• Saturday, 29 June 2024
logo

ماذا يخبئ المبعوث الأميركي في جعبته لليبيا؟

ماذا يخبئ المبعوث الأميركي في جعبته لليبيا؟

عادت الولايات المتحدة لتكثيف جهودها الدبلوماسية في ليبيا بشكل ملحوظ، على نحو يفرض مزيداً من التساؤلات عما يخبئه مبعوثها الخاص إلى ليبيا، السفير ريتشارد نورلاند، بالنظر إلى عقده لقاءات مكوكية ببعض أطراف الأزمة، في وقت يتصاعد فيه الحديث عن إرهاصات بتشكيل «حكومة جديدة».

وبشكل مفاجئ، أعلن النائبان بالمجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني، وعبد الله اللافي، الخميس عقب لقائهما بالمبعوث الأميركي ترحيبهما «بأي مبادرة سياسية جامعة في إطار البعثة الأممية»، وهو الأمر الذي زاد من طرح الأسئلة حول حقيقة هذه المبادرة، التي طرحها نورلاند.

وعلى مدار اليومين الماضيين وسّع نورلاند من لقاءاته بأطراف الأزمة الليبية، والجهات الفاعلة في البلاد؛ لبحث مستجدات عقد الانتخابات الرئاسية والنيابية. وفور إنهاء محادثاته التي حضرها القائم بأعمال السفارة الأميركية في ليبيا جيريمي برنت، مع نائبي المجلس الرئاسي الكوني واللافي عبّر عن ترحيبه بـ«أي مبادرة»، شريطة أن «تمكّن من إجراء الانتخابات، وتنهي الانقسام السياسي وتحقق الاستقرار في البلاد».

ونوّه المجلس الرئاسي إلى أن اجتماعه مع المبعوث الأميركي تناول أيضاً آخر مستجدات الأوضاع السياسية في البلاد، وسبل معالجة حالة الانسداد السياسي، وعدة قضايا محل اهتمام مشترك.

وفي ظل الجهود الأميركية اللافتة في طرابلس العاصمة، تؤكد أوساط سياسية أن نورلاند يتحرك لدعم مقترح المبعوث الأممي لجمع القادة السياسيين الفاعلين على طاولة حوار، لكن هناك من يشير إلى «اتجاه لإزاحة حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة بطرابلس، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، إذا لزم الأمر؛ للإشراف على إجراء الانتخابات».

ولم يتسرب عن اجتماع نورلاند بالكوني واللافي مزيداً من التفاصيل، باستثناء بحث مستجدات ملف المصالحة الوطنية، الذي يرى المجلس الرئاسي أنه «وصل لمراحل متقدمة»، بالإضافة إلى سبل تعزيز التعاون الثنائي في عدة مجالات، لا سيما الاقتصادية والأمنية، عبر تأمين الحدود الجنوبية، وخلق تنمية في قرى ومدن مناطق الجنوب، والعمل على حلحلة التحديات الاقتصادية في البلاد.

بدوره، أكد نورلاند على استمرار دعم بلاده لجهود المجلس الرئاسي التي «تهدف لتحقيق الاستقرار، للوصول لإجراء الاستحقاق الانتخابي، ولجهود عقد (المؤتمر الجامع) المقرر في سرت نهاية أبريل (نيسان) المقبل، وهي ضمانات لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في ليبيا».

واستبق نورلاند، الذي يدعم بقوة جهود المبعوث الأممي اجتماعه مع نائبي المجلس الرئاسي، بلقاء محمد تكالة، رئيس المجلس الأعلى للدولة، الأربعاء، برفقة برنت. وقال المجلس الأعلى للدولة إنه جرى خلال اللقاء بحث جوانب الأزمة السياسية الليبية، ومبادرة المبعوث الأممي، والجهود الرامية لدعم المسار الديمقراطي والاستقرار، وإنجاح العملية الانتخابية.

وقال نورلاند عبر حساب سفارته على منصة «إكس»: «كان لي أنا والقائم بالأعمال برنت نقاش مثمر مع رئيس المجلس الأعلى للدولة تكالة. والمجلس له دور حيوي يلعبه في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة. وقد حان الوقت لكي يجد الفاعلون الليبيون طرقاً مبتكرة لتجاوز الانسداد من أجل تمهيد الطريق نحو ليبيا أكثر استقراراً وازدهاراً».

ولمزيد من إثارة علامات الاستفهام، اجتمع نورلاند مع وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة»، عماد الطرابلسي، في مكتبه بطرابلس الخميس؛ لمناقشة مواضيع عدة تتعلق بالوضع السياسي والأمني في ليبيا.

وأبدى الطرابلسي في تصريح صحافي «استعداد وزارته التام لتأمين وحماية الانتخابات الليبية»، لكن اللافت أن الطرابلسي تحدث عن ضرورة انتخاب «حكومة موحدة تتسلم زمام الأمور في البلاد، وتنهي الانقسامات الحالية والمراحل الانتقالية». مشدداً على تشكيل قوة أمنية مشتركة لتأمين الحدود الجنوبية، بالتعاون والتنسيق مع القيادة العامة بالجنوب، وقال: «نحن مستعدون لتشكيل هذه القوة، وتكليف أي شخص لأمرتها يتم الاتفاق عليه»، علما بأن قوات «الجيش الوطني»، برئاسة المشير خليفة حفتر، تسيطر على مناطق عدة بالجنوب الليبي.

ومضى الطرابلسي متحدثاً عن جهود وزارته، قائلاً إنها تعمل على تطوير الخطط الأمنية لوزارة الداخلية لجهة تأمين منفذ رأس أجدير البري، مشيراً إلى أهمية دعم الوزارة في خططها لتأمين الحدود البرية والبحرية، من أجل القضاء على الجريمة المنظمة، والحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية.

بدوره، قال المبعوث الأميركي: «كان لنا أنا والقائم بالأعمال برنت، الخميس، لقاء مفيد في طرابلس مع وزير الداخلية الطرابلسي للبحث في الجهود الرامية لتحسين الأمن في العاصمة، والحفاظ على السلم والاستقرار في جميع مناطق ليبيا... وقد شدّدنا على دعم الولايات المتحدة لتوحيد قوات الأمن الليبية، والجهود المبذولة لبناء قدراتها وكفاءتها المهنية، خاصة على طول حدود ليبيا، في ظل الاضطرابات الإقليمية».

وانتهى نورلاند إلى أنه ناقش أيضاً «الدور المهم لمنظمات المجتمع المدني العاملة في ليبيا، وضرورة حماية الأصوات الليبية المستقلة من خطاب الكراهية». فيما تنتظر الأوساط السياسية في ليبيا بترقب ماذا ستسفر عنه تحركات المبعوث الأميركي لجهة كسر الجمود، وإحداث تقارب بين الأطراف الليبية المنقسمة في الأيام المقبلة.

 

 

 

الشرق الاوسط

Top