• Monday, 23 December 2024
logo

الحسابان المصرفيان في قانون الموازنة يفقدان إقليم كوردستان السيطرة على عائدات نفطه

الحسابان المصرفيان في قانون الموازنة يفقدان إقليم كوردستان السيطرة على عائدات نفطه

امانج رحيم

 

كيف كان الحساب المصرفي الوارد في مشروع قانون الموازنة الذي قدمته الحكومة؟

مشروع قانون الموازنة الذي قدمته الحكومة لمجلس النواب، والذي كان ثمرة اتفاق مشترك بين حكومة الإقليم وبغداد، كان به حساب مصرفي واحد، وهو حساب باسم حكومة إقليم كوردستان تودع فيه عائدات بيع نفط إقليم كوردستان وكذلك تودع فيه حصة إقليم كوردستان، وتتم تصفية عائدات النفط وحصة إقليم كوردستان من خلال المقاصة.

وسارع البنك المركزي العراقي بكتابه المرقم 3004 في (27 نيسان 2023) إلى الموافقة على أن يكون هناك حساب مصرفي واحد وباسم حكومة الإقليم.

كيف غير مجلس النواب المادة 13 وماذا فعل بالحساب المصرفي للإقليم؟

غير مجلس النواب المشروع الحكومي بالكامل، وحسب المادة 13 من قانون الموازنة العامة العراقية المعروض حالياً على رئاسة الجمهورية، سيكون هناك حسابان مصرفيان بدلاً عن حساب واحد، وتم التصويت على المادة على النحو الآتي:

الحساب المصرفي الأول في المادة 13 المصادق عليها، هو حساب لعائدات 400 ألف برميل نفط يومياً يأتي من الحقول النفطية لإقليم كوردستان، سواء من خلال تصديره أم تصريفه في السوق المحلية في حال عدم تصديره.

هذا الحساب تفتحه وزارة المالية الاتحادية في مصرف محلي بالبنك المركزي العراقي لتودع فيه عائدات نفط إقليم كوردستان ولا يجوز خصمم أي مبلغ منه أو التعامل به بالمقاصة، بل لا يسمح بدفع مستحقات الشركات النفطية وأجور النقل منه، وفي المقابل تغلق الحسابات الحالية لحكومة إقليم كوردستان كلها، ومن بينها حساب Citibank المصرفي الذي كانت عائدات بيع نفط إقليم كوردستان تودع فيه حتى (25 آذار 2023).

هذا الحساب المصرفي الوارد في المادة 13 من قانون الموازنة العامة يكون باسم وزارة المالية العراقية وهي وحدها لديها صلاحية التصرف بهذا الحساب ولن يكون لإقليم كوردستان أي سلطة على هذا الحساب المصرفي، وعائدات النفط المودعة في هذا الحساب تكون عائدات نهائية للخزانة العامة العراقية ولا يحسم منها أي مبلغ.

كم هي العائدات السنوية لبيع 400 ألف برميل من نفط الإقليم يومياً؟

عائدات بيع 400 ألف برميل يومياً من نفط إقليم كوردستان (عند عدم خصم النفقات منها) وفي حال بيع البرميل الواحد بـ70 دولاراً، ستكون نحو 840 مليون دولار في الشهر، أي نحو 1.092 ترليون دينار، وتبلغ هذه العائدات 10.08 مليار دولار في السنة أي حوالى 13.104 ترليون دينار. هذا يعني من جهة أخرى أن إقليم كوردستان يساهم بنفطه في زيادة عائدات الخزانة العامة العراقية بأكثر من 13 ترليون دينار خلال العام 2023.

