محمد إحسان: واشنطن ابلغت بغداد مسبقاً بهجومها على مواقع عراقية دون تحديدها
يدور اليوم سجال حاد بين واشنطن وبغداد على خلفية قصف القوات الاميركية لمواقع عراقية وسورية، حول ما اثارته القيادة الاميركية من ان العراق كان على علم مسبق بهذه الهجمات.
البيت الأبيض صرح بإن الولايات المتحدة أبلغت العراق قبل شن ضربات جوية على ثلاثة مواقع تخص فصائل داخل البلاد، وذلك بعد دقائق من تنديد الجيش العراقي بالضربات التي وصفها بأنها انتهاك للسيادة العراقية.
وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين: "أبلغنا الحكومة العراقية بالفعل قبل شن الضربات"، في حين ندد العراق بالضربات الأميركية داخل أراضيه محذراً من أن هذه الخطوة "ستجر العراق والمنطقة إلى ما لا يحمد عقباه". وقال مسؤول في البنتاغون إن الولايات المتحدة قامت بتنسيق "لوجستيات" العمليات العسكرية مع الحكومة العراقية.
من جهتها قالت الحكومة العراقية في بيان للمتحدث باسمها باسم العوادي، اليوم السبت (3 شباط 2024)، إن الإدارة الأميركية أقدمت على "ارتكاب عدوان جديد على سيادة العراق، إذ تعرضت مواقع تواجد قواتنا الأمنية، في منطقتي عكاشات والقائم، فضلاً عن الأماكن المدنية المجاورة، الى قصف من عدة طائرات أمريكية"، مشيرا الى ان الجانب الأميركي عمد بعد ذلك إلى "التدليس وتزييف الحقائق، عبر الإعلان عن تنسيق مُسبق لارتكاب هذا العدوان"، مضيفاً بأن إعلان البيت الأبيض "ادعاء كاذب يستهدف تضليل الرأي العام الدولي، والتنصل عن المسؤولية القانونية لهذه الجريمة المرفوضة وفقاً لجميع السنن والشرائع الدولية".
وأعلنت الولايات المتحدة الجمعة بأنها شنّت "بنجاح" ضربات انتقاميّة استهدفت في كلّ من العراق وسوريا قوّات إيرانيّة ومجموعات موالية لطهران، في وقت حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن من أنّ هذه الضربات "ستستمرّ".
وقالت واشنطن أنها شنت غارات على 7 منشآت في سوريا والعراق، رداً على الهجمات التي استهدفت قواتها بالمنطقة، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى. واوضح الرئيس الأميركي جو بايدن إن المنشآت المستهدفة يستخدمها الحرس الثوري الإيراني ومليشيات تابعة له لمهاجمة القوات الأميركية، مضيفاً أن "ردنا الذي بدأ اليوم سيستمر في الأوقات والأماكن التي نختارها"، وذلك في أعقاب الهجوم الذي وقع في الأردن الأحد الماضي وأسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين.
من جانبه، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن قواتهم نفذت ضربات على 7 منشآت تضمنت أكثر من 85 هدفا في العراق وسوريا، واستهدفت فيلق القدس الإيراني و"المليشيات المرتبطة به".الاكاديمي المتخصص بالعلاقات الدولية وشؤون الامن الدولي، السياسي الكوردي البروفيسور محمد احسان أكد بأن "واشنطن ابلغت بغداد بالهجوم الاميركي على المواقع العراقية ولكن لم يتم ابلاغ بغداد بتحديد المواقع المستهدفة ولا توقيتات ساعة الصفر لتنفيذ الهجمات".
وقال محمد احسان السبت (3 شباط 2024) إن "واشنطن كانت قد ابدت للحكومة العراقية انزعاجها الشديد من الهجمات الارهابية التي تشنها مجموعات ارهابية عراقية خارجة عن القانون لمواقع اميركية، قواعد عسكرية وهيئات دبلوماسية".
واشار الى ان "رسالة واشنطن كانت واضحة بان حماية المواقع الاميركية هي من مسؤوليات القائد العام للقوات المسلحة العراقية، ولكن عندما لا تتحرك الحكومة العراقية تأخذ القوات الاميركية دورها بحماية مواقعها وجنودها، باعتبار ان لديها اليد الطولى في الرد العسكري على اي اهداف او جهة تهاجم المصالح الاميركية وهذه عقيدتهم العسكرية في جميع انحاء العالم وليس في العراق وسوريا فقط".
