مراقبون: قرار المحكمة الاتحادية يؤثر على عمل الحكومة .. يجب إبعاد لقمة مواطني الإقليم عن الأزمات
يقول مراقبون وسياسيون عراقيون، إن المواطنين الكورد في إقليم كوردستان لا يجب أن يكونوا جزء من الأزمة السياسية بين الأطراف المتصارعة على السلطة والنفوذ وأموال الفساد، ولذلك فإن قرار المحكمة الاتحادية فيما يخص رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية في الإقليم سيؤدي إلى نشوء أزمة جديدة تؤثر على عمل الحكومة، حيث تسبب القرار بخلافات سياسية جديدة بين حكومة الإقليم والحكومة العراقية الاتحادية.
وتُعد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل من أبرز المشاكل التي تواجهها الحكومات العراقية المتعاقبة، ومن أهم تلك الملفات التي تحتاج إلى حوار وتفاهمات مشتركة، رواتب موظفي إقليم كوردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المعروفة بـ ‹المتنازع عليها›، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم.
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي علي البيدر في حديث إن «البلاد شهدت استقراراً نسبياً، وقرار المحكمة سيخلق أزمة جديدة تؤثّر على عمل الحكومة، والمتضرر الأبرز منه هم المواطنون في الإقليم الذين يجب إبعاد لقمتهم عن أي أزمة سياسية».
وأضاف البيدر، أن «قرار المحكمة صدر في توقيت غير مناسب لأنه سيقضي على فكرة التوافق الجمعي الذي أدى إلى تشكيل حكومة السوداني، و يُقوّض خطوات الحكومة الإصلاحية التوافقية».
وقرّرت الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، السير على نهج الحكومة السابقة ذاته، وإرسال مبلغ الـ200 مليار دينار (حوالي 138 مليون دولار) شهرياً إلى إقليم كوردستان، وأصدرت قراراً منتصف الشهر الحالي يقضي بإرسال 400 مليار دينار عن مستحقات شهرين. وبعد قرار المحكمة الاتحادية، ستتوقف الحكومة عن إرسال أي مبالغ شهرية خلال الفترة المقبلة.
وجاء قرار المحكمة الاتحادية مع قرب وصول وفد جديد من حكومة الإقليم إلى بغداد لإكمال المباحثات بشأن الملفات العالقة بين الطرفين. وكان رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني قد زار بغداد الأسبوع الماضي برفقة وفد رفيع المستوى من حكومته، وبحث مع المسؤولين العراقيين الخلافات والقضايا العالقة بين أربيل وبغداد.
وسبقت ذلك مباحثات أجرتها حكومة الإقليم في بغداد، في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، مع السوداني والقادة العراقيين الآخرين والأطراف السياسية بشأن الملفات العالقة بين الإقليم وبغداد وضبط الحدود.
من جانبه اقترح الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي نبيل جبار التميمي، لحل الإشكالية من دون مخالفة قرار المحكمة الاتحادية، بأن تقوم حكومة بغداد بإقراض حكومة إقليم كوردستان.
وقال التميمي إن «المحكمة الاتحادية العليا سبق وأن أصدرت القرار نفسه بشأن دستورية تحويل الأموال إلى إقليم كوردستان»، معتبراً أنه «كان على أطراف الاتفاق السياسي أن يضمنوا مواداً في الاتفاق لا تخالف الدستور»، حسب رأيه.
ويأمل الكورد بحلّ المشاكل العالقة مع بغداد، لا سيما بعدما وضعوا شروطاً عدة على تحالف الإطار التنسيقي، مقابل القبول بالتصويت على حكومة السوداني، وقد وعد الإطار بحلّها.
وذكرت مصادر من الاطار التنسيقي أن هناك اتصالات تجريها قيادات في الإطار مع قادة إقليم كوردستان لتهدئة الموقف ومنع أي تصعيد في المواقف الإعلامية والسياسية، يمكن على أثرها أن ينهار ويتفكك ائتلاف ‹إدارة الدولة›، كما أن هناك اتصالات مع قيادات تحالف ‹السيادة›، ليكون وسيطاً بين بغداد وأربيل وعدم اللجوء إلى اتخاذ المواقف السياسية الداعمة للإقليم.
وعبر مغردون على توتر عن استيائهم من قرار المحكمة الاتحادية، حيث قال السياسي والنائب السابق مسعود حيدر، إن «قرار المحكمة الاتحادية لا يخدم الاستقرار السياسي في البلد، ويبقي العراقيين في دوامة الخلافات الداخلية التي تضر بالجميع، ويشتت جهود حكومة السيد السوداني لضمان الاستقرار وتقديم الخدمات لكل العراقيين، كما أنه يحرم موظفي إقليم كوردستان من حقوقهم الدستورية باستلام رواتبهم».
كما غردت الصحفية والإعلامية نوال الموسوي، أنه «كان الأحرى منح المجال السياسي لأخذ مداه والوصول إلى تفاهمات سياسية بين المركز والإقليم، كون السياسة مرنة وقابلة للتفاوض عكس القضاء الذي يقطع سبل التفاهم بقرارات باته وملزمة و تؤدي إلى تشنج في المواقف السياسية».
من جانبه قال الناشط سلام الحسيني في تغريدة، إن «قرار المحكمة الاتحادية القاضي بعدم دستورية إرسال مرتبات لموظفي الإقليم قد يُعجل انهيار مايسمى تحالف ‹إدارة الدولة›، وسقوط حكومة الإطار التنسيقي بات وشيكًا في ظل عض أصابع الندم الواضح للمتحالفين معه من السنة والكورد بعد نكثه للعهود والاتفاقات ».