هل يؤثّر الضغط النفسي على زيادة الوزن واحتباس المياه في الجسم؟
حالات الضغط النفسي (stress) التي يعيشها الناس، تؤثّر حتماً على صحّتهم على جميع المستويات. الأمر لا يتعلق بأزمة أو هموم حياتية، فقد يعود السبب لأسباب نفسية منذ الطفولة كذلك. ومن تداعيات الضغط النفسي، أو "مرض العصر" كما يُسمّى، السمنة وزيادة الوزن، ولو أنّ لهذه المشكلة أسباباً أخرى أيضاً.
كذلك، تظهر مشكلة احتباس المياه في الجسم، نتيجة للضغوط النفسية، إلى جانب عوامل أخرى مساهمة طبعاً.
نعرض في هذا المقال كيف تنعكس حالات الضغط النفسي على زيادة الوزن، ولا سيما احتباس المياه في الجسم، الذي يزيد من وزن الجسم، كما تفعل الدهون.
توصي الدراسات الكندية الجديدة، بأن يبادر الطبيب إلى تطبيق مقاربة الـ5A تجاه المرضى الذين يعانون السمنة أو الوزن الزائد.
وتقتصر الخطوة الأولى منها على سؤال المريض ماذا يريد من الطبيب. وتقتصر الخطوة الثانية على تقييم حالة المريض لمعرفة أسباب السمنة، فللسمنة أسباب وخلفيات عديدة.
أمّا الخطوة الثالثة، فهي الحكم على المريض بأهداف واقعية، والخطوة الرابعة هي مساعدة المريض وتوجيهه للطبيب المختص لعلاج سبب مشكلته، وصولاً إلى الخطوة الخامسة التي يقرّر فيها الطبيب حكمه النهائي تجاه حالة المريض. هذا ما تشرحه الدكتورة كارول سعادة رياشي، الاختصاصية في أمراض الغدد والسكري والدهنيات.
وفي إطار الحديث عن علاقة الضغط النفسي بزيادة الوزن، علينا أن نعود إلى الخطوة الثانية من هذه المقاربة. فأولاً، على المريض أن يطلعنا على أيّ مشكلة يعانيها بالغدد، ومن بعدها قد يلجأ الطبيب إلى الفحوص المخبرية.
وتوضح رياشي أنّه إن كانت هذه الفحوص سليمة، فهنا نلجأ إلى البحث في الجانب النفسي، لأنّ للسمنة دائماً أكثر من سبب، و"لا تنتج عن سبب بيولوجي بحت. فمقولة أنّ الوزن ينقص من خلال تقليص كمّية الطعام وممارسة الرياضة أكثر هي غير صحيحة".
فاضطرابات النوم هي أيضاً سبب لزيادة الوزن، كذلك الضغط النفسي، والتفكير بالأفكار السوداوية وتناول بعض أدوية الكورتيزون والمضادة للاكتئاب. وهناك علاقة تأثير متبادَل بين السمنة والضغط النفسي. فالسمنة تولّد الضغط النفسي، والضغط النفسي يزيد من خطر الإصابة بالسمنة، أي إنّ كلّ عامل يغذّي الآخر، بحسب رياشي.
أمّا من ناحية الهرمونات، فإنّ نسبة مرتفعة من الهرمونات المسؤولة عن الضغط النفسي، تؤثّر سلباً على الجسم وتجعله قابلاً لزيادة وزنه.
لكن تلفت رياشي إلى أنّ هرمونات الضغط النفسي هذه لا تؤدّي وحدها إلى زيادة الوزن، بل إن لدى بعض الجينات العائلية استعداداً لزيادة الوزن، بمعزل عن ارتفاع هرمونات الضغط النفسي.
وبرأي الدكتورة، قليلون جداً هم الأشخاص الذين يتمتّعون بزيادة في الكتلة العضلية مقابل المياه والدهون.
أمّا في ما يتعلّق باحتباس الماء في الجسم، والناجم عن الضغط، فكلّ شخص يشتكي من السمنة، لديه زيادة في الماء والكتلة الدهنية في جسمه، وفق رياشي.
