجرفان وسلم علينا من بعيد دون ان يلتحق بنا، وكاكا مسعود خرج لعشر دقائق ثم عاد وسال: ماذا تقترحون، قلنا انت الان تمثل قيادة الجبهة الكوردستانية بغياب مام جلال الذي ادان الاقتتال وارسل رسالة لكم يدين فيها الاقتتال، ويقول لكم فيها لكم كل الصلاحيات لوقف القتال، هنا سال آزاد برواري قائلا: اذا اصدرنا بيان من يضمن موافقة الاتحاد عليه؟ قلت وجهة نظركم صحيحة، امنحونا مهلة للذهاب الى المكتب السياسي للاتحاد، وكان على طريق عين كاوة، ننقل لهم وجهة نظركم، فاذا وافقوا ساتصل بكم لاصدار البيان، ومن ثم يوافق عليه الاتحاد، وبالفعل عدنا الى المكتب السياسي للاتحاد ووافقوا على المقترح، واتصلت بآزاد برواري واصدروا نداء باسم كاكا مسعود لوقف القتال ثم اصدر الاتحاد بيانه بالموافقة وتاييد على نداء الديمقراطي. وبالفعل توقف القتال لايام لكن ليس من السهل السيطرة على الجو العام السائد ولم يستطع الطرفين السيطرة على روح الانتقام بين المتقاتلين.. وتوسع القتال بوجود الاذاعات التي كانت تؤجج وتنشر ثقافة العداء، انجرت القيادة للقتال".

وعن الاوضاع الادارية والسياسية يقول المفتي: "الحكومة انقسمت الى واحدة للديمقراطي في مصيف صلاح الدين واخرى للاتحاد في اربيل، وبقي البرلمان لفترة، ولم تنفع كل الجهود حتى 31 آب 1996 عندما دخل الجيش العراقي ومعه قوات الديمقراطي الكوردستاني الى اربيل، ووصلت الى السليمانية والاميركان لم يفعلوا اي شيء، والاتحاد الوطني انسحب الى الحدود الايرانية، ولفترة اقل من شهرين سيطر الحزب الديمقراطي على اربيل والسليمانية، وبعد ايام من دخول القوات العراقية لاربيل قصف الجيش الاميركي مناطق في جنوب العراق لاجبارهم على سحب القوات من اربيل لان ليس الاتحاد الوطني من تضرر وحده، وانما كل فصائل المعارضة العراقية ضمنها الحزب الشيوعي والمؤتمر الوطني، حيث تم قتل العشرات وأسر اعداد كبيرة منهم".

ويختتم السياسي الكوردي عدنان المفتي حديثه قائلا: "بعد انسحاب القوات العراقية بدأت جهود واشنطن لمصالحة الجبهة الكوردستانية، وبعد شهرين بدأ الاتحاد الوطني بالعودة والسيطرة على السليمانية وكويسنجق ولم ياتوا لاربيل، لانها صارت خط احمر بالنسبة للقوات العراقية، وهنا صارت الفكرة بتشكيل حكومة في السليمانية وتشكلت حكومة جديدة في اربيل".

 

 

 

روداو

Top