• Saturday, 23 November 2024
logo

قرارات المحكمة الاتحادية مجدداً تُدخل البلاد في سجال قراءة الدستور والقوانين الدستورية

قرارات المحكمة الاتحادية مجدداً تُدخل البلاد في سجال قراءة الدستور والقوانين الدستورية

تيسير عبدالجبار الالوسي

 

منذ زمن والمحكمة الاتحادية تتخذ قراراتها في ضوء استدعاءات المواقف السياسية لتخرج علينا بنتائج تؤكد اضطراب قراءة الدستور سواء في مواده أم في روحه ومعطيات ديباجته.

فالقراءة الحقة ينبغي أن تنطلق من كونه وثيقة الشعب التي تلبي مطالبه وحاجاته في إدارة شؤونه بالاتفاق على الاستراتيجي الجوهري وبما يتم تفصيله بقوانين تنبع من مصالح الشعب وخياراته في نظامه السياسي أم في تطلعاته إلى مستقبله.

أما تلك القراءات التي ربما وقفت عند أعتاب النصوص ودلالاتها المعجمية المحدودة فإنها لن تؤدي إلا إلى مزيد من مشكلات وتعقيدات تتعارض والعقد الاجتماعي للشعب الممثل بالدستور.. وفي ضوء هذه الحقيقة غادرت بعض البلدان وشعوبها كتابة الدستور بنصوص جامدة لتترك الموضوع مؤسساً على العقد الاجتماعي الذي يتخذه القضاء مؤشرا توجيهيا من التجارب الحية للشعب ومسيرة قضائه لا من النصوص الجامدة الميتة..

وعراقيا لطالما خرجت علينا المحكمة الاتحادية بقرارات أشبه بفتاوى مفصّلة لمرجعيات مصطنعة لا علاقة حقيقية لها بمصدرها الذي تدعيه بقدر ما للفتوى من علاقة بالمطالب الآنية العابرة وهنا ننتقل للقرارات لنجدها تقرأ الدستور بنصوصه اللفظية ومخارج معاني معجمية جامدة تفارق العلاقة بروح الدستور ومقاصده في التعبير عن العقد الاجتماعي..

لقد كانت قراراتها تلك أدعى للتعارض مع النظام الفيدرالي والتراجع عن أسسه القانونية الدستورية لصالح إعلاء منطق المركزية المقيتة التي ظلت سبباً للمشكلات التاريخية مما جابه مجتمعنا التعددي غني التنوع القومي والديني علما أن الدستور الأول للدولة العراقية كان قد ثبت قيامها على جناحيها العربي والكوردي بلا لبس، فكيف نتراجع اليوم نحو آليات قوانين المركزية التي تختزل القرار لدى جهة سياسية حزبية طائفية بعينها!؟

كما توغل القرارات في استلاب مجمل صلاحيات الإقليم وأسس وجوده الفيدرالي عبر استرجاع تلك الصلاحيات وحصرها بالمركز بصورة لا تبقي للهوية الفيدرالية أي معنى وهذا التفريغ سيمهد حتما للقوى الشوفينية أن تعاود أنشطتها التخريبية كما يحدث اليوم وإن بحدود تتخفى خلف حجج وذرائع واهية..

إننا نرى أن تلك القرارات مخالفة ليس لروح الدستور فحسب بل ولنصوص مواده التي أكدت الخيار الفيدرالي؛ إذ أن تلك القرارات تتعارض والحقوق الدستورية للإقليم الفيدرالي كوردستان بخلفية تعارضها الذي أشرنا إليه مع مبادئ البنية الفيدرالية وقيمها.. والمحكمة تغض الطرف هنا عن مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليها في الدستور العراقي.

إننا نتساءل عن السر الذي يقف وراء تكرار قرارات ليست مسيّسة وحسب بل ومتحزبة لمنطق ونهج رفضته الجماهير الشعبية بمواقفها من الانتخابات الوطنية على سبيل المثال وحجم المقاطعة فيها..

وإذا أمعنا في تناول ما ورد من قرارات فإنه يلغي من الإقليم الفيدرالي حتى صلاحيات محافظة ويشرعن لأداء فوقي مركزي بالعمق الفكري الشوفيني كما يحجب حتى ما تم الاتفاق عليه بشأن الكوتا للمجموعات القومية التي ظلت طويلا مهمشة ومصادرة بإلغاء مقاعدها، الأمر الذي دعا إلى اعتراض ممثليها من المكونات “الكلدانية والآشورية والتركمانية والسريانية” في الإقليم. لأن القرارات المخصوص لا مبرر دستوري له وإن ذهب للتبرير فإنه سيكون تبريرا سياسيا غير موفق بل يضرب العملية الديموقراطية في الصميم..

إننا نجدد التنبيه على ضرورة التوقف عند تلك الظاهرة وإعادة النظر في مجمل ما صدر من قرارات مثيرة للجدل والسجالات التي تحتاج لمراجعة خبراء الدستور لوقف تكرارها من جهة ولإعادة إصدار القرارات المناسبة على وفق احترام مبدأ الفصل بين السلطات وتلبية شروط وجود النظام الفيدرالي من دون اعتداء أو انتقاص أو انتهاك للنظام وحجب محاولات المس بصلاحيات الإقليم ومسؤوليته عن كثير من الصلاحيات تجاه شعب كوردستان صاحب الإرادة والحق بتقرير المصير واحترام خياره الفيدرالي القائم على أساس مبادئ العدل والمساواة ونهج الروح الدستوري الديموقراطي الرافض لكل أشكال المصادرة والانتهاك للحقوق والحريات..

-----------------------------

* المرصد السومري لحقوق الإنسان هولندا

  • التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية

 

 

 

باسنيوز

Top