من المسؤول عن دفع نفقات الشركات النفطية وأجور نقل 400 ألف برميل من النفط يومياً:

إذا لم تسمح المادة 13 بأي نفقات من عائدات نفط إقليم كوردستان، فمن أين ستدفع مستحقات الشركات النفطية وأجور تصدير ونقل النفط ومن المسؤول عن هذه النفقات؟

جاء في المادة 13 أن وزارة المالية في الحكومة العراقية هي المسؤولة عن دفع مستحقات الشركات النفطية وتكاليف إنتاج ونقل تلك الـ400 ألف برميل اليومية من نفط الإقليم، ولهذا الغرض خصصت 3.8 ترليون دينار من النفقات السيادية ضمن الموازنة العراقية، منها 1.4 ترليون دينار كأجور نقل أضيفت إلى حصة إقليم كوردستان، وبهذا سيتم خصم المبلغ من حصة إقليم كوردستان من الموازنة وبهذا ستتقلص حصة الإقليم من 16.6 نرليون دينار إلى 15.2 ترليون دينار.

على أي أساس يتم صرف كلف إنتاج وتصدير ونقل نفط الإقليم؟

الملاحظ هو أنه حتى المبلغ المخصص ضمن النفقات السيادية مقيد بقيد كلفة إنتاج البرميل الواحد من نفط العراق، وليس حسب تعاقدات الإقليم مع الشركات النفطية، وهذا القيد لا يترك أي قيمة لمبلغ الـ3.8 ترليون دينار المشار إليه، فهناك اختلاف كبير بين آليتي احتساب كلف الإنتاج والنقل في كل من بغداد وإقليم كوردستان كما أن عقودهما مختلفة.

النقطة الإيجابية الوحيدة والتي تصب في مصلحة الخزانة العراقية هي أن سومو تقوم ببيع الـ400 ألف برميل من نفط إقليم كوردستان بنفس إجراءات وسعر بيع نفط كركوك من جانبها، وهو سعر أعلى من سعر بيع نفط إقليم كوردستان قبل (25 آذار 2023) بنحو (8-10) دولارات، وهذا لا يغير شيئاً من حصة إقليم كوردستان من الموازنة لأن المحدد هو التزام الإقليم بـ400 ألف برميل يومياً وليس بثمن هذه الكمية من النفط.

العجز في المخصص لنفقات الشركات ونقل نفط الإقليم

المشكلة الكبرى هنا هي أن إقليم كوردستان أنفق منذ العام 2022 فعلياً 6.695 ترليون دينار كنفقات نفطية، بينما خصصت الموازنة العراقية 3.876 ترليون دينار لهذا الغرض، وبهذا يكون العجز 2.8 ترليون دينار لتأمين نفقات 400 ألف برميل نفط وليس هناك أي تخصيصات في الموازنة العراقية ولا يستطيع إقليم كوردستان سد العجز لأن عائداته النفطية لن تبقى تحت تصرفه بل ستكون تحت سيطرة وزارة المالية العراقية، وجاء في المادة 13 أنه لا يجوز استقطاع أي مبلغ من عائدات نفط إقليم كوردستان. وفي حال عدم العثور على مورد لسد هذا العجز، لن تكون الشركات النفطية قادرة على المواصلة وبالتالي سيعجز إقليم كوردستان عن الوفاء بالتزامه، وفي الأخير لن تصرف بغداد أي أموال بحجة عدم الإلتزام النفطي من جانب الإقليم.

ديون مستحقات شركات النفط للأشهر الماضية والمبالغ المدفوعة لقاء البيع الآجل للنفط

لا شك أن على إقليم كوردستان ديوناً عن أشهر السنوات السابقة لتكاليف ومستحقات الشركات والمبالغ المستوفاة عن البيع الآجل للنفط ونقله، وهذا لم يرد لا من قريب ولا من بعيد في قانون الموازنة العراقية ولم يخصص له شيء وليس معلوماً من المسؤول عن سداد تلك الديون والوفاء بالالتزامات المالية المتراكمة للنفط.

الحساب المصرفي لإيداع المستحقات المالية للإقليم بموجب قانون الموازنة

الحساب المصرفي الثاني الوارد في المادة 13 خاص بإيداع المستحقات المالية لإقليم كوردستان بموجب قانون الموازنة، وهذا الحساب باسم حكومة إقليم كوردستان وفي مصرف معتمد محلي تابع للبنك المركزي العراقي، وحق الصرف في هذا الحساب هو للسيد رئيس وزراء إقليم كوردستان أو من يخوله، ويجب قيام وزارة المالية العراقية بتمويل حكومة إقليم كوردستان شهرياً من خلال هذا الحساب، لكن إيداع الأموال في هذا الحساب مرهون بالحساب الأول الذي هو حساب عائدات 400 ألف برميل من النفط والذي هو باسم وزارة المالية العراقية وإن لم ترد أموال إليه ولم يتم الوفاء بالتزام الـ400 ألف برميل، فلن ترد إلى الحساب الثاني أي أموال.

