عقاران جديدان لمرض «سكري الكبار» لدى الأطفال
من المعروف أن انتشار البدانة في الأطفال كان السبب الرئيسي في إصابتهم بالنوع الثاني من مرض السكري Type 2 Diabetes الذي لم يكن معروفاً في الأطفال من قبل، وكانت الإصابة به قاصرة على البالغين فقط حتى أن الاسم القديم لهذا النوع كان «سكري البالغين» أو الكبار. ولذا؛ انصبّ الاهتمام على ضرورة السيطرة على ارتفاع الغلوكوز في الدم عن طريق الأدوية مع الاهتمام بتغيير النظام الغذائي وممارسة الرياضة.
عقاقير السكري للأطفال
في منتصف شهر يونيو (حزيران) من العام الحالي قامت إدارة الأغذية والدواء الأميركية (FDA) بالموافقة على استخدام عقارين لمرض السكري في الأطفال بداية من عمر 10 سنوات كان استخدامهما قاصراً على البالغين فقط. والاسم التجاري للدواء الأول هو جارديانس Jardiance وكان قد حصل على موافقة الإدارة لاستخدامه في البالغين في عام 2014، أما الدواء الآخر فيحمل الاسم التجاري سينجاردي Synjardy فقد نال الموافقة على استخدامه في البالغين أيضاً في عام 2015.
تبعاً للدراسات السابقة، تزايد عدد الأطفال المصابين بالنوع الثاني بنسبة تبلغ 4.8 في المائة سنوياً في الفترة من بداية عام 2002 وحتى عام 2015 وهى نسبة كبيرة بالطبع. وتكمن المشكلة في الأطفال في محدودية الاختيارات العلاجية؛ لأن الأدوية المستخدمة في البالغين لها العديد من الأعراض الجانبية وأهمها إمكانية حدوث نقص في نسبة الغلوكوز بالدم hypoglycemia وخطورة التعرض لغيبوبة نقص السكر.
ويحتوي العقاران بشكل أساسي على مادة ايمباغليفوزين empagliflozin في الأول، أما الدواء الأخر فيحتوي على المادة نفسها مع مادة الميتفورمين metformin الشهيرة التي كانت هي العلاج الرئيسي للنوع الثاني في الأطفال منذ عام 2000 وحتى الآن.
في التجارب التي تم فيها اختبار المادة الأساسية في العقارين كان تركيز العلماء على مدى الفاعلية والأمان وشملت التجربة 157 طفلاً يعانون النوع الثاني وعدم انتظام نسب السكر في الدم وتتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاماً، وامتدت فترة العلاج إلى 26 أسبوعاً. وتم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، الأولى هم الذين تناولوا العقار الجديد والمجموعة الثانية الذين تناولوا عقاراً وهمياً على نفس شكل الدواء من دون مادة فعالة (placepo)، والمجموعة الثالثة كانوا الذين تناولوا عقاراً آخر لتنظيم السكر يستخدم في البالغين فقط.
وأظهرت النتائج تحسناً كبيراً في مستويات السكر التراكمي الذي يمثل منحنى الغلوكوز على مدى ثلاثة أشهر HbA1C. ويستخدم هذا المؤشر كنوع من المتابعة لمرضى السكري لمعرفة مستوى الغلوكوز في هيموغلوبين كريات الدم. ونظراً لأن فترة حياة كرية الدم الحمراء 3 أشهر فقط يكون مؤشراً جيداً للحكم على السكر في الدم. وقد انخفض مستوى الغلوكوز بنسبة 0.2 في المائة في مقابل زيادة بنسبة 0.7 في المائة للذين يتناولون العقار الوهمي.
معالجة دقيقة
أوضح الباحثون ضرورة أن يتم تناول العلاج تبعاً للجرعات المحددة من قِبل الطبيب بمنتهى الدقة حتى يمكن تجنب الأعراض الجانبية التي يمكن أن تحدث نتيجة لخلل في الجرعات وأهمها هبوط مستوى الغلوكوز في الدم مع احتمالية حدوث الأعراض الجانبية نفسها التي تحدث في البالغين مثل التهابات المسالك البولية والالتهابات الفطرية، خاصة للإناث والإسهال والغثيان خصوصاً في العقار الذي يتم فيه دمج مادة الميتفورمين مع المادة الأساسية.
وحذر العلماء من خطورة التهاون في تناول العلاج أو الامتناع عن تناوله بشكل كامل خوفاً من الأعراض الجانبية. وذكروا أن خطورة مضاعفات المرض على المدى الطويل أسوأ من الأعراض الجانبية للعلاج ويمكن في حالة التشخيص المبكر وبدء العلاج منع أو تأخير ظهور هذه المضاعفات المزمنة لمرض السكري، مثل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وخلل في وظائف الكلى ينتهي على المدى الطويل بالفشل الكامل للكليتين وضرورة عمل غسيل للكلى أو نقل كلية جديدة من متبرع، بالإضافة إلى مضاعفات في شبكية العين يمكن أن تنتهي بفقدان كامل للبصر بجانب تأثيره على الأوعية الدموية الطرفية والإصابة بالقدم السكري واحتمالية بتر الأطراف.
ونصحت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال الآباء بضرورة متابعة صحة الأبناء ونوعية الغذاء الذي يتناولونه، خاصة إذا كان الطفل لا يمارس نشاطاً بدنياً بشكل كافٍ، سواء في المدرسة أو النادي، خاصة مع شيوع استخدام الهواتف الذكية التي ساهمت بشكل واضح في نقص الحركة للأطفال وزادت من خطورة إصابتهم بالنوع الثاني من السكري. وأوضح الباحثون أن المرض يمكن أن يحدث بشكل تدريجي لا يسبب أعراضاً واضحة وبالتالي يتم اكتشافه بعد فترة طويلة من الإصابة.
يجب على الآباء ملاحظة الأعراض التي يمكن أن تشير إلى الإصابة بالمرض، خاصة إذا كان الطفل يعاني البدانة ويتناول الكثير من الحلويات، مثل زيادة الإحساس بالعطش وكثرة مرات التبول والإحساس المستمر بالجوع حتى بعد تناول كمية كافية من الطعام. ويمكن في بعض الأحيان حدوث مشاكل في الإبصار وعدم وضوح الرؤية وظهور ثنايا الجلد بمظهر داكن أكثر من المعتاد، خاصة حول الرقبة أو تحت الإبطين مع شعور عام بالتعب وتكرار الإصابة بأنواع مختلفة من العدوى. وفي الأغلب لا يحدث فقدان للوزن بشكل مفاجئ في الأطفال في النوع الثاني مثل البالغين.
وفى النهاية، أكد العلماء أن علاج المرض في الأطفال يجب أن يشمل الأدوية والرياضة والنظام الغذائي بجانب الاهتمام بالجانب النفسى أيضاً والتأكيد على أن الالتزام بالعلاج يجعل الطفل يعيش حياة عادية تماماً مثل أقرانه.
الشرق الاوسط