«المسلات»... اكتشاف كائنات حيّة جديدة في الجهاز الهضمي البشري !
أثناء النظر إلى غابة الميكروبات التي تعيش داخلنا، عثر الباحثون على ما يبدو أنه فئة جديدة تمامًا من الكائنات الشبيهة بالفيروسات.
ويقول مارك بايفر عالم الأحياء الخلوي بجامعة نورث كارولينا غير المشارك في الدراسة «إنه أمر جنوني. كلما نظرنا أكثر رأينا أشياء أكثر جنونًا. هذه الأجزاء الغامضة من المادة الوراثية ليس لها تسلسلات يمكن اكتشافها أو حتى أوجه تشابه هيكلية معروفة لأي عوامل بيولوجية أخرى». فيما يقول عالم الأحياء بجامعة ستانفورد إيفان زيلوديف وزملاؤه إن اكتشافهم الغريب قد لا يكون فيروسات على الإطلاق «بل مجموعة جديدة تمامًا من الكيانات التي قد تساعد في سد الفجوة القديمة بين أبسط الجزيئات الجينية والفيروسات الأكثر تعقيدًا». وكتب الباحثون في ورقة بحثية «تتكون المسلات من فئة من الحمض النووي الريبوزي (RNA) المتنوعة التي استعمرت الميكروبات البشرية والعالمية، ولم يلاحظها أحد. تمت تسميتها على اسم الهياكل شديدة التناظر التي تشبه القضبان والتي تتكون من أطوالها الملتوية من الحمض النووي الريبي (RNA)، ويبلغ حجم التسلسل الجيني للمسلات حوالى 1000 حرف (نيوكليوتيدات) فقط. ومن المحتمل أن يكون هذا الإيجاز أحد أسباب فشلنا في ملاحظتها سابقًا». وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» عن «bioRxiv» العلمي.
وفي دراسة لم تتم مراجعتها بعد، قام زيلوديف وفريقه بالبحث في 5.4 مليون مجموعة بيانات من التسلسلات الجينية المنشورة وحددوا ما يقرب من 30 ألف مسلة مختلفة؛ فظهرت في حوالى 10% من الميكروبات البشرية التي فحصها الفريق.
وفي إحدى مجموعات البيانات، ظهرت المسلات في 50 % من العينات الفموية للمرضى.
علاوة على ذلك، يبدو أن أنواعًا مختلفة من المسلات موجودة في مناطق مختلفة من أجسامنا.
ويوضح باحثو الدراسة «ان هذا الأمر يدعم فكرة أن المسلات قد تشمل مستعمرين للميكروبات البشرية المذكورة. وقد تمكنوا من عزل نوع واحد من الخلايا المضيفة من الميكروبيوم لدينا، وهي بكتيريا Streptococcus sanguinis، وهو ميكروب شائع في الفم البشري؛ حيث تحتوي المسلة الموجودة في هذه الميكروبات على حلقة يبلغ طولها 1137 نيوكليوتيدًا».
وفي هذا الاطار، كتب زيلوديف وزملاؤه «بينما لا نعرف مضيفي المسلات الأخرى. من المعقول افتراض وجود جزء على الأقل في البكتيريا».
وبغض النظر عن مصدر المسلات، يبدو أن جميعها تتضمن رموزًا لفئة جديدة من البروتين أطلق عليها الباحثون اسم Oblins. كما يبدو أن تعليمات بناء هذه البروتينات تستهلك ما لا يقل عن نصف المادة الوراثية للمسلات.
وبما أن هذه البروتينات متشابهة جدًا في جميع المسلات، يشتبه الباحثون في أنها قد تكون متورطة في عملية النسخ المتماثل للكيان. فهذه القدرة على تشفير البروتينات تجعلها مختلفة عن حلقات الحمض النووي الريبوزي (RNA) المعروفة الأخرى والتي تسمى أشباه الفيروسات. ويبدو أيضًا أنها لا تمتلك الجينات اللازمة لصنع الأغلفة البروتينية التي تعيش فيها فيروسات الحمض النووي الريبي (بما في ذلك كوفيد-19) عندما تكون خارج الخلايا... وأنها أكبر بكثير من الجزيئات الجينية الأخرى التي تتعايش داخل الخلايا، من النباتات إلى البكتيريا، والتي تسمى البلازميدات، والتي تتكون بشكل أكثر شيوعًا من الحمض النووي. لكن مع ذلك، لم يتمكن زيلوديف وفريقه من تحديد أي تأثير للمسلات على مضيفاتها البكتيرية، أو وسيلة يمكن من خلالها الانتشار بين الخلايا.
وخلص الباحثون إلى القول «إن هذه العناصر قد لا تكون ذات طبيعة فيروسية وربما تشبه إلى حد كبير بلازميدات الحمض النووي الريبوزي».
الشرق الاوسط