• Sunday, 24 November 2024
logo

المسيحيون "مرتاحون" بإقليم كوردستان ويطمحون لاعتراف قومي في سوريا ويطالبون تركيا بدعم حكومي

المسيحيون

تعد كوردستان، بأجزائها الأربعة من المناطق التي تتميّز بتنوّعها في الشرق الأوسط، كونها تضمّ العديد من المكونات العرقية والدينية والإثنية.

شبكة رووداو الإعلامية، سلّطت عبر برنامج خاص قدّمته هيفيدار زانا، الضوء على أوضاع المسيحيين في أجزاء كوردستان الأربعة (باشور، روجآفا، باكور، روجهلات)، وذلك للحديث حول مسائل تتعلق بنسبة المكون المسيحي بين شعوب كوردستان في الجهات الأربع، وإلى أي مدى تتم حمايتهم والحفاط على وجودهم الثقافي، وهل يملك المسيحيون دوراً في السلطة أم لا، وإمكانية ممارسة حريّتهم الدينية وتعلّم لغتهم الأم من عدمها.

بهذا الصدد، استضافت هيفيدار زانا، كلاً من جافور أوهاونيان، رئيس جمعية دير الأرمن "سرب غراغوس" في آمد (ديار بكر) بكوردستان تركيا، وقرياقس كورية، عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الآثورية الديمقراطية في مدينة قامشلو بروجآفاي كوردستان (شمال شرق سوريا)، ودريد حكمت، المستشار السابق لمحافظ نينوى في شؤون المسيحيين من مدينة دهوك بإقليم كوردستان.

إحصاءات المسيحيين في أجزاء كوردستان الأربعة

كان عدد المسيحيين في روجآفاي كوردستان وسوريا قبل اندلاع الحرب عام 2011، يبلغ 250 ألف مسيحي (تقديرات مسيحية تقول إنهم كانوا نحو 3 ملايين)، بمعدل 8-10% من الشعب السوري، منهم 150 ألف مسيحي في شمال شرق البلاد، وباتوا يشكلون بعد الحرب قرابة 3-4% من السكان حالياً، حيث انخفض عددهم إلى حوالي 45 ألف مسيحي في روجآفا، ويرتكز غالبيتهم في مناطق حوض الخابور وتل تمر، فيما أُخليت محافظة دير الزور ومدينة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة بشكل كامل من المكون المسيحي.

في شمال كوردستان وتركيا (باكور)، يتواجد نحو 160 ألف مسيحي فيها، فضلاً عن إخفاء بعض المسيحيين لديانتهم، وبذلك يشكلون 0.2% من عدد السكان في الجانبين، وقد كان معدلهم عام 1914، 20-25%، وبعد الإبادة بحقهم، انخفضت نسبتهم عام 1927 إلى 3-5%.

ويمتلك المسيحيون في شمال كوردستان وتركيا، 398 كنيسة، فيما تحوّلت 20 كنيسة منها إلى مساجد.

في السياق ذاته، تصدّر إقليم كوردستان (باشور) القائمة التي احتوت على أكبر عدد للمسيحيين على مستوى البلدان الأربعة، فقد بلغ عدد المسيحيين في إقليم كوردستان والعراق قبل عام 2003، مليوناً و800 ألف نسمة بنسبة تمثيلٍ قدّرت بـ 70%، فيما لم يتبق سوى 300 - 500 ألف مسيحي في الفترة الحالية، بمعدل انخفض إلى 30%.

ونظراً للأزمات السياسية عام 2006، هاجر 250 ألف مسيحي من مدن العراق في الداخل إلى إقليم كوردستان، فيما نزح 138 ألف مسيحي عام 2014 من الداخل العراقي إلى إقليم كوردستان بسبب هجوم تنظيم داعش، وقد هاجر 70 ألفاً من الأخير إلى خارج العراق.

ويبلغ عدد المسيحيين في إقليم كوردستان حالياً 300 ألف شخص، فيما تهاجر 5-6 عوائل مسيحية إلى الخارج شهرياً.

