تفشي أمراض «خطيرة» في العراق بسبب التلوث وتغير المناخ
يدفع العراق ثمنا باهظا للتغيرات المناخية، حيث يهدد تلوّث المياه وتغيّر المناخ، الصحة العامة وسط مخاوف من تفشي المزيد من الأوبئة.
ويواجه أفقر سكان العراق خطرا صحياً متزايدا، في بلد هو من بين أكثر 5 دول في العالم تأثرا ببعض تداعيات التغير المناخي، فهم مهددون بأمراض مثل الليشمانيا والإسهال المزمن والربو الناجم عن العواصف الرملية والكوليرا.
يقول والد الطفلة طيبة، ناجح فرحان، البالغ من العمر 39 عاماً، فيما يشير إلى طفح جلدي على وجه ابنته الصغرى «إنه مرض جلدي، حبة بغداد».
و«حبة بغداد» هو الاسم الشعبي لمرض الليشمانيا الجلدية الذي ينتقل إلى الإنسان عبر لدغات أنثى ذباب الرمل الفاصد المصابة.
ويضيف هذا الأب لسبعة أطفال من قرية الزوية في محافظة الديوانية أن «أخاها الثاني أصيب بداء الصفراء، ولا يرى بعينيه، وأيضاً بمرض جلدي».
وما يزيد الأمر سوءاً، هو أنه «لا يوجد مركز صحي قريب من هنا وأي خدمات متوافرة لنا»، على حد قول فرحان.
وفي تقرير لها منتصف سبتمبر/أيلول، رأت منظمة الصحة العالمية أن «صعوبة الوصول إلى العناية الطبية الملائمة في المناطق النائية» تُعدّ من العوامل المساهمة في تفاقم الليشمانيا في العراق.
وللتعويض عن النقص في الخدمات الصحية في المناطق النائية، أطلق الهلال الأحمر العراقي في يونيو/حزيران حملةً واسعةً في 9 محافظات في الوسط والجنوب هي «الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية»، وفق عضو الهيئة الإدارية في الهلال الأحمر حيدر كريم.
وتضمّ الحملة نحو 150 متطوعاً وأكثر من 25 طبيباً وطبيبة من وزارة الصحة، وخمسة مستشفيات متنقلة من أجل «تقديم الخدمات الصحية» و«إطلاق حملات توعية عن الأخطار والأمراض التي من المحتمل أن تصيب الأهالي كالأمراض الجلدية».
وخلال جولة الهلال الأحمر في الديوانية، تجمّع سكان قرية العياش والقرى الصغيرة الأخرى المجاورة، من نساء ورجال وأطفال، قرب سيارات الإسعاف لتلقي الاستشارات الطبية.
أمام سيارة إسعاف بابها مفتوح، وقفت نساء مرتديات الملابس التقليدية السوداء ينتظرن دورهنّ لفحص أطفالهن. ومن سيارة أخرى، أخرج متطوعو الهلال الأحمر علب دواء لتوزيعها على السكان.
لاحظت الصيدلانية رغدة إحسان المشاركة في هذه الحملة أن غالبية الأهالي «مصابون بأمراض الالتهاب المعوي بشكل كبير وملحوظ وكذلك أمراض جلدية والتهابات المجاري البولية».
وتضيف أن «كل هذه الأمراض ناتجة عن التغير في البيئة والاحتباس الحراري وتلوث المياه هنا وبسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها والخدمات المتردية».
وفي بلد بنيته التحتية متهالكة بعد حروب ونزاعات استمرت لعقود، ويعاني موجة جفاف للسنة الرابعة على التوالي، يعدّ تلوّث المياه مصدر قلق حقيقيا.
وقال ماك سكيلتون الباحث في علم الإنسان الطبي إن «انخفاض منسوب المياه مرادف لتركّز إضافي للمياه الآسنة والملوثات الصناعية في إمدادات المياه، بمستوى لا يمكن للبنية التحتية الخاصة بمعالجة المياه في العراق، التعامل معه بشكل كافٍ».
وأضاف سكيلتون، مدير معهد الأبحاث الدولية والإقليمية، في الجامعة الأمريكية في السليمانية في العراق أن «المياه الملوثة مرتبطة بمجموعة من الأمراض، مثل الكوليرا والأمراض المعوية وأمراض الجلد والإسهال».
ويرى أنه «من الضروري تحسين البنى التحتية الخاصة بمعالجة المياه.. وتطوير أنظمة الصحة العامة».
في منتصف سبتمبر/أيلول، أقرّ مسؤول في وزارة البيئة أن «أنابيب الصرف الصحي الثقيلة في بغداد تطرح مخلفاتها إلى نهر دجلة مباشرة مما حوله إلى مستنقع».
وأضاف مدير قسم التخطيط في دائرة بيئة بغداد حيدر يوسف محمود في حديث لجريدة الصباح الرسمية أن مياه الصرف الصحي تطرح في النهر من دون معالجة.