القصف الايراني على كوردستان العراق.. استهداف للمعارضة أم صراع على الطاقة؟
مجاشع التميمي
قبل ايام كنت اشاهد برنامجا حواريا بشأن القصف الايراني التركي ضد السيادة العراقية في اقليم كوردستان العراق وبرأيي كان التحليل عميقاً خاصة من قبل الخبير الأمني أحمد الشريفي، حيث دعا الشريفي إلى قراءة عميقة لهذا الخرق لأن مجريات الاحداث بين العراق وايران واننا لابد ان لا نستسلم لفرضية أن هناك معارضة معارضة مسلحة هي التي اثارت الأزمة فالقضية أكبر واوسع من ذلك، لان هذه المعارضة الكوردية في العراق هي منذ ستينيات القرن الماضي.
التساؤل هنا هو هل الازمة امنية أم أزمة تسلل لمسلحين داخل إيران؟ وهل الموقف الإيراني كان انطلاقاً من تنامي نشاطات القوة المعارضة في اقليم كوردستان أم هناك أمور أخرى؟.
في تقديري أن المعارضة التركية والإيرانية هي بدأت فعليا منذ القرن الماضي وهي نشطة خاصة (بي كي كي) منذ عام 1984. وكانت هناك أزمة في سوريا والعراق بشأن نشاطاتها المسلحة واتهام الاتراك.
بالنسبة لخط التماس الحدودي بين اقليم كوردستان وإيران لا تخضع فقط لازمة المعارضة، لاننا اذا تقبلنا هذه الفرضية واستسلمنا لها فمعنى ذلك أننا نلغي عنصر توازن مهم، فما يجري في خط التماس الحدودي بين العراق وإيران هو ذاته بين إيران واذربيجان. والسؤال هل الاولى اتخذت نفس الاجراء مع اذربيجان كما فعلته مع العراق؟.
ضيوف البرنامج التلفزيوني اعلنوا أن الازمة في جوهرها هي صراع على الطاقة بدأ يتسع في هذه المرحلة وطهران تحججت في أكثر من مرة بملفات الوجود الأميركي والعلاقة مع اسرائيل، لكن الحقيقة هو تنامي دور منتدى غاز شرق المتوسط (EastMed Gas Forum)، هو هيئة تأسست في كانون الثاني 2019 ويقع مقرها الرئيس في العاصمة المصرية القاهرة.
يهدف المنتدى إلى إنشاء سوق غاز إقليمي في منطقة شرق المتوسط، وتحسين العلاقات التجارية وتأمين العرض والطلب بين الدول الأعضاء. والمنتدى يضم اسرائيل كعضو بارز ومهم في المنتدى، وهذا المنتدى حقق نجاحا كبيرا في قضية مهمة هي ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل الذي وُقِّع في 27 تشرين الأول 2022 وكانت بمثابة أعتراف ضمني لبناني باسرائيل لان القبول بترسيم الحدود هو أعتراف بالوجود الاسرائيلي في لبنان.
إن الصراع اليوم هو على الطاقة وخاصة مصادر الغاز ومعابره وهي العقدة والأزمة التي تخلق الاضطربات في منطقة الشرق الأوسط وتنامت هذه القضية بعد أحداث أوكرانيا التي عدت منطقة الشرق الاوسط بديلاً واعداً يمثل أمن الطاقة لاوربا والولايات المتحدة وباتت معايير الطاقة ومصادر الطاقة بالتحديد قضية الغاز حاضرة.
وبالعودة إلى تراتبية أزمة إيران مع اقليم كوردستان فأن أول ضربة وجهت لاقليم كوردستان في الـ13 من آذار الماضي بـ12 صاروخاً استهدفت مناطق متفرقة في أربيل من بينها منزل المدير التنفيذي لشركة "كار" باز كريم البرزنجي، حيث تبنى الحرس الثوري الإيراني وتنفيذ ذلك القصف بذريعة وجود "مقار إسرائيلية" اتضح فيما بعد أنها شركة (كار) للغاز وهي الشركة التي حققت اكتفاء ذاتياً لاقليم كوردستان خلال (18 شهرا) على مستوى انتاج الكهرباء في اقليم كوردستان، والخطورة برأي الشريفي تكمن في ماذا لو طبقت نفس التجربة في العراق بمعنى أنه سيصار إلى حجب الغاز الإيراني للعراق فضلا عن احتمال الاستثمار للغاز العراقي وهو ما يؤمن استقلالية الطاقة، وهذه الاستقلالية هي جزء مهم من استقلالية القرار السياسي، لذلك نحن نقول إن مسألة الاستسلام لفرضية أن القضية هي معارضة وما إلى ذلك غير صحيحة، لان المعارضة الايرانية موجودة أصلا منذ عقود في كوردستان العراق واغلب الدول المجاورة للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
روداو