ونبّه محمد احسان، الوزير السابق في حكومة اقليم كوردستان، الى ان الرئيس الاميركي جو بايدن أكد في بيان اليوم بأن: "ردّنا بدأ اليوم وسيستمرّ في الأوقات والأماكن التي نختارها، وحذر بقوله، فليعلم جميع من قد يسعون إلى إلحاق الأذى بنا: إذا ألحقتُم الضرر بأميركيّ، فسنردّ".
واضاف محمد إحسان قائلاً ان "الحكومة العراقية هي من دعت القوات الاميركية للقضاء على تنظيم داعش وتحرير نينوى من سيطرة التنظيم الارهابي وطلب منهم البقاء لحماية العراق وامنه وامواله ثم لم تتخذ الحكومة العراقية اية إجراءات لحمايتهم من الميلشيات المسلحة الخارجة عن القانون"، مشددا على انه "كان يفترض على الحكومة العراقية ان تمنع الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون والتابعة لايران ان تهاجم القوات الاميركية وتقتل 3 جنود اميركان وهذا موضوع ليس سهلا بالنسبة للولايات المتحدة، بل هذه كارثة بالنسبة لهم، وبايدن محتاج لمثل هذا الحدث واستغلاله لا سيما وان الانتخابات الاميركية على الابواب، يوم الثلاثاء 5 تشرين الثاني 2024".
وأوضح محمد إحسان أن "الميلشيات الخارجة عن القانون تمادت جدا في تصرفاتها الصبيانية وغير المسؤولة في مهاجمة القواعد الاميركية واعتقدوا وتحت عناوين المقاومة بان ضرب القواعد الاميركية في العراق وخارجه سيمر دون عقاب".
واعتبر محمد احسان، استاذ الامن والدفاع في جامعة لندن، أن تقديم العراق شكوى لمجلس الامن ضد واشنطن "دون جدوى ولا يعني اي شيء للولايات المتحدة، والضربات الاميركية سوف تتواصل وبقوة، حتى شهر ايار القادم على اقل تقدير"، مؤكدا أن "اميركا باقية في العراق ولن ترحل ومن مصلحة العراق والعراقيين ان تبقى القوات الاميركية لمحاصرة انشطة الميلشيات الخارجة عن القانون او ما تسمى بـ (المقاومة الاسلامية).
وقال ان "العراق بالتاكيد ليس بحاجة الى الميلشيات المسلحة التي شكلتها ايران وبعض الاحزاب العراقية التي ولائها لطهران، بل بحاجة الى تطبيق النظام الديمقراطي الاتحادي وتطوير الاقتصاد وبناء جامعات ومستشفيات ومدارس والاستقرار الامني والحياتي".
وخلص البروفيسور محمد إحسان الى ان "أميركا استهدفت وسوف تستهدف مقرات الجماعات المسلحة في القائم والبوكمال وجرف الصخر وعكاشات وهذا هو الخط الحدودي مع سوريا لانه يشكل تهديد للقواعد الاميركية في العراق وسوريا، بل ان الصواريخ التي تسببت بمقتل 3 جنود من القوات الاميركية انطلقت من القائم اضافة الى الميلشيات التي لها تماس مع حدود اقليم كوردستان"، معتبرا ان الهجوم الاميركي ليس في مصلحة اقليم كوردستان ولا بمصلحة العراق والعراقيين لانه يزعزع الامن والاستقرار في المنطقة، وان امن اقليم كوردستان من امن العراق، والعكس صحيح".
وكانت القوات الأميركيّة وقوات التحالف الدولي في العراق وسوريا قد تعرضت لأكثر من 165 هجوماً منذ منتصف تشرين الأوّل الماضي، وتبنت الكثير منها "المقاومة الإسلاميّة في العراق"، لكن الهجوم على قاعدة في الأردن كان الأول الذي أسفر عن سقوط قتلى في صفوف القوات الأميركية.كما سُجّلت عشرات الهجمات على نحو 2500 عسكري أميركي في العراق، ونحو 900 منتشرين في سوريا مع قوات أخرى من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الارهابي.
روداو