الضربات الإيرانية في كوردستان تصعيد خطير يثير قلق الأمن الإقليمي
شيار خليل
تشهد منطقة اقليم كوردستان حالة من التوتر والقلق إثر تنفيذ ميليشيا الحرس الثوري الإيراني هجوماً بالصواريخ الباليستية، زاعماً أن الهجوم الذي أسفر عن سقوط عدد من الضحايا بينهم أطفال استهدف مركز تجسس إسرائيلي في إقليم كوردستان العراق، يأتي هذا التصعيد في ظلّ تصاعد التوترات الإقليمية، إذ تسعى إيران إلى فرض تأثيرها والهيمنة على المنطقة من خلال مزاعم لم تصدر إلّا منها.
بصورة لا توحي بالغرابة، ادّعت إيران مجدّداً أن استهدافها كوردستان هو استهداف للنشاطات التي تنفذها الموساد في المنطقة، إلّا أنّ هذا الادّعاء لا يستند لأي معلومة أو مصدر أو دليل يمكن الاطّلاع عليه، وما هو إلّا ذريعة عادة ما تستخدمها إيران لضرب الاستقرار في المنطقة الكورديّة، وسبق أن شبّهت إيران والجماعات الموالية لها في العراق، كوردستان بوصفها إسرائيل ثانية في المنطقة، لتبرير العدوان عليها، وتبرير تدخّلها في الشؤون العراقيّة.
الهجوم الإيراني، استهدف أحياء سكنيّة، راح ضحيتها مدنيون، بينهم أطفال، وفي مطلق الأحوال، ترتبط الهجمات الإيرانيّة على كوردستان بتصفية حسابات سياسيّة مع الكورد، خاصة بعد تصدّرهم الانتخابات المحليّة في كركوك، وقرار الحكومة العراقيّة بالتوصل إلى اتفاق مع الإقليم الكوردي بشأن الموازنة العامة، والتحولات الإيجابيّة التي حدثت مؤخراً في العلاقة بين إقليم كوردستان والحكومة المركزيّة العراقيّة. أسباب أخرى غير ذلك، بينها تهدئة الشارع الإيراني بعد الهجوم الذي استهدف كرمان في إيران، وعدم قدرة الحكومة الإيرانية على التعامل مع كل الملفات التي تدّعي تبنيها سواء في الداخل الإيراني، أو في الخارج فيما يتعلّق بفلسطين وغيرها من الملفات.
حقّق الحزب الديمقراطي الكوردستاني فوزاً كبيراً في انتخابات المجالس المحليّة في نينوى، وبات تشكيل الإدارة المحليّة وتعيين المحافظ أمراً يتعلّق بالكورد والسنة في المحافظة، وهم الغالبيّة العظمى منها، هذا التحوّل الكوردي والعراقي لاستعادة السيطرة الإداريّة والاقتصاديّة على منطقة نينوى وضمنها الموصل، هو عامل إضافي تحاول إيران زعزعة استقرار المنطقة لفرض حلول وسطيّة، تمكّنها من تعيين محافظ نينوى، لتحافظ على قدرتها في السيطرة على الحدود مع سوريا، وتستمرّ في التحكم بموارد المناطق التي خرجت من تحت سيطرة داعش مؤخراً، وتعيش تحت وطأة الميليشيات الإيرانيّة.
يثير السلوك الإيراني العنيف وعدوانها المستمرّ على كوردستان، مخاوف الأمن الإقليمي ويتسبب في تعقيد الوضع الانساني في كوردستان. يجب على المجتمع الدولي التدخل لضمان حقوق الكورد وحمايتهم من التصعيد العسكري الإيراني غير المبرر.
تصاعد الصراعات الجانبية في بحر كوردستان
إضافةً إلى الضربات العسكرية، تشهد كوردستان تصعيداً مختلفاً من قِبَل إيران، إذ تسعى لتصعيد الصراعات الجانبية بهدف زعزعة استقرار المنطقة وإثارة التوترات. تستند هذه الستراتيجية إلى تأجيج الصراعات العرقية والدينية في إطار محاولات للتأثير على التوجهات السياسية والأمنية في كوردستان.
عدم انخراط الكورد في سياسات المنطقة
على الرغم من تورط إيران في الصراعات الجارية في المنطقة، فإن الكورد يظلون على مسافة من السياسات الإقليمية التي تتسم بالتصعيد والتوتر. يؤكد الكورد على استقلاليتهم وتفردهم كثقافة وهوية وإٍقليم سياسيّ مستقلّ، ويرفضون الانخراط في صراعات يروّج لها الآخرون. هذا الموقف يجسد رغبة الكورد في الحفاظ على سلامة منطقتهم والتركيز على تطويرها.
تأثير التصعيد على التنمية في إقليم كوردستان
من جانب آخر تأتي هذه التحركات الإيرانية في سياق عرقلة التنمية الاقتصادية والسياسية في إقليم كوردستان. يعاني الكورد من تداول محدود للسلع وتقلبات في الأوضاع الاقتصادية، نتيجة لغياب الاستقرار المستمر والتهديدات الأمنية، يشكل التصعيد الإيراني عاملاً إضافياً للضغوط التي يتعرض لها إقليم كوردستان ويعرقل جهوده في تحقيق التقدم الاقتصادي والسياسي.
حماية القضية الكوردية ومسؤولية الجميع
يظهر بوضوح أن الكورد يحملون حقوقاً وتاريخاً يجعلهم يستحقون الاعتراف والحماية. يجب أن يكون المركز بغداد والحكومة العراقية في مقدمة الجاهدين لحماية هذا الإقليم من أي عدوان خارجي. فمع التصاعد العدائي من قبل إيران وتهديدها المستمر، يكون على مركز بغداد تحمل المسؤولية الكاملة في حماية الكورد والحفاظ على سلامة المنطقة. كما يجب أن تقف الدول الجارة إلى جانب الإقليم الكوردي في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وخاصةً تلك التي تتشارك في الحدود مع إقليم كوردستان، يجب عليها أن تتحمل مسؤولياتها في وقف التصعيد الإيراني وضمان أمان الشعب الكوردي. من خلال التعاون والتضافر، يمكن بناء مستقبل يستند إلى السلام والتعايش السلمي.
في إطار الحاجة الملحة لحلول دبلوماسية والتزام دول العالم بحقوق واحتياجات الكورد، يظل الوضع الكوردي تحديًا يتطلب التدخل الدولي. يجب على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لضمان حماية الكورد والشعوب التي تعيش في الإقليم وتوفير الدعم اللازم لتحقيق السلام والعدالة في المنطقة.
من جانبها، ينبغي لإيران أن تدرك أن التقدم في غزوها وتدخلها في شؤون دول الجوار يشكل خرقاً للقوانين الدولية ويعرض استقرار المنطقة للخطر. وليحث المجتمع الدولي إيران على التفاهم والالتزام بحقوق الشعوب والامتناع عن أي تصعيد يمكن أن يتسبب في المزيد من التوترات.
في النهاية، يبقى السعي إلى الحوار والتعاون بين الأطراف المعنية السبيل الوحيد لتحقيق استقرار دائم وعدالة في المنطقة، مع الالتزام بالقوانين والقيم الدولية التي تحافظ على سيادة وحقوق الأمم، والحفاظ على الاستقرار والأمن والأمان في إقليم كوردستان.
روداو