مراقبون: الديمقراطية العراقية في وضع قلق! .. الجهات الأمنية والمسلحون يشكلون خطراً على الصحفيين
حل العراق بالمرتبة الخامسة على مستوى العالم في مؤشر الإفلات من العقاب وفق آخر تصنيف للجنة حماية الصحفيين الدولية (مقرها نيويورك) للعام الحالي 2022، إذ لا زالت السلطات الأمنية والجهات المسلحة في العراق تشكل خطراً على حياة الصحفيين والإعلاميين بسبب الانتهاكات التي تحدث ضد الصحافة والإعلام.
ويرى مراقبون، أن مازاد الطين بلة محاولة البرلمان العراقي التصويت على قانون حرية الإعلام والجرائم المعلوماتية في العراق «سيء الصيت» للحد من الحريات وتحويل البلاد من الديمقراطية والحرية التي كفلها الدستور إلى «دكتاتورية مقيتة».
انتهاكات واعتقالات
وفي هذا الصدد، يقول الكاتب والصحفي عزيز ياور في حديث لـ (باسنيوز)، إن «الجرائم التي ترتكب بحق الصحفيين والمهنيين في وسائل الإعلام مستمرة من دون ملاحقة قضائية».
كما يرى ياور، أن «قانون الجرائم المعلوماتية والذي يحاول البرلمان تشريعه هدفه الأساسي الحد من حرية المعارضين للحكومات والذين يتظاهرون ويحتجون على الأوضاع القائمة في البلد».
ويشيرالكاتب والصحفي إلى أن «القانون يجرم جميع الأنشطة التي سمح بها الدستور العراقي».
ويعتبر تشريع هكذا قانون «تهديداً للصحافة والإعلام»، داعيا إلى «مراجعة القانون ووفق أنظمة وقوانين دولية وبما يتعلق بالحريات العامة».
ويتضمن قانون جرائم المعلوماتية أكثر من 20 مادة أدرجت تحتها فقرات عدّة، نصّت جميعها على عقوبات متفاوتة تصل للحبس 30 عاماً، وغرامات مالية تصل إلى 100 مليون دينار عراقي (حوالي 69 ألف دولار) وركّزت تلك الفقرات على المعلومات الالكترونية، وجعلتها في دائرة الخطر والمساس بأمن الدولة.
ومن أبرز المؤاخذات على القانون المطروح، منح السلطات إمكانية محاكمة المدونين على قضايا مثل إنشاء حسابات الكترونية بأسماء غير الأسماء الحقيقية لأصحابها، وعدم التفريق بين الانتقاد والسبّ للشخصيات العامة والمؤسسات، وكذلك تقييد الوصول إلى المعلومات وحق نشرها، خصوصاً في ما يتعلق بقضايا الفساد. كما يُلزم القانون المطروح من يريد التظاهر إخطار السلطات قبل يوم على الأقل وانتظار الموافقة من عدمها، مع عقوبات مترتبة على المخالفين.
إلى ذلك أصدرت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، تقريرها السنوي الخاص برصد الانتهاكات التي طالت الصحفيين والصحفيات للفترة من من 1/1/2022- 31-12/2022.
وبحسب التقرير، فإن الجمعية سجلت 6 انتهاكات، بالإضافة إلى 60 حالة اعتقال واحتجاز، وحالتي تهديد بالقتل، فضلا عن 12 حالة بين اقتحام ومداهمة وهجوم مسلح، كما دونت 9 إصابات و254 حالة بين اعتداء بالضرب ومنع وعرقلة التغطية.
وأضاف التقرير، أن الجمعية سجلت رفع 9 دعاوى قضائية وأحكام صادرة ومذكرات إلقاء قبض بحق الصحفيين والصحفيات، بالإضافة إلى إغلاق قناة واحدة وتسريح العاملين، كما وسجلت 28 كتابا رسميا للتقييد.
وأكدت الجمعية في مستهل تقريرها، أن «السلطات والجهات السياسية والمسلحة النافذة تواصل الخروقات الدستورية الفاضحة في العراق، إذ وثقنا 380 حالة انتهاك صريحة تنافي المادة 38 من الدستور»، مضيفة: «أدى عدم الاكتراث الحكومي هذا إلى ارتفاع حالات الانتهاكات قياسا بالعام الماضي».
المهنية تعاني في العراق
من جانبه قال الكاتب والصحفي كفاح محمود، إن «الديمقراطية في العراق ماتزال في وضع قلق ومقلق!».
وتابع، أن «المهنية في الصحافة والإعلام تعاني من الحزبية والطائفية والعنصرية».
وأوضح أن «حرية التعبير والتظاهر والاحتجاج لا تعني التخريب وإشاعة الفوضى».
وقال المحامي والصحفي سامان عبدلله لـ (باسنيوز)، إن «تشريع قانون الجرائم المعلوماتية يتعارض مع القانون الدولي والدستور العراقي، وإذا تم تطبيقه فسوف يشكل تحجيماً لحق العراقيين في حرية التعبير والرأي».
كما اعتبر المحامي والصحفي، أن «الانتهاكات التي نشرت مؤخرا بحق الصحفيين والإعلاميين مؤشرات خطرة تهدد حرية الإعلام والصحافة في البلاد».
أما الخبير القانوني علي التميمي، فيعزو استهداف الصحفيين لأسباب عديدة، منها توجهات وسائل الإعلام السياسية، والانتماءات السياسية لبعض منتسبي الأجهزة الأمنية، وثقافة رجل الأمن، إذ إن غالبية منتسبي الأمن بحاجة إلى دورات تخصصية تعزز ثقافة حقوق الإنسان، وتعرفهم بمواد قانون حقوق الصحفيين والاتفاقيات الدولية».
ويؤكد التميمي، أن «الحماية القانونية للصحفيين التي تضمنها قانون رقم 21 لسنة 2011 نصت في المادة الثامنة على أن من يعتدي على الصحفي كمن يعتدي على الموظف أثناء أداء الواجب وفق المادة 229 من قانون العقوبات، وتصل عقوبة ذلك إلى الحبس 3 سنوات».
وحددت بعثة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ‹يونسكو› (UNESCO) في العراق مؤشرات على الإفلات من العقاب تجاه الصحفيين بالعراق تنقسم إلى قسمين، الأول تراكمي ويقيس مجموع جرائم القتل التي بلغت أكثر من 400 جريمة، مع وجود حالات غير معترف بها من قبل الحكومة، حيث لم تؤكد وسائل الإعلام أن الصحفيين القتلى كانوا يعملون لديها.
أما القسم الثاني فهو معني بالمؤشرات السنوية، أن السنوات بين عامي 2020 و2022 لم تشهد أي جريمة قتل للصحفيين، وقد تم حسم 4 قضايا قتل من أصل 5 حدثت عام 2019، الأمر الذي يؤشر إلى أن الإفلات من العقاب بالنسبة لاستهداف الصحفيين خلال هذه السنوات تراجع إيجابيا بنسبة 93%.
اما على صعيد المؤشرات الأخرى، وجدت المنظمة أن المخاطر الرقمية والتهديدات عبر الفضاء الرقمي فاقت نسب الإفلات من العقاب فيها بحدود 95%.
باسنيوز