وتشير إلى أنّ هذه الحالة تصيب معظم النساء بعد عمر الخمسين، ومع انقطاع الدورة الشهرية. وهنا مثلاً، نتحدّث عن زيادة في الوزن ناتجة عن الضغط النفسي. وعلاجها يكمن في شرب الماء وممارسة الرياضة بشكل أساسي، ولا سيما المشي السريع من 30 إلى 45 دقيقة.
الضغط النفسي أحد أهمّ أسباب زيادة الوزن
بالانتقال إلى الجانب النفسي لحالات زيادة الوزن، يتّجه عامةً الشباب والشابات، ولا سيما الفتيات، إلى تناول الطعام في حالات الضغط النفسي، ويلجؤون إلى عيادات العلاج النفسي وهم يعانون من الرغبة الزائدة في تناول الطعام في هذه الفترات، وتُسمّى هذه الحالة الـhyperphagie. هذا ما تشرحه الاختصاصية في العلاج النفسي العيادي كارمن حريق.
واضافت أنّ الشخص الذي يعاني من هذه الحالة، يجد متعة سريعة من خلال الطعام، تخفّف عنه من الضغط النفسي، وقد لا يدري أنّه يعيش ضغطاً نفسياً أحياناً، ولا يدري لماذا يأكل دون انضباط، ويتناوب على تناول جميع أنواع الأطعمة، ويكون السبب هو الضغط النفسي نتيجة مشكلة في الطفولة أو مشكلة آنية. وعندما لا يدري الشخص أنّه يعاني من ضغط نفسي معيَّن، وبعد تناول هذه الأطعمة كلّها، يشعر بالذنب والحزن، ويدخل في دوّامة ضغط نفسي جديدة ناجمة عن الشعور بالذنب لتناوله الطعام.
ورغم أنّ هناك أشخاصاً أحياناً لا يأكلون أو يتناولون الطعام بكمّية قليلة جداً، يكسبون الوزن كذلك. وعن هذه الحالة، تشرح حريق أنّ الأشخاص الذين يعانون ضغطاً ما، يفقدون أحياناً الرغبة في تناول الطعام، وينظرون إلى الأمور بطريقة سوداوية ويعطون المشكلة أكبر من حجمها ولا يستطيعون التعامل مع واقعهم. ويشكّل الامتناع عن تناول الطعام هنا وسيلة غير مباشرة وهي طريقة لاواعية، للتعبير عن حالتهم النفسية.
معالجة أسباب الضغط النفسي أولاً
كذلك يرتبط موضوع زيادة الوزن واحتباس المياه في الجسم الناتجين عن الشعور بالضغط النفسي، بالتغذية. لذلك ترى اختصاصية التغذية السريرية، عبير أبو رجيلي، أنّ الضغط النفسي يرفع من هرمون الكورتيزول المسؤول عن الضغط النفسي، ما يعرّض الشخص أكثر لزيادة الوزن.
لذلك تنصح أبو رجيلي بمحاربة أساس المشكلة وهو الضغط النفسي، عبر ممارسة الرياضة وكل الهوايات التي يحبّها الشخص.
أمّا احتباس المياه في الجسم، فله أسباب عديدة منها الضغط النفسي، وكثرة تناول الملح وقبل حلول الدورة الشهرية ولدى انقطاعها، والوقوف والجلوس لفترة زمنية طويلة، ومشاكل الكلى والكبد، إلى جانب تفاعلات بعض الأدوية على الجسم.
ويمكن معرفة نسبة هرمون الكورتيزول بالدم من خلال الخضوع لفحص مخبري، وفق الاختصاصية، إذ تؤكد أنّ هناك دلائل ظاهرية على احتباس المياه في الجسم كتورّم اليدين والرجلين وانتفاخ على محيط البطن.
وعلى الشخص الذي يزيد وزنه بسرعة، بحوالي كيلوغرامَين يومياً على الميزان، التفكير باحتباس المياه في جسمه.
بعض النصائح للحدّ من احتباس المياه في الجسم، وفق أبو رجيلي:
- شرب 8 أكواب يومياً على الأقل
- التركيز على الفاكهة الغنية بالمياه وأبرزها البطيخ
- تناول اللبن المنخفض الدسم وغير المملَّح
- تناول المأكولات الغنية بالألياف
- تناول الثوم الذي يحتوي على نسبة عالية من الصوديوم
- تناول الأطعمة الغنية بالفيتامين B6 كالموز والجوز والبطاطا والحمص
باسنيوز