أما في روجهلات كوردستان وإيران، يبلغ عدد المسيحيين وفق احصاءات رسمية للسطات الإيرانية 117 ألف شخص، أما المصادر الرسمية المسيحية هناك، تقول إن عدد المسيحيين في إيران يبلغ 547 ألف شخص.

ويشكل الأرمن غالبية المسيحيين في روجهلات كوردستان وإيران، ويليهم الآثور، وبعدهم الكلدان الذين يرتكزون في أورمية وطهران.

ولدى مسيحيي روجهلات كوردستان وإيران، 600 كنيسة، و3 مقاعد سياسية في السلطة.

"الدولة التركية لا تدعم النشاطات الثقافية المسيحية"

من جانبه، قال جافور أوهاونيان، رئيس جمعية دير الأرمن سرب غراغوس في آمد (ديار بكر) بكوردستان تركيا، إن "غالبية أرمن تركيا يعيشون في اسطنبول، وتنخفض أعدادهم في شمال كوردستان".

وأضاف بأن كنيستهم في سرب غراغوس بديار بكر مغلقة منذ قرابة 5-6 سنوات، وكانت اجتماعاتهم تقتصر خارج الكنيسة، إلا أنهم منذ أقل من عام بنوا كنيسة جديدة هناك.

وأوضح بأن هنالك تواجداً ضئيلاً للمسيحيين في مناطق باطمان، وساسون وخربوت، العزيز، وان، وماردين.

وحول مسألة الحفاظ على حقوقهم كمسيحيين في تركيا وممارسة دورهم في الحياة الاجتماعية، بيّن أوهانيان، أن "السريانيين هم الأكثر عدداً، مقارنة مع الأرمنيين الذين يشكلون حوالي 80 ألف شخص، وتتواجد مكاتب لهم في اسطنبول لممارسة حقهم في تعلم اللغة الأرمنية وثقافتهم وغيرها".

واستدرك بالقول "الدولة التركية لا تقدم المساعدة لتلك المكاتب، وإنما ندعم نشاطاتنا ذاتياً".

وبشأن التمثيل السياسي للمسيحيين في تركيا، أوضح أوهانيان، أن "الأحزاب السياسية في آخر 70 عاماً لم تفسح المجال للمسيحيين، إنما في آخر 7 سنوات، تواجد برلمانيان اثنان إحداهما أرمني وآخر سرياني، ضمن حزب الشعوب الديمقراطي HDP".

رئيس جمعية دير الأرمن سرب غراغوس في آمد (ديار بكر)، أشار إلى أن دورهم كمسيحيين في تركيا "مقيّد".

وبشأن مطالبهم في تركيا وشمال كوردستان، دعا رئيس جمعية دير الأرمن سرب غراغوس في آمد إلى "منحهم الحرية والأمان لممارسة طقوسهم وثقافتهم الدينية، وعدم وضع العراقيل أمامهم، على الرغم من ضآلة عددهم، لأنهم يشكلون لوناً من ألوان البلد، وهم سكان أصليون".

"غالبية المجتمع المسيحي ليس موالياً للإدارة الذاتية"

بدوره ذكر قرياقس كورية، عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الآثورية الديمقراطية في مدينة قامشلو بروجآفاي كوردستان (شمال شرق سوريا)، أن "الأقليات الدينية مثل المسيحيين والإيزيديين والصابئة في العراق يتعرضون إلى اضطهاد في ظل الأزمات، مما يؤدي إلى تناقص أعدادهم".

وعلى اعتبار المنظمة الآثورية الديمقراطية غير منضوية في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، فإنهم لا يمثلون سياسياً ضمن الإدارة، على عكس أحزاب مسيحية أخرى مشاركة في الإدارة وتمارس دورها السياسي في المنطقة.

