حماية مصالح إقليم كوردستان: التحديات والاستراتيجيات في مواجهة قرارات المحكمة الاتحادية
د.سامان شالي
عندما أنشأ التحالف الذي قادته الولايات المتحدة المحكمة الاتحادية العليا في عام 2003، كان المقصود منها أن تكون بمثابة الخط الأول لسيادة القانون في العراق بعد سقوط نظام صدام. وبعد ذلك بعامين، وقبل اعتماد الدستور الجديد مباشرة، تم إقرار قانون المحكمة الاتحادية العليا (القانون رقم 30)، مما أعطى لجنة الخدمات الفيدرالية صلاحيات واسعة لتحديد دستورية القوانين التشريعية والتنظيمية والنزاعات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم. وتؤكد على الاختصاصات الحصرية للدولة والتحقق من نتائج الانتخابات البرلمانية ومحاكمة المسؤولين الحكوميين.
كما مُنحت المحكمة عدة ضمانات للاستقلال، بما في ذلك على المستويين الإداري والمالي. وتلزم المادة 92 من دستور 2005 البرلمان العراقي بإصدار قانون يحدد وضع المحكمة. تتألف المحكمة العليا من تسعة قضاة أصليين وأربعة قضاة احتياطيين. وكان من بين القضاة التسعة اثنان من الكورد وقاض مسيحي كوردي، أي ما مجموعه ثلاثة قضاة من الكورد. لكن هذة التشكيلة تغيرت بعد تعديل القانون فى 2021.
عقد مجلس النواب العراقي جلسته التشريعية الأولى العادية الخامسة والأربعين في 18 آذار/مارس 2021، في العام الثالث للانتخابات الرابعة، واقترح التعديل الأول للقانون رقم 30 لسنة 2005 بشأن المحكمة الاتحادية العليا والتشكيل الجديد للمحكمة الاتحادية العليا التسعة الأصلية قضاة وثلاثة قضاة احتياط. فى هذة التشكيلة الجديدة يوجد قاضيان فقط من الكورد.
في المشهد السياسي المعقد في العراق، يواجه إقليم كردستان العديد من التحديات، ليس أقلها التعامل مع قرارات المحكمة الاتحادية. مع اعتبار أحكامها نهائية، غالباً ما تجد حكومة إقليم كوردستان نفسها في وضع محفوف بالمخاطر، حيث توازن استقلالها ومصالحها ضد سلطة المؤسسات الفيدرالية. إن استكشاف الآليات والجهات الفاعلة المشاركة في حماية إقليم كوردستان من القرارات السلبية للمحكمة الاتحادية أمر بالغ الأهمية لحماية حقوقهم الدستورية.
إن فهم الإطار القانوني الذي يعمل إقليم كوردستان ضمنه أمر ضروري. وبينما تمتلك حكومة إقليم كوردستان نظامها القضائي، لا يمكن تجاهل سيادة المحكمة الاتحادية العراقية. إن القرارات التي تصدرها المحكمة الفيدرالية لها وزن كبير وملزمة لجميع الأطراف المعنية. ويمثل هذا الإطار القانوني تحديًا هائلًا لحكومة إقليم كوردستان، حيث يتعين عليها التعامل مع العمليات القانونية الفيدرالية مع الحفاظ على استقلالها الإقليمي.
وعلى الرغم من قطعية قرارات المحكمة الاتحادية، إلا أن إقليم كوردستان لا يخلو من حق الرجوع. تلعب العديد من الآليات والجهات الفاعلة دورًا محوريًا في حماية المصالح الإقليمية:
1. المناصرة والتمثيل القانوني: توظف حكومة إقليم كوردستان خبراء قانونيين للدفاع عن مصالحها داخل النظام القضائي الاتحادي. ويمكن للمحامين الأكفاء رفع الطعون والاستئنافات القانونية العملية، مما يضمن تمثيل المخاوف الكوردية بشكل مناسب في إجراءات المحكمة.
2. التمثيل القانوني والدعم الدولي: ستحتاج حكومة إقليم كوردستان إلى تمثيل قانوني ماهر ومناصرة لعرض قضيتها بشكل فعال أمام المحاكم أو الهيئات الدولية. وقد يتضمن ذلك جمع الأدلة، وتقديم الحجج القانونية، والمشاركة في الجهود الدبلوماسية لحشد الدعم.