وبهذا وإلى جانب سيطرة شركة سومو على بيع نفط إقليم كوردستان، فإن عائدات بيع 400 ألف برميل تقع تحت تصرف وزارة المالية الاتحادية ولن يكون لإقليم كوردستان أي سلطة على أموال بيع نفطه في الحساب الذي سيفتح باسم وزارة المالية العراقية.

المادة 13 من قانون الموازنة بديلاً عن قانون النفط والغاز الاتحادية وقرار المحكمة الاتحادية

ستصبح أحكام المادة 13 من قانون الموازنة بديلاً عن قرار المحكمة الاتحادية في (15 شباط 2023) ومن الآن فصاعداً تنظم المادة 13 العلاقة النفطية بين إقليم كوردستان والعراق لحين الاتفاق على قانون النفط والغاز الاتحادي، والذي كان يفترض بموجب المنهاج الوزاري لحكومة السيد السوداني أن تقدم مسودة قانون النفط والغاز الاتحادي بعد ستة أشهر من تشكيل حكومته إي في (27 نيسان 2023) إلى مجلي النواب، لكن شهرين مرا على ذلك الموعد وليست هناك أي خطوة جادة في هذا السياق، وحسب خبرتي ورأيي المتواضع فإن التوصل إلى اتفاق مشترك على مشروع قانون النفط والغاز الاتحادي إن لم يكن مستحيلاً فهو صعب جداً، لوجود اختلافات جوهرية في شرح وتفسير وتحليل المواد الدستورية المرتبطة بالنفط، وخاصة المادتين 111 و112 من الدستور اللتين تفسرهما بغداد على أنهما تعنيان أن إدارة ملف النفط في عموم العراق وبضمنه إقليم كوردستان من الصلاحيات المطلقة لوزارة النفط العراقية، وهذه العقلية وطريقة التفكير واضحة تماماً في قرار المحكمة الاتحادية التي تدعم هذه الفكرة، في حين يرى إقليم كوردستان أن إدارة النفط والغاز ليست من الصلاحيات الاتحادية المطلقة، والمادة 13 التي هي للسنوات من 2023 إلى 2025، عادت لتدعم رأي المحكمة الاتحادية بمطلقية السلطة الاتحادية في مجال إدارة ملف النفط في عموم العراق.

الخيارات

خيارات حل تحديات المادة 13 من الموازنة العراقية هي إما اللجوء إلى المحكمة الاتحادية من جانب وزيرة المالية العراقية التي أشارت في بيان إلى نيتها الطعن في القانون لدى المحكمة الاتحادية أو اتفاق وزارتي الثروات الطبيعية والنفط على آلية تحديد نفقات الإنتاج والتصدير والنقل لنفط إقليم كوردستان على أسس مناسبة تضمن إنتاج 400 ألف برميل من النفط يومياً

وقبل كل هذا يجب أن تتفق الكتل الكوردستانية من أجل ضمان الموازنة ورواتب الأهالي، وهذا ليس خياراً بل واجب حتمي.. وبإمكانهم أن يحولوا دون أن يذهب الـ906 مليار دينار المخصص شهرياً لدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والبيشمركة ضحية للخلاف بشأن النفط في حال عدم بيع نفط الإقليم في السوق العالمية أو المحلية، ومادامت شركة سومو تسيطر على تسويق نفط الإقليم وتسيطر وزارة المالية العراقية على عائدات هذا النفط، لم يعد هناك أي عذر تعتذر به بغداد للامتناع عن صرف مستحقات متقاضي الرواتب في الإقليم وعليها أن تعمل بمبدأ المساواة أمام القانون الوارد في المادة 14 من الدستور والتي تمنع ممارسة التمييز ضد الإقليم..

 

 

 

روداو

Top