وعن إمكانية ممارسة حريتهم الدينية وتعلّم لغتهم الأم، أوضح كورية أن "الإدارة الذاتية استخدمت 3 لغات (كوردية، عربية، سريانية)، لكن بالنسبة للتعليم الرسمي، فإن الكورد والعرب والآشوريين ليسوا مؤيدين لطريقة إدارة ملف التعليم في منطقة شمال شرق سوريا، بسبب مسألة عدم الاعتراف بالشهادة"، مبيناً أن غالبية طلاب المنطقة لا زالوا يترددون على مدارس الحكومة السورية.

وفيما يتعلق بالسريانيين المتواجدين في حوض الخابور وتل تمر (مركزهم الإداري)، أشار كورية إلى أنه كان يتواجد في تلك المنطقة "36 قرية مسيحية، بمعدل 25 ألف نسمة، وقد انخفض تعدادهم في فترة الحرب إلى نحو 600 شخص فقط، إذ أخليت قرى كاملة، بينما يتركز العدد الأكبر في بلدة تل تمر بحوالي 200-300 شخص".

وتابع "دُمّرت غالبية الكنائس في تلك المنطقة خلال فترة اجتياح داعش، مما أدى إلى نزوح الأهالي إلى مدن القامشلي (قامشلو) والحسكة، والهجرة إلى لبنان وأوروبا وأميركا وكندا وأستراليا".

من ناحية ممارسة الحقوق الثقافية، بيّن أن مناهج الإدارة الذاتية "غير المعترف بها" تشكل أزمة من ناحية التعليم، لكن ممارسة المسيحيين إجمالاً في سوريا لطقوسهم الدينية "موجود"، إلا أن الحقوق القومية للمكونات المسيحية المختلفة "لم تكن موجودة قبل 2011"، فيما شرّعت حالياً الإدارة الذاتية بعض القوانين بشأنهم لكن الإدارة "غير شرعية" من وجهة نظرهم.

عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الآثورية الديمقراطية في مدينة قامشلو، أكد تعرض المناطق المسيحية إلى "التغيير الديمغرافي"، خصوصاً في محافظة الحسكة، نظراً لانخفاض عددهم إلى 45 ألف.

ومن جانب التواصل بينهم كمسيحيين والإدارة الذاتية، أشار عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الآثورية الديمقراطية في مدينة قامشلو إلى أن "غالبية المجتمع المسيحي ليس موالياً للإدارة الذاتية، لكنه في المقابل ليس ضدها"، وذلك لاعتبارها "سلطة أمر واقع وليست قانونية ودستورية"، على حد وصفه.

وفي ردّه على مسألة هجرة المسيحيين، رأى كورية أن "حالة عدم الاستقرار في سوريا عموماً، واستمرار التوتر في مناطق شمال شرق سوريا، سيؤدي إلى المزيد من الهجرة، بالنسبة لهم وللمكونات الأخرى على حد سواء".

وخلُص إلى أن "الحقوق لا تقاس بعدد الأشخاص، ونعتبر أنفسنا مكوناً أصيلاً في المنطقة منذ آلاف السنوات، لذلك يجب منح الحقوق الدينية والقومية لنا".

"المسيحيون مرتاحون جداً في إقليم كوردستان والفكر المتطرف لا زال موجوداً في العراق"

المستشار السابق لمحافظ نينوى في شؤون المسيحيين، والمقيم في مدينة دهوك، دريد حكمت، قال إن "أكثرية المسيحيين البالغ عددهم نحو 300 ألف العراق حالياً يتواجدون في إقليم كوردستان وسهل نينوى، نصفهم تقريباً في إقليم كوردستان".

وأكد أن وضع المسيحيين في العراق كان أفضل في بداية السبعينات والثمانينات، خصوصاً قبل الحرب العراقية الإيرانية، وقد تراجع وضعهم مع بداية حرب الخليج، فيما أدت ظهور أفكار ومنظمات "متطرفة" بعد 2003 إلى هجرة المسيحيين.