3. المفاوضات السياسية: توفر القنوات الدبلوماسية والمفاوضات بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة العراقية الاتحادية سبلاً للتخفيف من تأثير قرارات المحكمة السلبية. يمكن أن يؤدي الحوار السياسي إلى تسويات أو تعديلات أو حلول بديلة تعالج المظالم الكوردستانية دون المساس بالهياكل القانونية الفيدرالية.
4. العلاقات الدبلوماسية: تلعب العلاقات الدبلوماسية دورًا حاسمًا. وسيحتاج إقليم كوردستان إلى علاقات دبلوماسية قوية مع الدول والتكتلات الإقليمية التي يمكنها الدفاع عنه ودعم مواقفه في المحافل الدولية.
5. الدعم والمناصرة الدولية: يحظى إقليم كوردستان باهتمام ودعم دولي كبير. كثيراً ما تدافع الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية والمدافعون عن حقوق الإنسان عن مصالح إقليم كوردستان على الساحة العالمية. يمكن للضغوط الدولية أن تؤثر على السلطات العراقية لإعادة النظر في القرارات التي قد تؤثر بشكل غير متناسب على سكان كوردستان.
6. الاستقرار الإقليمي: سيكون السياق الإقليمي الأوسع مهمًا أيضًا. يمكن أن يؤثر الاستقرار في العراق والشرق الأوسط الأوسع على قدرة إقليم كوردستان على الدفاع عن نفسه بشكل فعال، حيث أن عدم الاستقرار أو الصراعات يمكن أن تخلق تحديات أو فرصًا إضافية.
7. الضمانات الدستورية: يحمي الدستور العراقي استقلال إقليم كوردستان وحقوقه. عندما تنتهك قرارات المحكمة الاتحادية هذه الأحكام الدستورية، يمكن لحكومة إقليم كوردستان اللجوء إلى المبادئ الدستورية العليا للطعن في الأحكام وتأكيد مكانتها القانونية من خلال السيد رئيس الجمهورية باعتباره حامي الدستور وفق المادة 67 من الدستور العراقي.
8. الرأي العام ومشاركة المجتمع المدني: للرأي العام ونشاط المجتمع المدني أهمية بالغة في تشكيل الخطاب السياسي والتأثير على صناع القرار. داخل العراق وعلى المستوى الدولي، يمكن للأصوات المناصرة لحقوق شعب كوردستان أن تضخم مخاوف حكومة إقليم كوردستان وتولد زخماً لتغيير السياسات أو الإصلاحات القانونية.
9. دور الكورد في المهجر: يمكن لحكومة إقليم كوردستان التنسيق مع الكورد في المهجر للضغط السياسي على الدول التي يعيشون فيها لدعم الحقوق الدستورية لإقليم كوردستان وحمايتهم من القرارات الجائرة للمحكمة الاتحادية ضد إقليم كوردستان.
وفي حين أن قرارات المحكمة الاتحادية باتة، إلا أن إقليم كوردستان يمتلك مجموعة من الأدوات والاستراتيجيات لحماية مصالحه واستقلاله الذاتي. ومن خلال الاستفادة من الخبرة القانونية، والانخراط في المفاوضات السياسية، وحشد الدعم الدولي، وتأكيد الحقوق الدستورية، وتعبئة الرأي العام، تستطيع حكومة إقليم كوردستان التغلب على تعقيدات العمليات القانونية الفيدرالية مع حماية حقوق شعب كوردستان وتطلعاته. وفي نهاية المطاف، يعد اتباع نهج متعدد الأوجه يجمع بين السبل القانونية والسياسية والدبلوماسية والمجتمعية أمرًا ضروريًا لحماية إقليم كوردستان بشكل فعال من قرارات المحكمة الفيدرالية السلبية.
ومن المهم الإشارة إلى أن إقليم كوردستان واجه تحديات كبيرة في تأكيد استقلاله وحل النزاعات مع الحكومة الفيدرالية العراقية. إن الوضع معقد ويخضع للديناميكيات السياسية داخل العراق والإقليم وعلى المستوى الدولي.
كوردستان24