دريد حكمت، أشار إلى امتلاكهم لإحصائية تفيد بأن 1350 مسيحياً قتلوا بعد 2003 وحتى الآن، فيما هاجر نحو 130 ألف مسيحي إلى خارج العراق ونزحوا داخله إلى إقليم كوردستان، ويوجد أيضاً 160 مختطف مسيحي مصيرهم مجهول لحد اللحظة، وهو ما شكّل تأثيراً "سلبياً" على مسيحيي العراق في مسألة أداء الحقوق والواجبات على حد قوله.

وانتقد المستشار السابق لمحافظ نينوى في شؤون المسيحيين، مسألة تطبيق مواد الدستور العراقي الخاصة بالحرية الدينية، بأنها "لا ترتقي إلى المستوى المطلوب".

بخصوص حقوق الشعب المسيحي في العراق، أشاد دريد حكمت بإقليم كوردستان لأنه "أفضل بكثير" مقارنة مع الحكومة الاتحادية.

وربط ذلك بالتمثيل السياسي المسيحي في الحكومتين الاتحادية وإقليم كوردستان، مبيناً أن وضعهم بالنسبة لذلك أفضل في إقليم كوردستان نظراً للاستقرار وتسيير الأمور بشكل سلس، على عكس الحكومة الاتحادية التي تعاني من خلل في هذا الصدد.

وتابع "الوفود الرسمية مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبابا الفاتيكان، تخصّ في زيارتها للعراق، إقليم كوردستان بالذات"، معتبراً ذلك "إشارات إيجابية لجلب الإطمئنان للمكون المسيحي في العراق، إلا أنه يحتاج إلى جهود أكبر"، وفقاً لحكمت.

ومضى المستشار السابق لمحافظ نينوى في شؤون المسيحيين، بقوله "المدارس السريانية في إقليم كوردستان نشطة بكثرة ويرتادها الطلاب، ومادة اللغة السريانية موجودة في مناهجه، لكنها بحاجة إلى دعم أكبر من حكومة إقليم كوردستان، وذات الأمر بالنسبة لكلية اللغة السريانية في بغداد".

أما النشاطات الدينية، فقد أكد بأن العشرات من الكنائس والأديرة في العراق "مفتوحة"، عدا تلك التي دمّرها تنظيم داعش، ويجري حالياً بناؤها وترتيبها للعودة إلى النشاط مجدداً.

وقال المستشار السابق لمحافظ نينوى في شؤون المسيحيين "رسالة للتاريخ، شعبنا المسيحي في إقليم كوردستان مرتاح جداً، ويمتلك كامل الحرية في التعبير عن حقوقه ومعتقداته بدعم من حكومة إقليم كوردستان"، مردفاً "أما بغداد، فإننا نحتاج إلى حالة أفضل من الحالية فيما يتعلق بالمسيحيين".

وذكر دريد حكمت "زرت الموصل قبل أيام، والتقيت برجال دين، لا تزال لدينا مشاكل متعلقة بالفكر المتطرف، علماً أن عدد المسيحيين المتواجدين في الموصل حالياً لا يتجاوز 100 شخص وليس 100 عائلة، ويعاني هؤلاء في المدارس الابتدائية من أمور متعلقة بالفكر المتطرف، وهذا الأمر يحتاج إلى علاج".

وأجاب المستشار السابق لمحافظ نينوى في شؤون المسيحيين على سؤال حول كيفية الحد من الهجرة، والاجراءات المطلوبة من حكومتي بغداد وأربيل بهذا الشأن، قائلاً "أول خطوة هو تأمين الجانب الأمني والسياسي، لإمكانية عودة المغترب والمهجّر، إضافة إلى توفير الوظائف في دوائر الدولة والقطاع الخاص، وإنهاء الفكر المتطرف والاتجاه نحو التعايش المشترك واحترام الآخر".

وطالب حكمت بمعالجة موضوع المهاجرين المسيحيين في مخيمات الدول المجاورة والنازحين في مخيمات الداخل، من خلال تأمين أجواء العودة، وهو مخوّل لوزارة الهجرة والمهجرين والحكومة المحلية وغيرها من الجهات المعنية، لأن المسيحيين في العراق تعرضوا للهجرة عدة مرات.

 

 

روداو

Top